الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاثين يساوي ثلاثة

فرياد إبراهيم

2016 / 1 / 16
كتابات ساخرة


ثلاثين يساوي ثلاثة

بقلم فرياد إبراهيم

نحن كثيرا ما نبالغ في القول وبدافع التأثير على السامع دون ان نعي ما لهذا الأمرمن أثر سلبي على المتحدث والسامع على السواء.
لقد بالغ العراقيون في كيل المديح الى الرئيس المجنون ونعتوه بصفات لا يتميز بها حتى الانبياء. منها الكريم ، العزيز ، العظيم– ثلاثة اسماء من اسماء الله الحسنى، الضرورة، الذهب، حفظه الله ، رعاه الله، أدام الله ظله، الفارس، المغوار، بطل الأمة، حفيد رسول الله، المهيب....
رفعوه رغما عنه الى السماء الثانية والتي التقى فيها نبي العرب بنبي الغرب في ليلة المعراج . المسكين - وهو في القمة - إحتار كيف ينزل أو يتنازل. لأنهم رقوه بلا سلالم فسقط سقطة لم ينهض منها.
وفي المناوشة المائية الأخيرة بين تركيا واسرائيل بالغ الناس بالثناء على الدولة المسلمة حتى حدا بأحد الكتاب إلى تسمية أوردوغان بحفيد السلطان . علما أنّ المستغيث بالسلطان كالمستغيث من الرمضاء بالنار.
وافترض إفتراضا أنه لو وهبت السعودية من ريع زيارة الحجر الاسود السنوية البالغ ملايين الدولارات الامريكية مبلغ ألف دينار سعودي لأطفال فلسطين لصار العدد غدا على الأفواه والصحف مليونا.
نصحت ابني يوما: لو جاء احدهم ودق بابنا بأنه قد شب حريق في بيت جاري وأن النار قد أتت على معظم البيت فهب لنجدته فورا ولكن إياك ان تنفعل أو تفزع. فكلما حدث ان وكر دجاج الجارة وقع فيه عقب سيجارة فاحترق السقف منه والخسائر دجاجة ونصف بيضة. اما الديك فلم يصبه سوء لأنه كان في تلك الأثناء يغازل فروجة شقراء ماجنة في الحقل المجاور.
ولو اوقفك إحدهم أثناء سيرك على الشارع واشار الى شجرة محذرا إياك أن وراءها يختبأ حيوان فلا تخف ولا ترتبك فكلما حدث ان هبة ريح هزت بعض الأغصان .
لو صرح احد اصدقائك ان الفقر قد حول نصف عدد سكان مصر الى فنّان ومغني ورقاصة فإنما عنى في الحقيقة الربع.
حتى أنّنا في افعالنا لمبالغون كثيرا. فلو أمر السلطان بقطف تفاحة من الشجرة لأقتلعنا له الشجرة من الجذروالأصل من أجل مرضاته والتزلف إليه.
وناهيك عن كلام الشعراء الذي تجعل الحبّة كُبّة- المثل البغدادي-
وكل ذلك يحسبونه هيناً وهو عند الله عسير.
والله ان الأمر لخطير. فالمبالغة تعطي في مجملها صورة مشوهة عن الواقع ولذلك تأتي معالجة الأمور ناقصة شوهاء عرجاء عمياء.
رحم الله ابي – وموتاكم- إذ قال لي يوما: ابني لو جاءك احد برقم ألف 1000 فاحذف منه صفرا او صفرين- وهذا ما افضله- من على اليمين إذا أردت الرقم الصحيح.
وكان يفعل ذلك عندما كان يقرأ الأرقام في الجرائد:
- امرأة ولدت عشرة توائم جميعهم يتمتعون بصحة جيدة . فكان يتمتم مع نفسه: انهما اثنان ، وربما عاد أحدهما الى رحم أمه هربا من الزمان فبقي واحد.
- ان عدد العراقيين الذين ماتوا قتلا في القصف الامريكي هو خمسمائة الف شهيد. فكان يحلف لنا انه لم يتجاوز ثلاثمائة ألف!
- وأن عدد العراقيين الذين قتلهم حصار بل كلنتن وزوجته الشقراء - المسامحة جدا لفضائح رجلها الأنيق جدا- يربو على نصف مليون بسبب الامراض وسوء التغذية . وان حالات السرطان التي احدثته اشعاعات صوارخ بوش قد بلغت ثمانمائة ألف والرقم في تزايد مستمر.
حينها وثب أبي من كرسيه وصاح : واعجباه، لأول مرة أجد كلاما لا مبالغة فيه ولا مغالاة!
ثم رفع رأسه و يديه إلى السماء وبكى .
فرياد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت


.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال




.. صباح العربية | نجوم الفن والجماهير يدعمون فنان العرب محمد عب


.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي




.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء