الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صفعة مدوية لليسار الإسرائيلي الواهم... ‏

شاهين خليل نصّار

2016 / 1 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في الفلك السياسي الإسرائيلي ليس غريبا أن نسمع تصريحا من أحد أعضاء الكنيست أو الحكومة يشن فيه هجوما أرعن على العرب ‏الفلسطينيين في الضفة الغربية أو غزة أو القدس أو في الداخل (مناطق الـ48، داخل حدود الخط الأخضر). وليس غريبا أن تُهاجم ‏مؤسسات عربية فلسطينية كمساواة أو عدالة وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني العاملة لتحصيل حقوق العرب الفلسطينيين في ‏اسرائيل. وليس متسهجنا ان يقوم أي سياسي يميني طموح بالتهجم على أحد أعضاء الكنيست (البرلمان الاسرائيلي) العرب الذين يمثلون ‏شعبنا في السلطة التشريعية.‏
لكن المستغرب هو أن تتعرض مؤسسة يسارية اسرائيلية مكوّنة من جنود سابقين في جيش الاحتلال لهجوم كهذا، ولكن ذلك لأول وهلة ‏فقط. فعندما نعي أن هذه الجمعية تعمل ضد الاحتلال الاسرائيلي يصبح الأمر اعتياديا بعض الشيء.‏
ولا أقصد هنا الهجوم على مؤسسة بتسيلم التي تعنى بفضح جرائم الاحتلال في الضفة الغربية والقدس الشرقية والتي أحرق مقرها في ‏القدس الأسبوع المنصرم، بل أقصد الهجوم الذي تتعرض له جمعية "نكسر الصمت" اليسارية وهي جمعية لخريجي جيش الاحتلال ‏الإسرائيلي الذين ندموا على الجرائم التي كانوا ربما شركاء بها بحق شعبنا الفلسطيني أو شاهدين عليها أو لمجرد خدمتهم في الجيش، ‏وباتوا اليوم يقدمون المحاضرات ويقيمون الندوات للجمهور الاسرائيلي عموما (اليهودي) وللجنود الحاليين في جيش الاحتلال، فيتحدث ‏كل جندي سابق عن تجربته الشخصية في البزة العسكرية وعن انتهاكات حقوق الانسان بحق الشعب الفلسطيني.‏
إنهم ما يُعرف باسم اليسار الصهيوني، ذاك اليسار الذي لم يرَ أي مشكلة أخلاقية بأداء الخدمة في صباه بجيش الاحتلال، ولم يعتبر أن هناك ‏شعبا كاملا يرضخ تحت براثن الاحتلال وأنه هو الاداة لهضم حقوقه وسلب ممتلكاته وانتهاك قدسية هؤلاء البشر. إنه ذات اليسار الذي ‏يقال عنه بالعبرية "י-;-ו-;-ר-;-י-;-ם-;- ו-;-ב-;-ו-;-כ-;-י-;-ם-;-" أي بمفهوم (نطلق النار أولا وبعدها نبكي ونندم).‏
هناك من يدعي أن مصدر قوة هذه المنظمة هو قدرتها على استعراض شهادات عن الروتين اليومي للاحتلال أمام المجتمع الاسرائيلي، ‏وفعلا هذا ما تقوم به، مجرد وصف وعرض، لا تعترض، لا تقف بوجه الظلم والقمع وتصرخ بوجه الظالم والمعتدي والقامع والمحتل، ‏بل تعرض بهدوء.‏
في الماضي كانت هذه المنظمة تحظى بالشرعية الايديولوجية من جيش الاحتلال نفسه الذي يدعي دوما انه أكثر جيش أخلاقية في العالم، ‏هي الشرعية ذاتها التي تُمنح للمقاتلين والمحاربين بجيش الاحتلال بحجة الدفاع عن دولتهم. يتناسى هؤلاء أنه لا شرعية للاحتلال أصلا، ‏بالتالي لا شرعية للخدمة في جيش يطبق عمليا هذه السياسة.‏
المثير في القضية هو أن حتى من كان يتوهم يوما بأنه يحظى بشرعية ما في المجتمع الاسرائيلي، استفاق مؤخرا لواقع مغاير، لواقع بات ‏هو نفسه يتعرض للهجوم من تيارات الصهيونية شتى. فحتى احزاب اليسار الصهيوني التي كانت ترعاه وبالأخص حزب العمل الذي ‏وقّع على معاهدات أوسلو لم تنبس ببنت شفة دفاعا عن ابنها الشاطر، الذي ندم على فعلته وعلى خطاياه الكثيرة.‏
مشكلة هذا اليسار الصهيوني تكمن في أنه في ظل التحريض المستعر من اليمين الحاكم لا تسلم الجرة. فعندما كان الهجوم على أعضاء ‏الكنيست العرب صمت، وعندما هاجموا كل متضامن مع الشعب الفلسطيني صمت، وعندما هاجموا اليسار العربي الفلسطيني داخل ‏اسرائيل صمت، وفي كل مرة يتعرض فيها أحد رافضي الخدمة العسكرية الإجبارية من اليهود كان أو من الدروز (الملزمين بالخدمة ‏العسكرية) صمت. ‏
إنها النخبة الحاكمة البيضاء، إنها النخبة التي بدأت الاحتلال وحلمت بأن تصنع دولة على كامل الأرض الفلسطينية وزيادة، هي النخبة ‏ذاتها التي تيّقنت في يوم من الأيام أن هذا ليس الحل، أن مصير الاحتلال الى الزوال، وحاولت دق ناقوس الخطر لبقية أفراد هذه النخبة.‏
فها هم يتذوقون الآن طعم الديمقراطية التي حلموا فيها والتي سعوا لبنائها وشقوا طريقهم متوّهمين أنهم بالفعل بنوا مجتمعا علمانيا لكنهم ‏استفاقوا لواقع تستفشي فيه الفاشية بوتيرة خيالية، ومصدرها من أعلى منصب في الدولة، ومن قلب الحكومة!‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في شمال كوسوفو.. السلطات تحاول بأي ثمن إدماج السكان الصرب


.. تضرر مبنى -قلعة هاري بوتر- بهجوم روسي في أوكرانيا




.. المال مقابل الرحيل.. بريطانيا ترحل أول طالب لجوء إلى رواندا


.. ألمانيا تزود أوكرانيا بـ -درع السماء- الذي يطلق 1000 طلقة با




.. ما القنابل الإسرائيلية غير المتفجّرة؟ وما مدى خطورتها على سك