الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هيلدا Hilda

خلدون الشامي

2016 / 1 / 17
حقوق الاطفال والشبيبة


على مدار عام كامل بشتائه وربيعه كانت "هيلدا" تغادر جامعتها في بيروت الى الجنوب، لتقضي يوم عمل كامل في عيادة خيرية بأحد مخيمات اللاجئين، تساعد كبار السن والنساء في التنقل والرعاية الطبية.. وفي صبيحة اليوم التالي تقدم “هيلدا” حصتين لأطفال ذات المخيم، واحدة في اللغة الفرنسية والثانية في العزف على كمانها الصغير، تنهي زيارتها الاسبوعية بجولة مع تلاميذها، تلعب معهم يوما وتشاركهم طعام إفطارهم -الذي لا يشبه افطارها "الكونتينينتال" في بيوتهم يوما اخر.. بعد الظهيرة تغادر "هيلدا" مخيم اللجوء باتجاه بيروت في سيارة "سيرفيس" لتعود من جديد في عطلة نهاية الاسبوع..

تطوع حالة تلامس الواقع بكل جزئياته.. التفاصيل بكل اختلافها والوانها.. اقرب لحاجة المجتمع، لنقاطه الاقل حظا ثقافيا واجتماعيا وماديا، تعبير عن ترجمة حية "للاغاثة".. اغاثة النفس والفرد واغاثة البناء الاجتماعي الناتج عن تراكم اغاثة الافراد لتصل لجهد المجموعات والمؤسسات، لكن فقدان هذا الاخير لا ينهي قدرة الفرد على الاغاثة...

ينتقل التطوع في بيئات الشرق لحالة بعيدة عن قيمته، مجموعة من المشاركات في ظروف فندقية بعيدا عن جوهر الاغاثة تمهيدا للتنمية، لا تحدث تغييرا عملانيا عضويا في مكتسبات الفرد والبناء الاجتماعي.. لا تزال في مجملها حالة مكررة لا تلامس حاجة الافراد في بيئات الضعف.. بل اصبحت فرصة لتكسب افراد وبالون من مؤسسات براقة الاسماء. إن اجمل ما في التطوع من حس ان تدرك حقيقة اللحظة التي تقصد فيها مساعدة "ضعيف" او تمكين حضوره انما تساعد ذاتك. الضعفاء هم اقدر الناس على العطاء ومنح السعادة للاخرين.. انك في ذات اللحظة التي تغادرهم تشعر كم غيروا من قيمة الاشياء والمعادلات والعلاقات التي عشتها طويلا لا تعرف لها من قيمة! كم منحوا عقلك من صور، تنقذك من عالم بارد ومجتمع يكرر ذاته من غير توقف ولا وصول في تفريق بين مصلحة الفرد والمجتمع، ومكتسبات الفرد والآخر، وتفريق بين الأخذ والعطاء!!

"هيلدا" لم تكن تدرك أنها لن تستطيع ان تتوقف عن السفر باتجاه الجنوب اسبوعيا، كانت تحس انها تأخد في كل مرة اضعاف ما تعطي.. لم تكن تعمل في اطار منظمة اغاثية بهيكل اداري واسع!! كانت فتاة واحدة تقدم ما لديها بكل بساطة ضمن برنامج واضح اعدته ذاتيا.. في بيئة ومجتمع محروم وبائس وبلا مقومات حياة.. لم يجبرها احد على ذلك.. لم تكن تملك الا علاقات محدودة وبسيطة، تجمع من زملائها دولارات بسيطة لشراء اقلام "وشوكولا" لتلاميذها.. عملت في اطار المساعدة الطبية وهي طالبة "انثروبولوجي"!!.. مع كمان ودرس في اللغة الفرنسية..

ليس هذا كل شيء! هيلدا كانت فقط في الـ 19 من عمرها، لم تعرف من العربية سوى كلمتين "صباح الخير حجّه"، وأسماء قرى ومدن تلاميذها الصغار في "الجليل الأعلى" كما علموها.. لم تسمع يوما قبل زيارتها للشرق الاوسط عن مخيمات لجوء اصبحت قدرا لاهلها ومقاما!0
.."هيلدا" طالبة فرنسية





** أكاديمي، أستاذ الفيلم الوثائقي والاعلام المرئي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إخلاء مركز للمهاجرين في تونس ومظاهرة لترحيلهم ورفض توطينهم


.. الأمم المتحدة: دارفور معرضة لخطر المجاعة والموت




.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بإبرام صفقة تبادل فورية


.. طلاب نيويورك يواصلون تحدي السلطات ويتظاهرون رفضا لحرب غزة




.. نقاش | اليمن يصعد عملياته للمرحلة الرابعة إسناداً لغزة ... و