الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تبيعوا قناة السويس مرة أخرى

هويدا طه

2005 / 11 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


استقبل المشاهدون العرب قناة الحرة عند انطلاقها بموقف (نفسي- سياسي) بسبب فجاجة تصريحات الأمريكيين بأن الهدف منها (التودد إلى الشعوب العربية)، بينما وفي ذات الوقت كانت وما زالت القنابل الأمريكية تمطر على العرب في العراق، والدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل ما زال يسلب الفلسطينيين القدرة على المناورة لنيل الحد الأدنى من حقوقهم، وغير ذلك من المظالم الأمريكية الموزعة على أرجاء العالم، لذلك كان الموقف النفسي العربي تجاه تلك القناة يتسم بالحذر حتى عند أكثر المراقبين العرب موضوعية، الآن.. صحيح أن القناة ليست مبهرة على كل حال.. لكن بشيء من المراقبة فإن بعض البرامج التي تمر فيها تتسم بقدر من الموضوعية لا بأس به، عرضت الحرة برنامجا وثائقيا عن تاريخ قناة السويس، فنيا ً.. كان البرنامج جيدا ومحترفا، سياسيا ً.. تناول البرنامج تاريخ القناة حتى لحظة تأميمها عام 1956، أي قبل حلول الهيمنة الأمريكية على مصر محل الهيمنة البريطانية.. التي دق تأميم القناة آخر مسمار في نعش إمبراطوريتها الاستعمارية، لذلك لم تواجه فضائية الحرة (مأزق) الاضطرار لإصدار حكم على السياسة الأمريكية، ما يلفت النظر في هذا البرنامج- إضافة إلى لمسة التعاطف مع ديليسبس المصمم الفرنسي لمشروع قناة السويس من حيث كونه عالما مهندسا فذا- أنه قام بتعرية السياسة الأزلية لنظم الحكم المصرية المتعاقبة.. التي يجمعها قاسم تاريخي مشترك هو (احتقار) المواطن المصري واستعباده وسرقة حقوقه، عرض البرنامج كيف أن المصريين حفروا القناة بالسخرة.. ثم لم يطالهم منها طائل.. تقاسم أرباح القناة في البداية الفرنسيون والخديوي إسماعيل.. الذي أسرف في مظاهر البذخ على نفسه وهو يحكم شعبا جوعانا حتى اضطر لعرض أسهم مصر في شركة القناة للبيع.. وكانت بريطانيا متربصة بالقناة وبفرنسا منافستها الاستعمارية التقليدية حينذاك، فاشترت أسهم مصر في قناة السويس واشترت معها مصر ومصرييها، باع الحاكم المصري قناة السويس فأدى بيعها إلى احتلال بريطاني لمصر تطلب جلاءه عنها أكثر من سبعين عاما، قرار التأميم كان نقطة فاصلة في تاريخ (رؤية الحاكم المصري) لكرامة هذا البلد وحقوق مواطنيه، فظلت (عودة) ملكية القناة لمن حفروها في أرضهم تمثل رمزا للكرامة، ولم يتصور أحد أبدا أن يعود الزمن إلى الوراء فيحل على مصر يوم تتردد فيه الأنباء عن محاولة الحكومة المصرية الحالية بيع قناة السويس مرة أخرى.. تحت اسم مراوغ يدعى (الخصخصة)، تستدعي كل تاريخ مصر وتاريخ قناتها من أعماق وعيك وأنت تتابع البرنامج.. تلمس مرتعشا مدى كارثية وخطورة أن يمتلك الأجنبي مرة ثانية ولو سهما واحدا في تلك القناة.. أيا وكيفما كان.. دولة أو شركة أو أفرادا، تستدعي حتى تراثا شعبيا يستهجن هذا النوع من بيع الأوطان.. في صورة حكاية شعبية تسخر من عّواد.. الفلاح الذي باع أرضه (عواد باع أرضه يا ولاد.. شوفوا طوله وعرضه.. يا ولاد)، المخيف في تلك الحكاية الشعبية أن الإدانة جاءت.. بعد إتمام البيع! والسؤال المقلق هو ماذا لو باعت حكومة مصر الحالية قناة السويس فعلا.. باسم الخصخصة أو الانفتاح أوعولمة الأوطان كما عولمة الأسواق؟! كيف سيحمي المصريون قناة السويس من البيع وهم العاجزون.. ليس فقط عن حماية أنفسهم من بطش تلك الحكومة.. بل حتى عن حماية مجرد.. صندوق اقتراع؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -السيد- حسن نصر الله.. رجل عاش في الخفاء وحوّل حزب الله إلى


.. عاجل | حزب الله يؤكد مقتل حسن نصر الله في الضربات الإسرائيلي




.. عاجل | الجيش الإسرائيلي: نحن في حالة تأهب قصوى وهذا ما سنفعل


.. القبة الحديدية تعترض صواريخ في سماء رام الله أطلقت من جنوب ل




.. ‏عاجل | حزب الله: استشهاد حسن نصر الله