الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قبل النهاية / قصة قصيرة

محمد الطيب بدور

2016 / 1 / 18
الادب والفن


منذ فترة تعاظم شروده...كأنه فقد تدريجيا الاحساس بالمكان...بالمحيطين به...بأصدقائه ...و حتى بمن يقاسمهم همومه ...
لم تكشف الفحوص الطبية علة واضحة...أما الأدوية التي يتناولها و التي ينسى مواعيدها أو لا يهتم بها فانها لم تجد نفعا..و حتى تلك الأماكن التي قصدها بالحاح من أقاربه و عائلته ...فانها هي الأخرى ضاعفت عزلته...لذلك عاد ...منهوك القوى...لا يريحه سوى أن ينفرد بوحدته في غرفته....و يتلهى بالقراءة....لكنه سرعان ما كان يتعب...يتقلب....و يغادر المنزل....ثم لا يلبث أن يعود...لبجلس طويلا أمام مكتبته...
يتأمل...شيئا حرص على اخفائه طوال مكوثه....ذلك هو زمنه الذي يشعره بالحياة...
أمر لفت انتباه كل المحيطين به...أعيتهم محاولاتهم للخروج به من حالته تلك ...يتساءلون...يسألونه و لكنه لايجيب...يكتفون بابداء القلق و الحيرة...و يتهامسون أحيانا....دون اجابة واضحة....فالرجل يهزل كل يوم...و تبدو عليه علامات الاجهاد...حتى أنه..خير النوم ...طيلة اليوم ...و السهر ليلا يقلب صفحات الكتب..
حتى جاء يوم...عجز فيه عن أن يستجيب لأي شيء..يكتفي بتناول العصير و الماء....القليل فقط بعرفون أن تنهيده لا ينقطع...و أنه خلال فترات استرخائه و نومه كان ينادي اسما...ظنوه قريبا أو صديقا...أمر لم يعد خافيا....طلبوا منه من يكون صاحب الاسم...فكان ينكر..و يتوارى وراء بقية من كبرياء...و بملامح تضيع خلف الحياء......
انتشر خبر مرضه....و كثر زواره...لم يكن يدرك جيدا ما حوله....حتى أنهم اقتنعوا بقرب فراقه...وسط عجزهم و غرابة اصراره على الكتمان و الاستسلام.....
و ذات صباح...زاره صديق...و مكث معه طويلا بغرفته....عند خروجه كان يداري دموعا..لم ينجح في اخفائها...عيناه تمسحان شاشة هاتفه..يبدو أنه على أهبة الاتصال بصديق أو قريب.....بعدها سكنت حركة الرجل الا من عينين يتأمل بهما السقف و الجدران...و نفس ضعيف....طلب من الجميع أن يتركوه لوحده
و أن ينتظروا فقط حاجته في الوفت المناسب....
و جاء المساء...كل من رآه أو زاره لفترة قصيرة تأكد تقريبا من أنه سيفارق الحياة....القليلون تأكدوا من أنه ينادي اسما...متداولا...لا يعني شيئا..بالنسبة اليهم... ..
و فجأة رست سيارة...نزلت منها سيدة...بملامح جادة ...جميلة المظهر ...و بنظارات سوداء على عينيها...توجهت الى أول امرأة صادفتها...تحدثت معها قليلا...فقادتها الى غرفته...أغلقت باب الغرفة...
و في خارجها تبادل الحاضرون النظرات الحائرة...لم يدم ذلك كثيرا...فللرجل علاقات صداقة من الجنسين...
مضت ساعة طويلة من الانتظار...سمعت على اثرها صرخة قوية انبعثت من داخل الغرفة...كان المشهد...مروعا...احتضنت المرأة الرجل كما تحتضن طفلا بدون حراك....رأسه على صدرها...

تحاول تحريكه بلا فائدة...و مدرار الدموع لا ينقطع.من عينيها.........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل