الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما تعلمته في الخارج!

أنطوني ولسن - أستراليا

2016 / 1 / 19
حقوق الانسان



أغنياء الدول النامية، يرسلون أبناءهم الى الخارج؛ لتحصيل العلم بكل فروعه!
والطامحون من أولاد الفقراء يسافرون، أيضا، الى الخارج ـ مثلهم مثل أولاد الأغنياء!
الفارق بينهما، ان ابن الغني معه المال.. وابن الفقير عليه أن يحصل على المال بالعمل من أجل إجازة جامعية؛ يعود بها لخدمة وطنه، وأبناء وطنه، ووالديه.
يتعلمون في الخارج الطب والهندسة والكميمياء والأدب، وجميع العلوم التي يعرفها العالم المتحضر، بطرق متقدمة، ودراسات تقوم على أساليب البحث وتقصي الحقائق مع استخدام أحدث الوسائل التكنولوجية الحديثة.
يعود أبناء الأغنياء القادرين، وأبناء الفقراء الكادحين.. ويحاول كل منهم الأنخراط في العمل حسب ما تعلم في الخارج.
قد ينجح البعض ويعمل ويعطي. وقد يصاب البعض بخيبة أمل للبيروقراطية، التي تتحكم في حكومات الدول النامية.
في مثل هذه الظروف غالبا ما يعود الخريجين الى الدول التي حصلوا منها على اجازاتهم العلمية.
السبب في ذلك غالبا ما يكون نفسيا؛ اذ يجد متعلم الخارج فجوة كبيرة بينه وبين المجتمع الذي عاد ليعطيه ما تعلم.
سلوك الحياة العملية الذي تعلمه من علوم ودراسات، يختلف تمام الإختلاف عنه في بلده ومسقط رأسه، الذي كان الهدف الأساسي من سفره الى الخارج لتحصيل العلم وخدمة وطنه، ومواطنيه، بتطبيق وسائل التكنولوجيا والمعرفة البشرية.
قلائل هم الذين يستطيعون تضييق هذه الفجوة!
اما بقبول واقع مجتمع أوطانهم، ونسيان سنوات الدراسة بالخارج، والانخراط في الحياة العملية اليومية، ومحاولة استغلال اسم البلد الذي تعلموا فيه لمنفعتهم الشخصية!
وإما يعيشون حياة روتينية لا طموح فيها!
ومن ضمن العلوم التي يتعلمها الإنسان في الخارج، علم لا يدرس في المدارس، ولا في الجامعات.. علم يكتسبه الإنسان بالإحتكاك مع المجتمع والنظم الحكومية والإجتماعيه في البلاد التي يعيش فيها.. انه علم الحياة الذي يختلف في نمطه عن علم الحياة الذي تعلمه في وطنه الأم.. لكنه يشعر بطعم جديد ممتع للحياة الجديدة.. يشعر بقيمة نفسه وقيمة آدميته ويعرف أن له كياناً مستقلاً، وأنه جزء في سلسلة اجتماعية متماسكة من أجل خدمة الوطن الذي يعيش فيه المواطن دون النظر الى لونه أو عقيدته أو دينه.
يجد الإنسان نفسه في مناخ اجتماعي ديمقراطي حر، يعلمه معنى الديمقراطية، ومعنى الحرية، ومعنى العمل والعمالة، ومعنى العلم وتسخيره لخدمة المجتمع والوطن.
تنتاب هذا الإنسان انفعالات نفسية كثيرة ومتعددة ومتشابكة.. يتذكر وطنه الأم.. يتذكر نشأته وتربيته في البيت وفي المدرسة وفي مكان العمل.. يحاول أن يفنّد كل هذه الأشياء ليصل الى فكر واحد يؤمن به ويحاول تطبيقه ويخرج بحصيلة واحدة وهي لو أن بلده الأم تطبق ما يطبق في الوطن الثاني من معرفة حقيقة معنى الديموقراطية والحرية لانتقل وطنه من بلد نامٍ، بلد من العالم الثالث.. الى بلد متحضر.
ولكن هيهات.. فعند أول احتكاك له لتطبيق ما تعلمه في المجتمعات المتحضرة خارج أسوار العلم والدراسة، يخرج بجروح ساخنة من هذا الأحتكاك سواء حدث هذا الأحتكاك على أرض وطنه الأم أم مع المسؤولين من وطنه الأم على أرض وطنه الثاني الذي اختاره ليعيش فيه.
وفي كل مرة يحاول بعض من أحرار مصر في الخارج، أن يقولوا بصوت عال وبكل حرية لا تؤذي الآخرين، أن هناك خللاً في الشارع المصري. خلل في السلوك الأجتماعي والسياسي في مصر، نجد من يتصدى لهم ويقول ان الذي تتحدثون عنه نابع من الحرية التي تتمتعون بها في هذه البلاد الجديدة، انكم بعيدون عن أرض الواقع، انكم تغالون في كل شيء وتكبرون حجم المشاكل.. قد يكون حجم المشكلة صغيراً مثل حبة "العدس"، تحولونها كبيرة جداً الى حجم "القرع".. كلامكم يؤذي من تدافعون عنهم أكثر من افادتهم.. أنتم تعيشون في بلاد الحرية مستغلين هذه الحرية لا لخدمة وطنكم، بل لأثارة القلاقل، وتشجيع الفتنة، وتعريض الوحدة الوطنية للخطر!
وتصل المأساة إلى ذروتها، بمحاولة جعل هؤلاء الذين أحبوا الحرية، ونطقوا بها، لا من أجل حقوقهم، بل من اجل حقوق أبناء وطنهم الذي احبوه: خونة، وخارجين عن القانون، ومطلوب تأديبهم، وبث الرعب في قلوبهم، لو عادوا أو أرادوا العودة لزيارة بلدهم!
وأجدني أتساءل: من له حق الكلام وحرية ابداء الرأي في كل ما يتعلق بالأمور المصرية؟.. هل هذا حق قاصر على أبناء الوطن القادرين على التعبير بحرية فقط؟
لا أستطيع أن أحدد من له هذا الحق، ومن ليس له هذا الحق، وقد منع على أبناء مصر في الخارج ممارسة الحرية البناءة ، ومحاولة شرح وجهات نظر معينة تهم الوطن وأبنائه، والتي قد تتعارض مع سياسة الحكومة!
هل أنا المصري الذي يعيش على أرض وطن أخر لي الحق في التعبير بحرية عن كل ما يدور في مصر دون تدخلات من الحكومة المصرية، أو اتهامات من المسؤولين ضدي؟
أعرف أن الحكومة المصرية، والمسؤولين في الخارج، يعرفون جيدا: أن سياسة دفن الرأس في الرمال، وأن مقولة: "تمام أفندم كل شيء على ما يرام"، لم تعد من التصرفات الصالحة؛ لأننا ـ ببساطة ـ، نعيش في قرية عالمية صغيرة، تنادي بالحرية، والمطالبة بالحقوق الإنسانية!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نقاش | اليمن يصعد عملياته للمرحلة الرابعة إسناداً لغزة ... و


.. لحظة اعتقال قوات الاحتلال حارس القنصل اليوناني داخل كنيسة ال




.. حملة أمنية تسفر عن اعتقال 600 متهم من عصابات الجريمة المنظمة


.. لبنان وأزمة اللاجئين السوريين.. -رشوة- أوروبية أم حلول ناقصة




.. وقفة لرفض اعتقال ناشط سياسي دعا لا?سقاط التطبيع مع الاحتلال