الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اعدامات تنفذها داعش مع أحتدام المعارك العسكرية في سوريا مع اقتراب جنيف3 أو دمشق1

ميشيل حنا الحاج

2016 / 1 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


معارك شرسة في ريف اللاذقية، وأخرى في دير الزور، وثالثة في ريف حلب، في مسعى لاستكمال القوات السورية تطويق العاصمة الاقتصادية في الجمهورية السورية، وهي حلب الشهباء القريبة أيضا من الحدود التركية، وغير بعيدة بالذات عن معبر "باب الهوى"، وهو البوابة الرئيسية لدخول القادمين من تركيا الى سوريا، مع وجود ممرات ونقاط عبور أخرى بين البلدين.
واذا كانت الحكومة السورية تسعى لخوض معارك اللحظة الأخيرة قبل انعقاد مؤتمر جنيف القادم بعد أيام، أو مؤتمر دمشق القادم أيضا قبل نهاية الشهر، دون توضيح ان كان مؤتمر دمشق سيحل محل مؤتمر جنيف لكونه لم يعد ضروريا بعد الانجازات التي حققتها القوات السورية ....فان أحدا لا يستطيع أن يفهم أو يتفهم الضرورات التي دفعت الدولة الاسلامية – داعش لتنفيذها عمليات اعدام بالجملة، لبعض السكان المقيمين في بعض أحياء دير الزور التي كانت تحت سيطرة الدولة السورية.
فالمعروف تماما وللجميع، بما فيها قيادات الدولة الاسلامية وأبرزهم أبو بكر البغدادي، أنه لن يكون هناك دور لها سواء في مؤتمر جنيف 3 أو في مؤتمر دمشق 1. ومعنى ذلك أن الوضع لم يقتض منها السعي لتحسين وضعها قبل انعقاد أي من المؤتمرين، ما لم تكن ترغب بمجرد التذكير بوجودها في الساحة العسكرية، وتعلن عن امتعاضها لتجاهلها تماما من كل الأطراف، حتى من حلفائها السابقين في كل من قطر والسعودية وتركيا (اضافة الى أميركا واسرائيل)، خصوصا بعد أن باتت الأخيرة (أي تركيا) تشارك في الحرب ضدها، كما تدعي، وربما تكشف عنها العمليات الأخيرة الموصوفة بالداعشية ضد الجمهورية التركية الأردوغانية. ومنها تفجير اسطنبول الأخير، ونسف أحد المقاطع في سكة الحديد التركية ادى لانقلاب أحد القطارات ووقوع ضحايا.
فعمليات الاعدام الكثيرة والعشوائية، والتي حصدت أرواح ثلاثمائة مواطن سوري بريء، الكثير منهم من الأطفال كما شاهدنا في الصور المنشورة، اضافة الى أسر أكثر من أربعمائة آخرين معظمهم من النساء اللواتي قتل أزواجهن، بغية بيعهن كرقيق، في زمن حرمت فيه القوانين الدولية استرقاق البشر. وها هو أحد التجمعات السياسية في موريتانيا، كما شاهدنا على بي بي سي عربي، يقيم دعوى على بعض أصحاب الاقطاع في الجمهورية الموريتانية ما زالوا يسترقون بعض الناس، مذكرين بأن زمن الرقيق قد انتهى.
فما الذي تسعى اليه الدولة الاسلامية من وراء هذا العمل البشع؟ هل تريد التذكير بوجودها،أم تسعى للمطالبة بدور ما في محادثات السلام القادمة سواء في جنيف أو في دمشق؟ أم ترى يريدون التذكير بأنهم سلفيون، وبما أنهم سلفيون، فهم لا يكتفون بحف الشارب واطالة اللحى كما جرت العادة في زمن السلف الصالح، وبالتالي فان الرق ممكنا اقتداء بالسلف الصالح أيضا الذي ظل يبيح الرق ولو الى حين؟
لكنهم يتناسون أن الدين لاسلامي الصحيح والحنيف، قد نبذ العبودية وحرمها، وكان أول عبد أعيدت له حريته، هو "بلال" مؤذن الرسول الذي كان أول من أذن داعيا للصلاة. فالاسلام قد نبذ الاستعباد ورفضه مع أن ظاهرة العبيد والاستعباد قد سادت في فجر الاسلام، لكن ليس لمدة طويلة. فسلوكهم هذا ليس فيه اقتداء للسلف الصالح، بل هو اقتداء بالسلف الطالح، وهو سلوك متعارض بشكل رئيسي، جوهري، درامي، مع تعاليم الاسلام الحنيف والصحيح. فلأي نوع من الالام تنتمي الدولة الاسلامية؟ اسلام الرسول (ص.ع.س) اذي أعاد الحية لبلال،، أم اسلام البغدادي، وهو اسلام لم يأت له ذكر في القرآن الكريم أو الحديث الشريف؟
وكان معظم أولئك الذين قتلوا اثر اجتياح الدولة الاسلامية لأحياء وقرى في دير الزور، مستغلين انشغال القوات السورية في جبهات أخرى متعددة في آن واحد...كانوا جميعا من السوريين المنتمين للشيعة، أو لطائفة العلوية، أو كانوا ينتمون لطائفة السنة، لكنهم حافظوا على ولائهم للدولة السورية. فهذه المجزرة تذكرنا بعمليات الذبح على الهوية في لبنان بين الأعوام 1975 و 1989 والتي كدت أكون أنا في عام 1976 واحدا من ضحاياها.
ولكن اذا كان الذبح على الهوية يشمل بعض الأفراد بين الفترة والأخرى في لبنان، فان صفة المذبحة الجماعية في دير الزور وضواحيها، انما تذكر بالمذبحة الجماعية التي ارتكبتها الدولة الاسلامية في معسكر "سبياكر" في محافظة صلاح الدين العراقية، عندما قامت الدولة اسلامية – غير الاسلامية - في شهر حزيران 2014، باعدام أكثر من 700 جندي عراقي في يوم واحد، دفنوا في مقابر جماعية. فهذه المجزرة القديمة، واختها الحديثة، تكشفان عن وحشية وغوغائية ومنغولية الدولة لاسلامية – داعش، والتي باتت تدفع الأمم والدول من كل صوب للتكالب، بل والتنافس على محاربتها.
وتأكيدا لمساعي الدولة الاسلامية على التذكير بوجودها في ظل انعقاد مؤتمري جنيف ودمشق بدونها، فقد نفذت عمليات انتحارية في كل من باكستان ثم في أندونيسيا، بل واعلنت الدولة عن وجود ولاية اسلامية في الفلبين يرجح أن "أبو سياف" يقودها، كما كشفت عن تواجدها في عقر دار التنظيم الأم، أي تنظيم القاعدة في أفغانستان، وذلك تحت مسمى ولاية "خراسان" الاسلامية التي هاجتها طائرات أميركية بدون طيار. وكانت داعش بتلك الخطوة، تغزو الموقع الأهم لتنظيم القاعدة الأم التي كادت تصبح منسية وغير ناشطة الا في أفغانستان، حيث ما زالت تنفذ بالتعاون مع "طالبان"، هجمات مستمرة على مواقع التواجد الأميركي أحيانا، وأحيانا أخرى على القوات الأفغانية الموالية للحكومة الأفغانية الدائرة في الفلك الأميركي.
ولعله من أجل مجرد التذكير بوجود القاعد الأم، نفذ قبل أيام، أتباع لها عمليتهم الكبرى في "واغادوغو" عاصمة "بوركينا فاسو". اذ قام تنظيم "المرابطون" الذي يقوده "مختار المختار"، وهو من التنظيمات التابعة للقاعدة في بلاد المغرب العربي، والذي بات من التنظيمات القليلة (اضافة الى النصرة في لبنان وتنظيم القاعدة في اليمن) التي ما زالت على ولائها لتنظيم القاعدة الأم، بعد أن ألغت عدة تنظيمات ولاءها للقاعدة وبايعت الدولة الاسلامية – داعش، في مسعى لبعض الجهات، يرجح بأنها الدولة الأميركية، لنتصفية تنظيم القاعدة بعدفشلها في القضاء عليها، في حرب دامت أربعة عشر عاما ولم تحقق بعد النتائج المتوخاة منها.
وهكذا يبدو أن داعش المنبوذة من عدة دول تقاتلها بالهجمات الجوية، تحاول أن تذكر الجميع بوجودها، سواء بعمليات انتحارية كما حدث في باكستان واندونيسيا، أو بعمليات اعدام جماعية كما في دير الزور، والتي عكست تكتيك الدولة الاسلامية المعتاد، والذي يدفعها، عندما تجد نفسها مضطرة للتراجع في موقع ما كما يحدث في بعض المواقع في حلب وريف اللاذقية... الى الهجوم في مواقع الضعف لعدوها المهاجم. فهذا ما يفسر هجومها الوحشي والشرس، على الأحياء والمواقع التي تسيطر عليها الحكومة السورية في دير الزور، والذي نفذته تأيدا لوجودها وتذكيرا به، معززة اياه بعمليات الذبح المستفزة، والاعدامات الجماعية لبعض مواطني دير الزور.
الا أن مؤتمر السلام سوف ينعقد سواء في جنيف أو في دمشق، مهما فعلت التنظيمات المتشددة كالدولة الاسلامية، أو حتى جبهة النصرة، للحيلولة دون انعقاده. فانعقاد ذاك المؤتمر، قد تم التوافق عليه بين الدول الكبرى، ولم يعد هناك مجال واسع لاحباطه.
فجيش الفتح الذي أنشأته وقادته جبهة النصرة، مهددا الآن بالتفكك. ذلك لأن بعض الكتائب الاسلامية المنضوية تحت لوائه والتي تدين بالولاء للاخوان المسلمين ولكنها منضوية تحت جناح جيش الفتح، أعلنت عن عزوفها عن مقاتلة الدولة الاسلامية، لكونها تتشابه معها في الأهداف والمعتقدات، في وقت أعلن فيه "أبو وليد الشيشاني" قائد "جند الشام"، المنضوي أيضا تحت جناح جبهة النصرة... في فيديو بثه على "يو تيوب"، عن تذمره من تركه وحيدا في حلب، مع عدم وصول الأموال والذخائر اليه التي تمكنه من مواصلة القتال.
فمؤتمر السلام اينما عقد، في جنيف أو في دمشق، لن يكون فيه دور للدولة الاسلامية مهما نفذت من هجمات انتحارية، أو عمليات اعدام غير مبررة، تزيد في ايغار الصدور عليها، وتجعل من مشاركتها في أي مؤتمر للسلام، أمرا مستحيلا.
وكما هو الأمر بالنسبة للدولة الاسلامية، كذلك لجبهة النصرة ولجيش الفتح الذي تقوده، فانه لا يختلف كثيرا بالنسبة لأحرار الشام الذين شاركوا في مؤتمر الرياض ووقعوا على بيانه، ثم تراجعوا عن التزامهم ذاك. أما جيش الاسلام الذي فقد قائده "زهران غلوش"، والذي يطالب خليفته في قيادة جيش لاسلام، بتزويده بصواريخ مضادة للطائرات كشرط للمشاركة في مؤتمر السلام، فالأرجح الا يشارك في ذاك المؤتمر، لأن مطلبه الغريب مع اقتراب المساعي لتحقيق السلام في سوريا، يدل على توجه نواياه لاشعال الحرب لا البحث عن السلام في سوريا والذي طال انتظاره... انتظار نهاية لهذه الحرب الدامية الممتدة في الزمن، والتي حصدت أرواح ربع مليون سوري بريء، وشردت الملايين من أبناء القطر السوري، نتيجة حرب أشعلتها خلافات أنانية غير مبررة بين حكام دول المنطقة، والتي همها الوحيد هو تكريس القيادة، قيادة دول المنطقة ودول العالم الاسلامي.. لهذه أو تلك، مع توجه بات واضحا لدى الطرف الآخر وهو ايران، في التوجه نحو السعي لاحلال السلام، أثبتته بتقديم تنازلات عدة لدول خمسة زائد واحد.
فهناك مؤشرات ترجح أن ايران باتت مهيأة أيضا لتقديم تنازلات مشابهة لطمأنة الطرف الآخر، أي دول الخليج، وخصوصا للسعودية، المتخوفين من تصدير ثورة ايران لبلادهم... وذلك في مسعى جدي لحقن الدماء، والتوقف عن الحروب غير المبررة، كخطوة نحو تأسيس جبهة حقيقية متماسكة، همها الوحيد محاربة الارهاب المتمثل بالدولة الاسلامية وتنظيم القاعدة المتواجدة في هذه المنطقة باسم جبهة النصرة وتنطيم القاعدة في اليمن غير السعيد، خصوصا وأن تهديد أولئك لم يتوقف على السوريين والعراقيين، بل بلغ دولا اسلامية أخرى هي باكستان وأندونيسيا، ومالي، وبوركينا فاسو، وخصوصا اليمن الذي يحصد فيه تنظيمي القاعدة والدولة الاسلامية، السيطرة على موقع تلو الآخر، مع انشغال السعودية بالسعي منذ شهور، لفك الحصار عن تعز، العاصمة السابقة لائمة اليمن.
ميشيل حنا الحاج
عضو في جمعية الدراسات الاستراتيجية الفلسطينية THINK TANK
عضو مستشار في المركز الأوروبي العربي لمكافحة الارهاب – برلين.
عضو في مركز الحوار العربي الأميركي – واشنطن.
كاتب في صفحات الحوار المتمدن - ص. مواضيع وأبحاث سياسية.
عضو في رابطة الصداقة والأخوة اللبنانية المغربية.
عضو في رابطة الكتاب الأردنيين - الصفحة الرسمية.
عضو في مجموعة مشاهير مصر.
عضو في مجموعة صوت اللاجئين الفلسطينيين.
عضو في مجموعات أخرى: عراقية، سورية، لبنانية، أردنية.


.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النموذج الأولي لأودي -إي ترون جي تي- تحت المجهر | عالم السرع


.. صانعة المحتوى إيمان صبحي: أنا استخدم قناتي للتوعية الاجتماعي




.. #متداول ..للحظة فقدان سائقة السيطرة على شاحنة بعد نشر لقطات


.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال الإسرائيلي تكثف غاراتها على مخي




.. -راحوا الغوالي يما-.. أم مصابة تودع نجليها الشهيدين في قطاع