الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضبابية المفاهيم – المستقبل الخطر

محمد الحاج ابراهيم

2005 / 11 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


ثلاث مفاهيم رائجة اليوم يتحدث عنها المشتغلون بالهم العام والسياسة بمعانيها المختلفة وهي الوطنية، والديمقراطية، وحقوق الانسان،ولأني أجد مايُقلقني من ضبابيتها أحببت إبداء رأيي حولها مُحذرا من الوقوع للمرة الثالثة بالمعنى الذي درج عليه الجمهور من تسييب الأوطان تحت شعارات مختلفه.
كثيرا ما أسمع عن جلسات أو ندوات لطيف متنوع يصفونها بالوطنية إذ يتحاور بها المجتمعون حول الديمقراطية، والوطنية،وحقوق الإنسان،حيث التداخل المرحلي يسيطر على المستقبلي ويُخفي وراءه ما يُخفيه،إذ أنني أعتقد أن المجتمع يقوم على دعامات وطنية اسمها الأحزاب/على اختلاف خلفياتها/القائمة على النقد الوطني الديمقراطي الداخلي، الذي يؤسسها لحال أفضل من التداخل الهيولي غير الواضح مع الأحزاب الأخرى، وهذا يفتح بابا كبيرا للتسيب المجتمعي والوطني،والذي يُفقد الحراك السياسي عطاءاته في لحظة الضرورة،ويُحوّله إلى عطالة السياسة التي شهدها مجتمعنا في الآونة الأخيرة حيث الحراك السياسي لم يتجاوز حدود التثاقف، بينما حالتنا على أشدهابأكثر من مستوى، وبحاجة للفعل السياسي المحدد خروجا على قاعدة (عليهم ياعرب)، وباعتقادي أننا سنفيق من غفوتنا هذه لنجد أنفسنا بلا وطن ولاهوية ولامستقبل لو تبنينا هذه المشاريع غير الواضحة والمحددة لأن هذا مايُفقدنا إمكانية العمل على الأرض في تلك اللحظة الخاصة، بينما الأحزاب بنتيجة الحالة التنظيمية تستطيع العمل والحضور في كل الأماكن بسرعة أكبر وهذا مانكون قد صنعناه بأنفسنا.
ماوددت عرضه هو تحديد طبيعة العلاقة مع الآخر الذي أعترف به من خلال ثقافتي الغيرية ومن خلال وعيي لحدود المشكلة التي نحن بصدد التعاطي معها، وعلى ذلك يمكن تحديد الوطن على ضوء محدداته الطبيعية التي تتبناها أحزابه وقواه الاجتماعية الحية القادرة على تقديم مايمكن تقديمه في الظروف الاستثنائية القادمة، والتي يمكن أن تأخذ أشكالا مأساوية،ويمكن تحديد الوطنية أيضا بمعيار الانتماء الفردي أو الجماعي القائم على الدور الميداني الخادم لضمان السلامة الوطنية في كل جوانب حياتنا،وهذا ما يُمكن سحبه على الديمقراطية وحقوق الانسان أيضا.
يُخطىء البعض عندما يفترض تصوراته القائمة على تقبيل الذقون حلاًّ وطنيا،ويُخطىء أكثر عندما يبني عليها مستقبله السياسي،فالسياسة والعلاقات السياسية والتقاطعات السياسية باعتقادي تُبنى على مُحددات وليس على الضبابية،فالأحزاب لاتقوم على بوس الذقون والارتياح المتبادل بين القادة بل على تقاطع المصالح ذات الخدمة العامة ،وتقوم على تحقيق مصالح أعضائها الفكرية والسياسية والاجتماعية ومصالح المجتمع ككل لا أن تذوب في بوتقة الوطن فتفقد ذاتها الفكرية والسياسية وهذا الاتجاه يُدخلنا غياهب الضبابية التي نضيع بها باسم الوطنية.
أنا ماركسي أقولها وأفتخر لقناعتي أنها منظومة فكرية علمية وطنية ديمقراطية كونية ولأنها تسعى لحماية حقوق الفقراء(الشرفاء على وجه الخصوص) والمقهورين وتحريرهم من البؤس والحرمان، وأنا ديمقراطي لقناعتي بحقوق الآخرين كما ينص عليه الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، وأنا وطني لاقتناعي بحقوق كل من يحمل هوية بلادي، لكنني لا أقتنع أن أقدم هويتي الفكرية والسياسية قربانا للوطنية الضبابية الشعاراتية التي لاتقدم غير السوالف في السهرات وتبدأ من حنرميهم في البحر إلى الانتحار على أسوار بغداد،وإذا كنا نُدرك ضرورة التحالفات الوطنية في هذه المرحلة الخطرة لابد من تحديد المهام الحزبية والسياسية والعامة والتي يُعبر عنها البعض بالوطنية،فأنا أستطيع تقديم نفسي كوطني عندما أساهم في بناء الحزب السياسي لي وللآخرين وعندما أنغرز في الواقع الاجتماعي لاأن أترفّع عن زيارة البيئات الفقيرة والناس المحسوبين ما دون الثقافة بمعناها الاستعراضي،فقوّتي مبعثها الواقع بقدر تطويره ورفع سويته الثقافية والسياسية وكل المقومات التي تدفع به نحو الأفضل العام لأنني جزء منه.
بلادنا قادمة على أوضاع أشد ما أخشاه أن لانُدركها إلاّ متأخرين، فنهب في الساعة الخامسة والعشرين للبحث عن حلول لنسأل مالعمل؟ حينئذ نؤكد للواقع وللتاريخ ولأحفادنا أننا جَهَلَهْ، لأننا لم نكن جديين بالتعامل مع المتغيرات التي فيها رقابنا ورقاب الأجيال من بعدنا،ولم نع أن الحزب السياسي الوطني هو الذي يُعزّز وجوده على أساس التنافس وليس التعيين على مبدأ تقاسم الغنائم،واللقاءات اليوم إن لم تكن على هذا الأساس سنفقد خاصيتنا السياسية ومعها الفكرية،أنا مع الحزب ولست مع التحزب،مع الطائفة ولست مع الطائفية،مع القومية ولست مع القوماوية،فأنا ضد الأصولية كيفما كانت ومع كل من يحمل هويتي دون العودة للانتماء أو الخلفية أو البنية لكن على أسس واضحة حتى لاتضيع قدراتنا بمواجهة ماهو قادم فمن غير الوارد أن أضيع باسم الوطنية والديمقراطية وحقوق الانسان، لأن تنظيم هذه القضايا أفضل شيء يمكن أن يقدمه الوطنيون في بلادي.
المهام الحالية والمقبلة للحركة السياسية السورية المعارضة مرتبطة إلى حد بعيد بقراءتها لمتغيرات الواقع المتسارعة وعليه فمن مهامها الأساسية ترتيب أحزابها استعداداً للّحظات الصعبة،ومحاولة الاستقطاب التنظيمي والطيفي خدمة للواقع، والتنسيق فيما بينها بغاية التحرر من سؤال ما العمل حين لاينفع هذا السؤال إلاّ من أعدّ ميدانيا إجابة عليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف