الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحراك الجماهيري وأفاق الاصلاح والتغير

ماجد لفته العبيدي

2016 / 1 / 20
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



ماجد لفته العبيدي
تواصل الجماهير الشعبية المطالبة بتنفيذ الخطوات الاصلاحية الحقيقة الرامية للإحداث التغير المنشود وتحقيق البديل الديمقراطي الحقيقي , ويأخذ الحراك الجماهيري ابعاد وأشكال جديدة لتحقيق هذه المطالب الذي يقف في مقدمتها الغاء نظام المحاصصة الطائفية والحزبية والقضاء على الفساد والنهب والتبديد المتواصل لثرواتنا الوطنية وتحقيق العدالة الاجتماعية والدولة المدنية الديمقراطية .
إلا ان هذا الحراك الجماهيري يواجه حملة يواجه حملة شعوا من الاكاذيب يقف ورائها زعماء المليشيات الطائفية وتجار الحروب والطفيليين والفاسدين تبغي الى تشويه سمعة المتظاهرين ونشطائهم والتقليل من تعاطف ومساندة الجماهير الشعبية واستعدائها عليهم , وتسعى هذه القوى المتنفذه بقيادة حزب المالكي والمليشيات المتحالفة معه الى كسر شوكت التظاهرات واحتوائها واعتقال واختطاف نشطائها , ظنا منهم انهم قادرين على اعادة عجلة التاريخ الى الوراء ورسم حركة الشارع وفق حساباتهم وإرادتهم , دون الاخذ بنظر الاعتبار مصالح الجماهير الشعبية المكتوية بنار المحاصصة والفساد والإرهاب ومخلفات اثأر الديكتاتورية الفاشية و الاحتلال الامبريالي الامريكي الوحشي المعولم .
وكان اول الخطوات الاجرائية السريعة التي اتخذتها القوى المعادية للإصلاح والتغير , هي السعي لحرف التظاهرات عن مسارها الحقيقي ومحاولة خلق تناحر بين القوى المشاركة بها , واستخدام علاقاتها مع الحكومة الايرانية واجنحتها المتشددة للضغط على حكومة العبادي لوقف تنفيذ خطواتها الاصلاحية وقد نجحت تلك القوى في ذلك من خلال البرلمان والذي اثمر في وقف قرارات الاصلاح والتصويت على سحب صلاحياته الممنوحة لحكومة العبادي , إضافة الى التحرك على القضاء لصياغة اطر قانونية تحد من الحراك وتكبله بقيود التشريعات والقوانين المتعارضة مع جوهر مواد الدستور العراقي , وكذلك الدعوة الى تشكيل تحالف جديد يسعى الى اسقاط حكومة العبادي ويعمل على تفكيك موقف المرجعية المساند للإصلاح والتغير .
إلا ان تنسيقيات الحراك المدني الديمقراطي التي أدركت خطورة تلك المساعي والتحركات ,قد سعت الى اعادة ترتيب أولوياتها من خلال تطوير التنسيق مع القوى المدنية والديمقراطية المساندة للحراك , وأتباع اشكال جديدة مثل الخروج من ساحة التحر ير وتوسيع المشاركة في الحراك عبر مشاركة قوى سياسية اخرى والقيام بمسيرات من المحافظات الى ساحة التحرير وإجراء لقاءات مع الحكومة حول امكانية تطبيق الاصلاحات الجزئية الممكنة , و عقد السيمنارات والطاولات والندوات للاستماع والتحاور مع الجماهير الشعبية ,وتحويل الحراك في بعض الاحيان الى تظاهرة فنية وثقافية وغيرهما من الاشكال المتجددة التي يسعى نشطاء الحراك الى القيام بها للإظهار الطابعه السلمي الحضاري المدني للحراك الجماهيري .
ان القوى المعادية للحراك الجماهيري تحاول جاهدة الى بث روح اليأس وإحباط الهمم والعزائم من خلال اشاعة الاخبار الكاذبة حول عدم جدوى الحراك وعدم امكانية تحقيق الاصلاح والتغير وعبر الاندساس للإيقاع بين القوى المشاركة في الحراك و القوى الامنية للإحداث حالات تصادم مفتعلة مع الاجهزة الامنية التي تحمي المتظاهرين ,وقد نجحت هذه القوى في بعض الاحيان في بث روح الاحباط واليأس وفقدان الامل والذي تجسد في هجرة الشباب اضافة الى العوامل الاخرى اسهمت هي الاخرى في تشجيع هذه الهجرة,ويقدر عدد المهاجرين اكثر من 300 الف مهاجر عراقي في الهبة المليونية الاخيرة التي غزة اوربا , وكان اغلبيتهم من ابناء الطبقة الوسطى الناشئة بعد الاحتلال والتي فقدت الامل في احداث تغير فارق في بلادنا .
ان الحراك الجماهيري قد فتح الباب على مصراعيه للإعادة أولويات عمل القوى المدنية الديمقراطية وطرح السؤال الحارق حول طبيعة الصراع القائم وآفاقه المستقبلية !!
ومن خلال قراءة اولية للوحة الصراع القائم , يظهر ان الصراع لازال محتدم بين القوى المتنفذه حول شكل وطبيعة بناء الدولة العراقية وحول عملية تقاسم النفوذ والثروة والاستيلاء على مراكز القوة وعلى الرغم من خلافاتهم السياسية والفكرية والطائفية والعرقية ولكنهم يجتمعون على الفساد والتهالك على نهب الثروات الاجتماعية والإبقاء على نظام المحاصصة الطائفية .
وقد اظهر التقرير الذي تم نشره في العديد من المواقع حول امتلاك 17 شخصية سياسية عراقية أكثر من 310 مليار دولار مدى عمق الفساد والخراب السياسي والاجتماعي الذي يتصدر قائمته قادة الاحزاب السياسية الحاكمة المتنفذه , وهذا ليس غريبا فأن التحالف الطبقي السياسي بين البرجوازية البيروقراطية والبرجوازية الطفيلية المدعوم من الرأسمال الاحتكاري المعولم ,هو الحاكم الحقيقي للحياة السياسية والاقتصادية في بلادنا وقد بدد مئات الترليونات من ثروتنا الوطنية وحولها الى حساباته السرية والعلنية في بنوك الاحتكار المالي المصرفي العالمي ومن ثم رهن بلادنا الى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرهما من المؤسسات المالية والاحتكارية العالمية .
ان الدولة العراقية الفاشلة والمفلسة والتي اوصلتها سياسية المحاصصة الطائفية الى حافة الانهيار عبر الاستمرار بالنهج الاقتصادي الاحادي الجانب و الذي يعتمد الاقتصادي النفطي الريعي في اطار التطور الرأسمالي المشوه في ظل اقتصاد السوق الحر المنفلت العقال . ان هذه السياسية قد فشلت في اعادة الاعمار وإعادة الاقتصاد العراقي الى مكانته الحقيقة عبر عملية اعادة الدورة الانتاجية في اطار الدورة الاقتصادية العامة للاقتصاد العراق .
وقد اسهمت سياسية الهيكلية الاقتصادية ونصائح الصندوق الدولي والبنك الدولي الى شن هجوم كاسح من قبل التحالف الحاكم على رأسمالية الدولة العراقية المتمثلة في القطاع العام والقطاع التعاوني المشترك عبر عملية غير مدروسة ومتسرعة لخصخصة اغلبية مشاريع الدولة وتعطيل وعرقلة النزر القليل المتبقي منها , مما ادى الى افشال عملية أعادة أعمار البنى التحتية للاقتصاد العراقي وعرقلة استعادة مؤسسات الدولة الوطنية لدورها في ادارة الاقتصاد ورسم خطط التنمية المستدامة .
ان تحالف البرجوازية البيروقراطية والبرجوازية الطفيلية هو القابض الحقيقي على بقايا مؤسسات الدولة الفاشلة في بلادنا ,وهو المتحكم في مسار العملية السياسية الفاشلة التي انتجت نظام المحاصصة الطائفي العاق , وهو تحالف عابر للطوائف والقوميات ,تجمعه قاعدة (السلب والنهب ) , وقد اظهرت اصلاحات العبادي الخجولة مدى شراسة هذه القوى المتحالفة مع المليشيات ومافيا الجريمة المنظمة في مواجهة الخطوات الاصلاحية بما فيها استخدام وسائل القوى والعنف والتلويح با لانقلاب العسكري للإطاحة بحكومة العبادي وإفشال اصلاحاته .
ان تحالف الثالوث الغير مقدس ( الطائفية والفساد والإرهاب ) قد ألحقه أضرارا فادحه في مجتمعنا من خلال سياسته المجحفة التي ادخلت البلد في ازمة مركبة مستعصية وإضاعة ثرواته المادية والاجتماعية واستباحت ارضه وسمائه ومياهه ,وكان في مقدمة المتضررين من هذه السياسية هم الطبقة الوسطى والشغيلة والكادحين والفلاحين والبرجوازية الوطنية والتي أسهمت هذه السياسية في شللية مساهمتهم وتأثيرهم على عملية الصراع الطبقي الاجتماعي بفعل النشاط الطفيلي المشوه للدولة الريعية النفطية .
وقد تمظهرت هذه السياسية عبر برامج الخصخصة للقطاع العام وبيع رأسمالية الدولة بأبخس الاثمان ولكن هذه السياسية لم تحوز على رضى القوى الاجتماعية المتضررة والتي تصدت لها من خلال التحركات العمالية والنقابية وتشكيل تحالفات بين القوى السياسية والاجتماعية الداعية الى الاصلاح والتغير ,وقد اسهم هذا التحالف الى تصاعد الحراك الجماهيري و بلورة اصطفافات جديدة على صعيد الشارع السياسي العراقي .
ان ماتعانيه بلادنا من ازمة سياسية اقتصادية اجتماعية وإنسانية وبيئية لايمكن فصلها عن الصراعات الاقليمية بين ايران وتركيا والسعودية وتشابكاتها مع الصراعات الدولية بين الاقطاب الدولية المتعددة , حيث الصراع بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة وروسيا وحلفائها من جهة حول رسم خارطة المنطقة السياسية والاقتصادية والبيئية وتقاسم الادوار وفق المصالح الحيوية لهذه البلدان في العالم العربي ومنطقة الشرق اوسط.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شرطة نيويورك تعتقل عددا من الطلاب المتظاهرين في جامعة كولومب


.. الشرطة في جورجيا تشتبك مع متظاهرين خرجوا ضد مشروع قانون -الع




.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا وتعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطيني


.. فاتح مايو 2024 في أفق الحروب الأهلية القادمة




.. اعتداء واعتقالات لطلاب متظاهرين في جامعة نيو مكسيكو