الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحديات بناء حركة نقابية قوية بالمغرب - 3

المناضل-ة

2005 / 11 / 10
الحركة العمالية والنقابية


تناولنا في الجزئين 1 و 2 من موضوع تحديات بناء حركة نقابية بالمغرب (العددان 1372 و1373 من الحوار المتمدن) الصعوبات المعترضة لتوسع العمل النقابي، سواء حجم البطالة واستشراء أشكال العمل الهش أو ضعف الاهتمام بتنظيم النساء اللواتي يتزايد وزنهن ضمن العمل المأجور. وعرضنا ما نراه سبيلا لتخطي الحركة النقابية لتلك العقبات.
و سنتطرق فيما يلي لمشكل الوحدة النقابية ومواقف الأطراف منه وسبل التقدم نحو هدف توحيد الحركة النقابية.
على أن نناقش في فرص مقبلة مشاكل الاستقلالية والديمقراطية ودور اليسار الجذري.

****************

الاتحاد قوة. هل طوى النسيان هذه الحكمة عند طبقة لاقوة لها سوى في اتحادها؟


هذا ما قد ُيستنتج من واقع الحركة النقابية بالمغرب، فهي لا تزداد إلا تشتتا .

لكن حقيقة الأمر ليست نسيانا بل قصدا تمليه مصالح خاصة بمختلف القمم الماسكة بزمام الأمور داخل كل نقابة على حدة. إن للشرائح المسيرة للمنظمات النقابية مصالح خاصة بها. وإلا لماذا تبذل من الجهد وتصرف من المال في حملات تنافس الاجهزة النقابية للفوز بمقاعد في المؤسسات (مناديب العمال واللجان الثنائية ومجلس المستشارين) ما لم ُيبذل ولم ُيصرف أبدا في انجاح النضالات وفي التضامن مع القطاعات العمالية المنكوبة؟

لماذا التنافس الشرس على مقاعد المجلس الإداري للضمان الاجتماعي؟ ولماذا الاستماتة التي لا نظير لها من أجل البقاء في بعض لجان الشؤون الاجتماعية المعروفة بثرواتها الكبيرة ؟

وطبعا ليس ثمة من المتنافسين مدافع عن التششت النقابي الحالى، بل يزايد الجميع في مدح الوحدة وإلقاء اللائمة على الآخرين. أما في القاعدة العمالية فإن ضرورات التصدي لتعديات أرباب العمل قد تجعل العمال يوحدون نضالاتهم . فالنضالات الصاعدة من القاعدة فعلا ، والمتسمة بالطول والشدة، كانت دوما توحد عمل النقابيين المعنيين مباشرة (كان أبرز مثال إضراب عمال السكك الحديدية عام 1995، وعمال منجم جبل عوام) ، بل حتى القيادات القطاعية تضطر إلى اللجوء إلى حد أدنى من التعاون وإن كان فوقيا ( البريد والاتصالات والصحة مؤخرا).

الساحة النقابية المغربية مقسمة اليوم بين 3 اتحادات نقابية رئيسية( الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والاتحاد المغربي للشغل ) يجر كل منها في اتجاه. هذا دون أن تكف لحظة عن إدعاء وضع مصلحة العمال فوق جميع الاعتبارات.

وقد بدأت بالتطور في السنوات الأخيرة ميول ستفاقم هذا الانقسام. فثمة التيارات الرجعية الدينية التي باتت تزاحم النقابات التاريخية في بعض القطاعات، بالمقدمة منها التعليم . وظهور نوع جديد من العمل النقابي الموالى للحكومة بعد تكتل نقابيي الاتحاد الاشتراكي في فيدراليتهم (الفدرالية الديمقراطية للشغل)، ونمو النزعة الفئوية المفضية الى خلق جمعيات وهيئات خارج النقابات( بعد أن كانت مقتصرة على بعض الفئات كالمهندسين والمتقاعدين).أما التضامن الميداني أو التكتل بوجه تصاعد هجوم أرباب العمل ودولتهم فلا مكان له في انشغالات النقابيين. وقد بلغ العداء مستوى تفادي الاعتراف بوجود الآخر أو حتى ذكره ما عدا لتشنيعه وتحميله مسؤولية كل ما حل بالحركة النقابية من مصائب.

وتظل العلاقة بين مكونات هذا التعدد النقابي محكومة بالتنافس والصراع الحاد، بما فيه كسر الإضرابات التي تدعو إليها النقابة الأخرى، كقاعدة والتعاون الجزئي في ظروف استثنائية (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب في سياق سياسي خاص).

وتنتج عن هذا التعدد وعن تنافر عناصره سهولة تنفيذ كل خطط الرأسماليين التي تلقي عمال المغرب وعاملاته درجات إضافية في ويلات الرأسمالية التابعة: التجويع وفرط الاستغلال وتحطيم مكاسب بسيطة في النظام الصحي وفي التعليم وكافة الخدمات الاجتماعية.غيرت الحكومة تشريعات الشغل بشكل مضر بالعمال ونقلت ملكية جزء من أداة الانتاج الى الخواص ومارست سياسة قمعية لفرض سياسة إضعاف القدرة الشرائية، وعاتت فسادا في صندوق الضمان الاجتماعي، وتجاسرت بعدم الالتزام بالطفيف من اتفاقاتها مع النقابات، هذا كله بالاستفادة من انقسام الحركة النقابية.


لماذا الانقسام ؟


يسود اعتقاد أن وجود السياسيين هو بحد ذاته سبب تشتيت صفوف الحركة النقابية لأن حزب الاستقلال أنشأ الاتحاد العام للشغالين والاتحاد الاشتراكي خلق الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ثم الفيدرالية الفدرالية الديمقراطية للشغل. وينسى مروجو هذه الفكرة أن خلق الاتحاد المغربي للشغل نفسه كان فعلا سياسيا بامتياز. إذ أن اجتماع 20 مارس 1955 التأسيسي لم يكن مؤتمرا يمثل نقابات قائمة بل لقاء لنقابيي الحركة الوطنية ذات القيادة البرجوازية التي عملت على تنظيم العمال المغاربة خارج الكونفدرالية العامة للشغل اتقاء لتاثير الشيوعيين، المغاربة منهم والفرنسيين.

ومما يزيد الطابع المضلل لهذا الاعتقاد القول إن ثمة نقابيين آخرين خالصين من كل سياسة. إن الزعم بحياد نقابي في الشأن السياسي ليس إلا لونا من السياسة، لعله الاسوأ. فحتى القسم المتهم في الاتحاد المغربي للشغل بـ"سياسة الخبز"، أي الابتعاد عن شؤون الحكم، كانت له دوما مواقف سياسية من كل القضايا التي شهدها المغرب ومن مسألة السلطة نفسها ( شعار حكومة تحظى بثقة ودعم الطبقة العاملة). وكانت قيادة النقابة طرفا في الصراع السياسي الذي شق اليسار الشعبوي (الاتحاد الوطني للقوات الشعبية)، وكان لبعض قادته أدوار مشهورة لصالح الحكم [5]. وكانت ثمة اختيارات سياسية فرضت حتى بالقوة وتم حل نقابات وجامعات لاعتبارات سياسية. إن الوحدة النقابية متضررة لا بسبب وجود السياسيين فهذا من طبيعة العمل النقابي، بل بفعل تغييب الديمقراطية المؤدي الى الانشقاق، وبسبب سعي بعض القوى السياسية الى التحكم بقسم من العمال بدل تنظيم الخلافات داخل نفس النقابة، وبسبب انعدام أو ضعف تيار عمالي وحدوي.



مصطفى البحري و محمود جديد
المناضل-ة عدد3


يتبع......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قانون خصخصة المستشفيات في مصر.. هل تتأثر الخدمة الصحية للفقر


.. رئيس الوزراء: رفع نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة إلى 19




.. بعد رفع الا?جور الطبية مطالب برفع الحد الا?دنى للا?جور، أح


.. رئيس لجنة قوى النواب يكشف أهم مطالب العمال في برنامج الحكومة




.. ضبط 84 حالة عمل ا?طفال و 1324 زيارة تفتيشية مخالفات لا?صحاب