الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منظمات بلا حدود..!!

قاسم علوان

2005 / 11 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


عندما كنّا نسمع ـ قبل أن يسقط رئيسنا السابق ـ بمصطلح (منظمات المجتمع المدني) لم نكن نفقه معنى تلك التسمية، أو لم نكن نملك تصورا دقيقا لها.. أو أنها لا تعنينا البتة.. لكنها بالتأكيد هي غير المنظمات (المهنية والجماهيرية) التي تعودنا وجودها في المجتمع العراقي، والتي ترتبط بـ (مكتب التنظيم المهني) الذي يقوده (الرفيق المناضل سابقا) مزبان خضر هادي، كما أننا غير معنيين بوظائف تلك المنظمات ومهامها أطلاقا، لأن مجتمعنا كان بفضل قائدنا السابق وحزبه الوحيد وأعضائه النشطين (مجتمع عسكري) لا يعرف المدنية.. مستعد دائما للقتال والدفاع عن (شرف الأمة والمبادىء العظيمة السامية..!!) لذلك فأن الحديث عن ذلك الشكل من المنظمات المدنية من المحرمات العقائدية غير المعلنة..! وأن الحديث عنها حتى في الأوساط الثقافية الضيقة أشبه بالحديث عن (الجبهة الشعبية لتحرير اسكندنافيا الجنوبية...!!!)
ولكن ما أن سقط ذلك النظام وتشكلت الأحزاب الجديدة المتنوعة وظهرت الأحزاب القديمة.. وعرفنا معنى التعددية، ودخلت بعض المنظمات الإنسانية من فاعلي الخير الى العراق التي لم نألف وجودها سابقا، ومنها ما كان بدوافع إنسانية حقيقية بحتة كما لمسنا عند العض منها، وكذلك بعض من مواطنينا السابقين أشقائنا الذين جاءوا من منافيهم مؤقتا، لزيارتنا أو للتفرج علينا في ظل الاحتلال الأجنبي..! ليعيّرنا البعض منهم بأننا خونة وعملاء..!! أخذ البعض الآخر منهم يلغطون بتلك المفاهيم الجديدة على مسامعنا..! وضرورة تنشيطها في مجتمعنا الحديث العهد بالمدنية..! الممزق بالفوضى العراقية العريقة فينا، والخراب والتخريب المتعمد منّا..! وأن هذه المنظمات الجديدة في حال تشكيلها في العراق الجديد هناك من يدعمها ماليا دعما سخيّا وبالدولار الأمريكي..! فتلقف هذا الدرس الجديد البعض منّا..! وليس كلنا، ممن يجيدون التزاحم بالأكتاف، والتدافع بالمناكب، وتقدم الصفوف، وطول اللسان وسلاطته، أو من يجدون في أنفسهم القدرة على التأسيس بلا قيود أو حدود، وتحديدا بلا أنظمة ولا قوانين، حتى انبثقت منظمات مهنية جديدة عديدة، وأخرى ثقافية متنوعة، وثالثة ائتلافية توافق بين النوعين السابقين، أو تختلف عنهما في البرامج والأهداف المرحلية..! فقط يجلس أربعة أو خمسة من أولئك ليعلنوا التأسيس ليضعوا أشطرهم أمينا عاما للمنظمة، ومن هم أقل شأنا منه مساعدون له.. كما يجيد أولئك الوصول الى المسؤولين الجدد في السلطة، ليعدوهم بمناصب (وزارية) في حالة إعلان الفيدرالية الجنوبية مثلا أو الانفصال..لا سامح الله..!! منظمات جديدة ما أنزل الله بها من سلطان، تعني بشؤون لم نكن نسمع بها من قبل، وعلى أنها شؤون من شؤوننا المهمة جدا التي غيبها النظام السابق بلا أي مبرر..!
ومادام قد سبقونا أصدقاء رئيسنا السابق الفرنسيون الى تأسيس منظمتهم الإنسانية الشهيرة، أيام المجاعة في وسط أفريقيا في بداية ثمانينات القرن الماضي (أطباء بلا حدود) ومن ثم المنظمة الشهيرة الأخرى (صحفيين بلا حدود) وهذا أسم جميل ومغري برومانسية عذبة تحيلنا خارج الحدود..!! فلماذا لا نزيل نحن حدود بلادنا أيضا ونمزقها شرّ ممزق بعدما مزقتها جيوش مختلفة المناشىء والنوايا، في عصر العولمة والديمقراطية..؟ هل ينقصنا شيء في ظل سلطات القوات متعددة الجنسيات والوعود بالديمقراطية وإعادة الأعمار..؟ لاسيما وأن حدودنا مفتوحة جدا وعلى مصراعيها أمام الجميع من الأصدقاء والأعداء الذين تختلف درجة صداقتهم وعداوتهم بحجم العقيدة التي يحملونها..!! فلا ضير من تأسيس منظمات مجتمع مدني بلا حدود على شاكلة (أيتام بلا حدود) و (فنانين بلا حدود) و (طلاب بلا حدود) و (أدباء فقراء بلا حدود) وكذلك (حيوانات بلا حدود..!) و (عراقيون بلا حدود..!)
ولم تنته السلسلة بعد.. مادامت هناك أموال طائلة مخصصة لـ (إعادة أعمار العراق) وكما كانت سلطة التحالف المؤقتةC P A )) السابقة تريد أن تصرف جزء من تلك الأموال بأي شكل من الأشكال، قبل أن تنتهي مهام عملها عند تشكيل حكومة عراقية مؤقتة لتغادر غير مأسوف عليها.. وسواء كان ذلك الصرف على تلك المنظمات العراقية المدنية الجديدة..! أو على غيرها من المنظمات السرية القديمة أو أعادة التصنيع..! فمن يدري..! لا لشيء إلا لكي يستطيع أن يصرف أولئك السادة السفراء في تلك السلطة، المسؤولين عن الصرف، أضعاف تلك المبالغ لحسابهم الشخصي تحت تلك اليافطات والعناوين، والبرامج الثقافية المحلية والديمقراطية المعلنة التي قدمناها تزلفا لهم..! كما أتضح ذلك فيما بعد حل تلك السلطة المؤقتة والرحيل السريع المبكر لمستشاريها وسفرائها وعلى رأسهم السيد بريمر..!! فقد كانوا يمنحون رؤساء تلك المنظمات المدنية (وهي في حقيقتها عسكرتاريا قديمة) ومساعديهم آلاف الدولارات..! وأحيانا عشرات الآلاف كما حدث في (اتحاد الأدباء......) فرع البصرة.. لإقامة نشاطات ثقافية واحتفالية وترفيهية متنوعة.. بهدف نشر الثقافة والفنون والآداب والصحافة..وتأسيس المشاريع والبيوت الثقافية لها.. وكذلك لدعم (المثقفين العضويين) الديمقراطيين المحتاجين.. والشعر بأنواعه، من قصيدة النثر المعلق، الى الشعبي المقفى، أو الشعر الممد مثل السمك المذبوح على الطريقة الإسلامية.. وذلك بدون حساب أو مستندات صرف أو بدون كل ما يترتب على ذلك من مسؤولية مالية شخصية خاضعة للتدقيق..!! فتغيرت الأحوال من حال بائس رث..الى أحسن حال..!!
بجانب كل ذلك الدعم كانت هناك منظمات (إنسانية) بدون هوية (الشجرة.. النخلة.. السدرة.. ورد جوري..!) وبواجهات عراقية، من عراقيّ المنفى في اغلب الأحيان، أو من الذين يجيدون اللغة الإنجليزية من عراقيّ الداخل، الذين بحثوا جيدا عن تلك المنظمات أو إطراف خيوطها ووجدوها، منظمات تمنح أموالا تبدو من سخائها غريبة..!! لذا فهي بلا شك أموال مريبة.. وكما هو واضح وعرفنا فيما بعد جاءت معدة للغسيل (الإنساني) في عراق بلا حدود..! أموالا من أغنياء العالم كما يبدو من المختصين بالتجارة غير الشرعية (المخدرات والتهريب وغيرهما..!!) أنظفهم كان بهدف التهرب من الضرائب المحلية في بلدانهم.. الذين هم بلا حدود أو أخلاق أو مباديء..! وكذلك وجود من هم على استعداد للتسول (بلا حدود) أيضا في أوساطنا الثقافية من (العاطلين عن العمل بلا حدود) فلا تعجب لذلك أو تأسى.. فالعراق كله بلا حدود..!! على الأقل في الوقت الحاضر..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد الصمادي: كمين جباليا سيتم تدريسه في معاهد التدريب والكل


.. متظاهرون يطالبون با?لغاء مباراة للمنتخب الا?سراي?يلي للسيدات




.. ناشطة بيئية تضع ملصقاً أحمر على لوحة لـ-مونيه- في باريس


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يهتفون -عار عليك- لبايدن أثناء م




.. متظاهرون يفاجئون ماثيو ميلر: كم طفلاً قتلت اليوم؟