الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقل الجمعي وثورة القلة

منى يسري

2016 / 1 / 21
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


العقل الجمعي او مايسمى بالاثر الاجتماعي ، يعد من اهم واخطر الامراض المجتمعية التى تؤثر على النمط السلوكي للافراد.
يمكن اسقاط ظاهرة العقل الجمعي كنوع من انواع التقليد الجماعي في عدة ظواهر اجتماعية كظاهرة الانتحار المقلد في مصر حيث بلغ عدد المنتحرين سنويا في مصر 4250 منتحر قابلين لزيادة نتيجة لعوامل الفقر والبطالة واليأس الذي يصاب به المنتحر ابان انتحاره مباشرة تلك اللحظة التى تودي بحياته وقد اثبتت الدراسات النفسية ان وسائل الاعلام لها دور فعال في تزايد حالات الانتحار حيث الاعلان عن حالات انتحار عن طريق وسائل الاعلام يزيد من نسبة حدوثها خاصة اذا كان هناك تشابه بين طريقة انتحار الحالات الجديده وهو مايعرف بمحاكاة الانتحار او الانتحار المقلد ويقع تحت سطوة العقل الجمعي .
ويؤكد عالم الاجتماع الفرنسي أميل دوركايم ( 1858 ـ 1917 ) مؤسس نظرية العقل الجمعي على ضرورة التميز بين ما يسميه بالتصورات الفردية التي ترتبط بالأفراد والمجموعات في بيئات وثقافات معينة ولا تصلح للتعميم زمانيا أو مكانيا, والتصورات الجمعية المشتركة بين الشعوب وبين الأجيال التي تؤثر في سلوكهم دون وعي مباشر بها, وتمثل تلك التصورات الروح أو المادة التي يقوم عليها المجتمع. ويؤكد دوركايم على أن الحياة العقلية تتكون من تيارات من التصورات المستقرة في أذهان الناس بعضها فردي وبعضها جمعي .
ان العقل الجمعي ظاهرة بشرية لاتقتصر على مجتمع بعينه ولا اسباب لها سوى النشأة والتربية والثقافة العامة والتعليم وما يتلقاه الفرد في بناء اسسه العقلية والادراكية حيث تتناسب قوة سيطرة العقل الجمعي على شخص ما بشكل عكسي مع مقدار مايتلقاه من ثقافة ووعي وحرية ، ولا شك ان الخمس سنوات الاخيرة قد تجلت فيها قوة العقل الجمعي في مصر واوضحت لنا دور الاعلام القوي في توجيه العقل الجمعي وفعالية وسائل الاعلام في اقتياد وعي الجماهير ونظرتهم المختلفة ، فحين كانت الدفة لصالح حسني مبارك ونظامه في بداية ثورة يناير كانت وسائل الاعلام تشق الصخر في عقول الشعب لاسقاط الثورة وقد فشلت ، ويتجلى النجاح الاكبر في ثورة يناير في انتصار العقل الجمعي لميدان التحرير وسكانه انذاك على وسائل الاعلام العقيمة واقتياد المعظم من الشعب لنقطة الضؤ التى اومضتها الثورة في مستهلها ..
وماكانت توابع العملية الثورية التى شهدتها مصر اعقاب ثورة يناير 2011 الا استقطاب للعقل الجمعي المصرى الذي يتحكم في تسيير الحياه السياسية والاجتماعية .
حيث يقوم الاعلام (الآله البديل )على الارض بتوجيه دفة الامور السياسية حيثما يريد الحاكم اياً كان . وهو مايسمي بالعقل الجمعي القومي حيث يجتمع الشعب على اراء موحده ويتم طرد وسجن هؤلاء المتمردين الذين يحملون اراء مخالفة للجماعة .
ولا تلبث توابع ثورة يناير ان تبهرنا بنجاحاتها ولم تكن انتخابات 2015 الحالي الا نتاج العقل الجمعي الذي صنعته يناير مسبقاً من ثورة كل مصري على الوضع ، فلقد فاجأنا الشعب المصري في مشهد ثوري جديد بالداخل والخارج بمقاطعاته لهذه المسرحية السخيفة التى يقيمها الرئيس الحالي وان دلت المقاطعه على شئ فلن تدل على ان الثورة لازالت حية بين ابناء مصر !
يمكننا الجزم ان العقل الجمعي هو اسوأ انواع التفكير البشرية خاصة اذا كانت هذه الظاهرة خاضعه تحت مفهم طائفي او ديني ، غوستاف لوبون الطبيب والمؤرخ الفرنسي ( 1841 ـ 1931 ) في كتابه الشهير ” سيكولوجيا الجماهير ” وهو مؤسس ” علم نفس الجماهير ” أن العقل الفردي يختلف عن العقل الجمعي في التفكير, فالأول قد يصل إلى قرارات منطقية, ولكنه إذا انجرف مع العقل الجمعي فقد يتصرف بصورة سلبية, ” ويمكن أن توجد هوة سحيقة بين عالم رياضيات شهير وصانع أحذيته على المستوى الفكري, ولكن من وجهة نظر المزاج والعقائد الإيمانية فان الاختلاف معدوم غالبا, أو قل انه ضعيف جدا. وألا بماذا نفسر خروج أساتذة جامعيين ورجال فكر في مقدمة تظاهرات مليونية للولاء إلى رمز ديني أو مناسبة دينية أشار بها القائد الديني أو السياسي بسبابة أصبعه فهرعوا لمناصرته دون معرفة حقيقية للدوافع والأسباب !!
أن العقل الجمعي سيكولوجيا هو أسوء نماذج العقول حيث ينساق المرء فيه وراء غرائزه البدائية من خلال الإحساس بالآمن الشكلي ضمن المجموع, فيلجا إلى الحلول ذات الصبغة الأرضائية الساذجة للمجموع دون إدراك لمخاطرها المستقبلية في بناء الاستقرار الفعلي على مستوى الفرد والمجتمع, وتحول الكيان الفردي المفكر والمبدع, والذي بفعل فرديته المميزة يضفي جمالا على مختلف الظواهر السياسية والاجتماعية, من شخصية واعية إلى شخصية متلاشية تضمر فيه إنسانيته ولا يرى الأشياء إلا بلونين أما الأسود أو الأبيض, ومن هنا تبدأ المشاعر المكبوتة في الظهور في وسط “الحشد ” حيث يشعر الفرد بالأمان الشكلي لأنه جزء من كيان ضخم يصعب عقابه أو مسائلته عند ارتكاب مختلف الجرائم والسلوكيات, حيث يضعف القانون أمام هذه ” الحشود “, ويتمركز الشخص حول هذا الكيان الضخم أكثر من تمركزه حول فرضية بشرية تحتمها العقول ، فلابد من وجود عقل جمعي ثوري قوي في مواجهة هذه العقل المهترئ الذي يغرق سفينتنا ومن فيها وبما فيها.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ?? حكومة اخنوش: إخفاقات التغطية الاجتماعية والدعم المباشر وس


.. لليوم الثامن على التوالي.. غضب المتظاهرين الألبان يشتعل أمام




.. كلمة الأمين العام


.. الرسالة المفتوحة رقم 02 من المكتب السياسي لحزب التقدم والاشت




.. The Solution - To Your Left: Palestine | عركة التحرر - على ش