الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما تنهض المساجد والرياسة.. تسقط الأحوال والسياسة!!

عادل مرزوق الجمري

2005 / 11 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


عندما تنهض المساجد والعمائم ضد فاقدي الكياسة..
حينها تسقط الأحوال والسياسة !!

لم تكن جماهير "إحتشاد تظاهرة السيف" جماهيراً دينيةً فقط، ثمة زوايا أخرى لهذا الحشد الجماهيري التاريخي سواء على المستوى البحريني أو الخليجي ككل، ولي شخصياً، عبر إرتكازية أن الدين هو جزء من السياسة في التجارب السياسية العربية ولا يمكن فصله، فمن السذاجة أن أتصور هذا الحشد "حشداً دينياً" فقط، دون أن تكون له دلالات سياسية كبرى.
ومع أن العنوان الرئيس لهذه الفعالية كان "الإنتصار لله" و"الإنتصار للإسلام"، فالملاحظ أنها كانت تحمل معها "رمزياً" ملفات سياسية كثيرة، كانت ولا زالت هذه الملفات عصية على الحل والتحليل والتنبأ، "التعديلات الدستورية"، "الإعتداء على السواحل"، "ملكيات الأراضي"، "ضحايا التعذيب"، عبارات قُرأت هنا أو هناك، أو أُعلن عنها كملفات مكملة للتظاهرة، لنا أن نحاول الفصل بألف ذريعة وذريعة، إلا أننا ببساطة، لا نحلها، بقدر ما نعقدها، لا مجال لفصل الدين عن السياسة في البحرين، نتيجة للتاريخ وحسب.
التظاهر بوصفه "واجباً شرعياً"، "حفظاً لحكم الله"، "تأكيداً لإسلامية البحرين"، هكذا روج المجلس العلمائي لمظاهرته، وهكذا يستطيع أن يروج لما يريد من تظاهرات في أي ملف من الملفات السياسية، فالله والدين يقترنان بجميع فعالياتنا السياسية وأزماتنا التاريخية.
ليست الوفاق من كانت تنظم أو تملك الخيار السياسي يوم الأربعاء الماضي لعموم المتظاهرين، وإن كان الأمر "محزناً" أن تفلت السياسة من غرف السياسة لساحات المساجد، إلا أنها ليست مصيبة، وليست نهاية المطاف، هذا مشروط بالطبع بأن تقتنع " الحكومة" وأن تقنع "مُسَوقيها المغمورين في الإعلام البحريني" بأن لا ينتجوا خطاباً تقليدياً لا مسؤولاً، تنقل هذه الخطابات المتوترة والغير مسؤولة المواطن البحريني من التخيير في تجاذبات السياسة إلى إجباره بفتاوى المساجد القاطعة.
إنهم لا يعرفون النهاية!!
علينا جميعاً –دون إستثناء- أن نعترف بأننا انتجنا قناعاتنا –أوهامنا- المبالغة في إنحسار القوة الشعبية للتيار الديني الخالص من المساجد ودور العبادة، وأننا أصبحنا مجتمع مؤسسات مدنية، الحقيقة القارة هي أن الحكومة لازالت عاجزة أن تكون مؤسسة مدنية، والشارع لا تجمعه المؤسسات السياسية بقدر ما تجمعه الفتاوى والوعود بالجنة، المجتمع البحريني لازال بعيداً أن يكون مجتمع مؤسسات، وليس لقوة من هاتين القوتين ميزة على الأخرى، أختك مثلك!.
كانت مجمل خطاباتنا تقلل من قوة هذه القوة الإجتماعية، إلا أن ما حدث في الأربعاء التاريخي يجعلنا نعيد ترتيب الأوراق، وأن نوجه النصح لساستنا بأن لا يبالغوا في الأمل، فالمواطن البحريني أصبح لا يصدق إلا "مواطنته في الآخرة".
قدر ما خذلت الحكومة والجمعيات المعارضة الإنسان البحريني بكثرة الوعود التطور والنماء وحلحلة مشاكله التاريخية، فلقد صنعت منه هذه الوعود إنساناً فاقداً للأمل، أمله الوحيد هو الجنة!!. لذلك لا غرابة أن يحتشد الجمهور البحريني في "إحتشاد الأربعاء" بهذه الضخامة، ولن يحاسب المسؤولون عن الإحتشاد على أي وعود قدموها، فنصرة الدين ثمنها في الآخرة رضوان الله، ولا يقدم رجل الدين للمؤمنين وعوداً ملموسة بقدر ما يعدهم بالنصرة لله ولدينه.
إذا كانت الوفاق هي اكبر مؤسسة سياسية ممثلة للتيار الديني الشيعي، فإنه من الواجب أن تتفهم الحكومة هذه الحقيقة وأن تتعامل معها بواقعية، ولا يمكن أن تستمر الحكومة في مقاطعتها للوفاق ورموز الوفاق، ولا يمكن القبول بمواصلتها التكبر والممانعة في إعادة فتح باب الحوار مع الجمعيات السياسية، المعارضة ليست في حقيقتها معارضة التسعينات بشراستها، لكنها ليست اليوم لينة العظم حد الكسر!!، فمتى أرادت أن توجه رسائل صارمة فهي قادرة على فعل ذلك.
إرتكازية الأربعاء
لم تكن جماهير الأربعاء ترتكز على أي من الدساتير البحرينية سواء القديم منها 73 أو الجديد 2002، ولم تكن تهتف خلف قانون من قوانين المجتمع، كانت نقطة الإرتكاز هي الإسلام وعلماء الدين، والسؤال هو ببساطة، لماذا؟، ونجيب على هذا السؤال عبر النقاط التالية:
أولاً: لم تعد المؤسسات السياسية تمتلك المصداقية، وبقى الدين هو الصادق الوحيد. الوعود الحكومية أصبحت تاريخية، والجمعيات المعارضة لازالت تتراشق وتتناحر هل كان خيار مقاطعتها للإنتخابات خياراً صالحاً أم طالحاً. ثانياً: لم يتضح لهذه الجماهير ولعلماء الدين أن اياً من الجمعيات السياسية ذات الأيديولوجيا الدينية تمتلك رؤية سياسية متكاملة، هذا الفراغ السياسي فتح الباب أمام رجال الدين ليكونوا ساسة يتقدمون بتنظيمهم الشخصي أضخم تظاهرة سياسية بحرينية. ثالثاً: لم تعد الأجواء السياسية في البحرين صحية، فالحكومة – متعمدة - تحاول مضايقة الشارع السياسي بمشروع تلو الآخر، وعلى المعارضة كما يذهب البعض أن تقبل كل يوم باللعب مع الحكومة والتضحية، وصولاً يوماً ما للعب مع الحكومة وهم في توابيت "اموات".
من القبول بقانون الجمعيات والإنضواء تحت مظلته، والقبول ضمنياً بالمشاركة في الإنتخابات القادمة، تأجيل ملفات "ضحايا التعذيب"، "العاطلين عن العمل". الحكومة واقفة جامدة الحراك، ثم تأتي الحكومة لتختار التوقيت الخاطئ والشخصيات الغير ناضجة والطرق الترويجية الفاشلة لتروج أو تجبر المعارضة على القبول بقانون تقنين الأحكام الأسرية!!. ورغم أننا نقف مع القانون إلا أننا لابد ان نحترم رغبات هذه الشريحة الإجتماعية الكبرى، وهذه ضريبة الديمقراطية، إما أن نقبل بها، أو ببساطة أن لا نتشدق بها. أخيراً، عوض أن تتقدم الحكومة للمعارضة بمبادرة محبة وإخاء على تنازلت عنه المعارضة لصالح الحكومة بضريبة تمزيق صفوفها، هاهي الحكومة تثير المعارضة عبر خطاب لا يتوافق في مجلمه مع مقتضيات المرحلة الإصلاحية التي يرعاها جلالة الملك، فكأنما ثمة برامكة يعبثون هنا وهناك من أجل التخريب.
سياسة الفتيا!!
إذا ما إستمرت الحال السياسية في البحرين متأزمة على ما هي عليه اليوم، فقريباً تنتهي المسرحيات السياسية لتظهر الحلول الدينية الخالصة "الفتيا"، والحكومة ليس من مصلحتها ان تتحاور –إن ارادت الحوار- في المساجد. وكلنا يعلم خطورة أن تنتقل الملفات السياسية من الجمعيات السياسية والمجلس التشريعي بغرفتيه إلى ساحات المساجدوخطب الجمعة.
الحكومة –بلا شك- عبر ممثليها في الآونة الأخيرة هي من تتحمل المسؤولية، ولا غرابة في أن نكرر ألف مرة، هناك وجوه سياسية حكومية مستهلكة لابد من إبعادها، وهناك وجوه أخرى إستملكت من المناصب السياسية وعضويات اللجان ما لايعد ويحصى، وكأنهم ساسة خارقون، أو بدع سياسية تاريخية، فكيف لهؤلاء أصحاب عشرات المناصب أن ينجحوا!!، فلتصنع الحكومة لها وجوهاً سياسية جديدة، على الأقل هناك طوابير من أعضاء مؤسساتنا الحقوقية والإعلامية تتملق كل يوم للسلطة املاً في منصب ما، فلتجبهم الحكومة، لعل ألله يحدث أمرا؟ .
كيف نقرأهم؟ :
كيف نقرأ هذا الإصطفاف السياسي الديني قرب مجمع السيف؟، وماالذي نستفيده حين نتأكد من قدرة التيار الديني الشيعي على صناعة أحداث سياسية جماهيرية بهذه القوة؟، لابد أن حدثاَ بهذه الضخامة يستحق منا التمهل، وإعادة قراءاتنا السياسية بتمعن وواقعية.
لابد لجميع منظوماتنا السياسية الإجتماعية أن تقرأ هذا الحدث بما يستحق من إهتمام، ولابد أن لا ننزلق نحو التضخيم الزائد أو التهميش المعتاد كما ستذهب بعض صحفنا المحلية، شاء البعض أم كره، إن دلالات مسيرة الأربعاء دلالات سياسية تذهب إلى أن الثلاثي الديني "قاسم، الغريفي، الوداعي" مضافاً له "النجاتي" يمثل قوة سياسية لا يستهان بها، وعلى الجميع "السلطة التنفيذية، السلطة الإعلامية، السلطة التشريعية" أن يدركوا تمام الإدراك أن ثمة قوى ضغط خارجية عن المؤسساتية المدنية البحرينية تستطيع أن تقلب الطاولة على الجميع في أي وقت شاءت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد