الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات وحدها غير كافية

أحمد محمد صالح

2005 / 11 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


يوم انتخابات مجلس الشعب المصرى عام 2005 ، تعطلت سيارتى التى اشترتها بالتقسيط أيام شعارات الوحدة والاشتراكية ، وعندها كل الحق ، فهى تحملت كافة أنواع مطبات الحكومة فى الشوارع ، وكان لابد من التوجه بها إلى طبيبها الاسطي محمود ، الذى يصر على مناداتى بلقب الباشا ، والحقيقة ان الاسطي محمود هو اللى ستين باشا ، فالجامعة تعطينى فى الشهر ما يكسبة الاسطي محمود فى اسبوع واحد ، ومع ذلك يصمم على مناداتى بسعادة الباشا ، ولا ادرى لماذا؟ مع ان شكلى عادى جدا مثل ملايين المصريين من عامة الشعب . المهم أستقبلنى الاسطى محمود ببشاشته المعهودة ، وأخبرته بأعراض العطل ، وآخذ يربت على سيارتى المعطلة ، ويكشف عنها الغطاء ، وسألني فجاءة وهو يكشف بين أسلاكها ، انتخبت مين ياباشا ؟!... وتعللت بعطل سيارتى ! وسألته بدورى نفس السؤال ! وكانت أجابته بالنص " محدش فى الحته راح الأنتخابات ، فالناس عارفة مبن اللى حينجح ويكسب ، فهم نفس الوجوه الفاسدة الذى عفى عليها الزمن ، وهم مجهزين الأسماء " ، وقاطعته مسترسلا : لكن هذة المرة مختلفة ، فهى تحت إشراف القضاء الذى يراقب كل شىء ! وهنا ضحك الاسطى محمود ، وبدون ان يرفع رأسه من بين موتور السيارة قال: انت طيب قوى ياسعادة الباشا ، القاضى مسئول عن الصندوق جوه اللجنة بس ، وغير مسئول عن مايحدث خارج اللجنة ، وهى الحكومة حتغلب ! ياسعادة الباشا البلد كلها عزبة كبيرة أحنا مش اصحابها ، أنا وأنت وغيرنا مجرد شغيله ، وببضحكوا علينا ! ويعملونا انتخابات علشان نتلهى ونفتكر أننا أصحاب البلد !! دول مجهزين كل شىء ، هى الحكومة لما تريد تنجح حد ، القاضى حيقولها لا ....، ده الأمن بيعمل اللى عايزه خارج اللجنة ، والقاضى جوه ياباشا ! وهنا التزمت الصمت مفكرا متى يصدق الناس فى الشارع المصرى ان هناك انتخابات حقيقية ونظيفة ؟! وكانت الأجابة على لسان الاسطى محمود عندما نتحول جميعا إلى شركاء حقيقيين فى أدارة هذا البلد ؟! ، . واستيقظت من تفكيرى على سيارت حكوميه تحمل افرادا تهتف للحزب الوطنى ، وتنبهت ان الحارة التى فيها ورشة الأسطى محمود أيضا كانت مليئة باللافتات الانتخابية التى تحمل العجب ، وتزايد على الدين ، وتعكس العنف المعنوى ، لافتة تقول البرلمانى الطائر ونجم الأعلام اللامع ، ولافتة أخرى تقول الإسلام يزيح الغمة فاختار الإسلام وأدخل الجنة ، كأننا نحن كفرة ويعرضون علينا الإسلام لأول مرة ، وأخرى تحمل اسم مليونير ويصف نفسه بالعامل الغلبان ، وأخر مازال يضحك على الغافلين ويقول الإسلام هو الحل ، وآخر يصر على صورته وهو ملتحى ، ولافته أخرى باسم دكتور يعلن انه صاحب علوم بلا غيوم ! وتحمل الأتوبيسات والتروماى شعارات الحزب الوطنى التى تبشر بالاستقرار والرخاء والعبور إلى المستقبل ، والفكر الجديد ، وتنظر إلى الأتوبيس وهو يكاد ينفجر بأجساد البشر، ,وطوابير الخبز أمام الأفران ! وتتساءل كيف يكون الاستقرار والرخاء ، والفكر الجديد والعبور إلى المستقبل والوجوه نفس الوجوه الفاسدة ،وعفى عليها الزمن ؟ والناس فى وادى آخر فى همهم اليومى لسد حاجاتهم المعيشية ، ولا يشعرون بالانتخابات ، فهى تهم فقط عدد محدود من الحواريين الذين يلتفون حول الحكام ، ويطمعون فى مكاسبها أما الأغلبية العظمى من الناس فهى فى توهان يومى وغسيل أعلامى . وهذه صور المرشحين تقابلك يوميا فى الصحف بحجم كبير قبل الإنتخابات للتذكرة ، وبعد الانتخابات للشكر والتهنئة ، وتتأمل الصور وتشعر بأبتسامتهم الصفراء المصطنعة ، وتسأل نفسك متى ظهروا ؟ ومن أين جاءوا بكل تلك الأموال ؟! ولماذا يصروا على دخول مجلس الشعب ؟! ونسمع الأخبار المعتادة لعدم تنقية كشوف الناخبين ، وجروح في اشتباكات وقعت بين أنصار المرشحين ، وتلاعب فى الجداول الانتخابية ، وتحرش أنصار الوطنى الحاكم بالناخبين ، وتوزيع أموال وهدايا ورشاوى بتوحش ..الخ رغم ذلك، تكرر علينا وسائل الأعلام الرسميه ليل نهار ان الانتخابات نزيهة ، حتى نزهق ونقرر أنها فعلا نزيهة رغم سيطرة الحزب الوطنى على كل أمكانيات الدولة وتسخيرها لصالحة فى الإنتخابات . ويجب ان نسلم ان اشراف القضاء وعدم تدخل الأمن بشكل ظاهر كانت عموما إيجابيات ، لكن كما وصفها البعض كان هناك تزوير ناعم من خلال تحيز أجهزة الإعلام وإدارات الدولة لصالح الحزب الحاكم ، لكن الانتخابات وحدها غير كافيه ، فالمشكلة الحقيقية فى طريقة تفكير عقل النظام المتمسك بالسلطة بعناد ، فهو لا يحتمل الديمقراطية ، وصدقت مقولة الأسطى محمود ابن البلد ، ان الموضوع ليس موضوع انتخابات ، الموضوع اكبر من كده بكتير ، وان البلد بلد حكام ؟! رغم معظم دول العالم تعيش اليوم لأول مره فى التاريخ ، فى ظل نظم ديمقراطيه ، لأنها هى النظام السياسى الوحيد الذى يتوافق مع احترام جميع الحقوق الإنسانية ، ولكن مع ان الديمقراطيه لم تعد مراوغة ، فأنها لم تصبح بعد شاملة للجميع ، لأن الأصوات الانتخابية وحدها لا تضمن حقوق الإنسان ، فالأغلبية المنتخبة ديمقراطيا يمكن ان تسحق الأقلية ، فقد فشلت الانتخابات فى مصر ان تعطى تمثيل حقيقى للمصريين الأقباط ، وتمثيل حقيقى للمرأة المصرية . والآن ماذا نحن فاعلون ؟! الوطن يحتاج إصلاح سياسى وتعليمى جذرى يقيم الديمقراطية والمشاركة ، ويسمح للمجتمع المدنى بالنمو ، فالبداية دائما فى السياسة والتعليم إذا خلصت النوايا ، فمتى نصبح مواطنين لنا حقوقا وعلينا واجبات ، متى يصبح القانون فوق الجميع ، وكيف يتم تفعيل المصريين وتنميه المواطنة والمشاركة بينهم ؟ كلها أسئلة توقفت عندها ؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما مدى أهمية تأثير أصوات أصحاب البشرة السمراء في نتائج الانت


.. سعيد زياد: إسرائيل خلقت نمطا جديدا في علم الحروب والمجازر وا




.. ماذا لو تعادلت الأصوات في المجمع الانتخابي بين دونالد ترمب و


.. الدفاعات الجوية الإسرائيلية تعترض 3 مسيّرات في سماء إيلات جن




.. فوضى عارمة وسيارات مكدسة بعد فيضانات كارثية في منطقة فالنسيا