الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواة التظاهرات

طاهر مسلم البكاء

2016 / 1 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ان تصبح بعض الأمور عادة ،فهذا ماتعارف عليه الأنسان منذ الخليقة وشمل الكثير من فعالياته المختلفة كالأكل والنوم وطلب الرزق والتنزه وزيارات المعارف وغيرها .
ولكن ان ندمن مهادنة السلطات من خلال التظاهر، فهذا ما يستحدثه العراقيون والحكومة الحالية المغرقة بالفساد ، فكلاهما بدأ يقنع نفسه شيئا ً فشيئا ً ان لاضرر ولاضرار، واصبحت التظاهرات من المظاهر الصديقة للحكومة واركان الفساد ،لاخوف منها ولااكراه على الأصلاح والتغيير ،لابل ان بعض حيتان الفساد من أخذ يخرج وسط جموع المتظاهرين مرددا ً عبارات ضد الفساد والفاسدين !
وقد استغلت احداث التظاهرات من الكثير من الأحزاب لتحسين مواقعها والأعتدال جيدا ً على خوانيق الناس ،ففي الأيام الأولى من التظاهر كان خوف المسوؤلين حقيقي وقد بدى بعضهم خائفا ً ومتهيئا ً للطوارئ ،غيرانهم وكمحاولة لأمتصاص الغضبة الشعبية فقد اتخذوا بعض الأجراءات الشكلية التي لاتمس اركان الفساد كتغيير مدراء بعض الدوائر ، وعند اطمئنانهم في الأسابيع اللاحقة اخذوا يحاولون الأستفادة من الوضع الجديد بتقاسم المغانم الجديدة ، حيث وزعت هذه المناصب الشاغرة بين المسؤولين بأسلوب المحاصصة الحزبية وأصبح كل حزب بمالديهم فرحون .
ولايمكن ان يكون مثل هذا الأجراء اصلاحا ً أبدا ً فالأصلاح الحقيقي يبدأ من الأعلى متجها ً الى الأسفل وليس العكس ،اي انه لكي يكون واقعيا ً ومنطقيا ً فيجب ان يبدأ بالحيتان الكبيرة نزولا ً الى القاعدة ، فمافائدة تغيير مدير دائرة فرعية صغيرة في أحدى المحافظات أذا كانت قمة السلطة غارقة بالفساد ؟
البداية كانت تحمل آمالا ً كبيرة :
اذا اعتبرنا ان شهرتموز 2015 حمل بدايات التظاهر الشعبي المطالب بالأصلاح فاننا ونحن في مطلع عام 2016 لانزال نشاهد مظاهر للأحتجاجات ودعوات للتظاهر ، اي ان الموضوع قد استمر لأكثر من سبعة اشهر وأصبح روتينيا ً لايخيف أحد ولايسمع له أحد ،لو عدنا الى تأكيدات المرجع الأعلى السيد السيستاني في الأسابيع الأولى من مثل:
(عملية اصلاح المؤسسات الحكومية ومكافحة الفساد المالي والأداري المستشري كان من هواجس المرجعية الدينية العليا منذ السنوات الأولى التي تلت تغيير النظام في العراق ) ،مضيف، (ان المرجعية طالبت مرارا ًبتمكين القضاء من أداء دوره بأستقلالية وتحسين الخدمات العامة ومكافحة الفساد وألغاء الأمتيازات الغير المقبولة التي منحت للمسؤولين لكنها للأسف لم تجد آذانا ً صاغية لها ،وان المرجعية تقدر قرارات الأصلاح التي أعلنت في الأيام الأخيرة ،معربا ًعن أمله في ان تجد تلك القرارات طريقها للتنفيذ في وقت قريب ) كما دعت المرجعية الى شمول الجهاز القضائي بالأصلاح كونه يمثل ركنا ً مهما ً من استكمال حزم الأصلاح ليكون المرتكز الأساس لأصلاح بقية مؤسسات الدول ،وطالب بالعدالة فمن غير المقبول ان يحظى كبار المسؤولين برواتب تصل الى عشرات الملايين بينما لاتبلغ رواتب الكثير من الموظفين 300 الف دينار .
النتائج خيبة أمل كبيرة :
التخدير كان متعمدا ً، و ان يتم امتصاص الغضبة الشعبية وان يصمد كل من الفرقاء بمكانه لايتزحزح ،فيما بدأ مايشبه الهجوم المضاد يوجه بأتجاه صفوف الشعب ،وكانت الضربة الأولى التي قصمت ظهر البعير هي التخفيضات التي مست صميم رواتب الموظفين ،وبدت التظاهرات تتآكل بدعوى ان اسعار النفط تتساقط ،وبدأت تسمع تصريحات مسيسة من ان الرواتب قد تقطع في مرحلة ما ،او يعطى أغلب الموظفين اجازات إجبارية بدون راتب ،وان العراق سيصل الى مرحلة افلاس وان على الحكومة ان تجد لها صرفة حل كالقروض وغيرها ،وبدل ان تحاسب الحكومة وساستها المفسدون الذين اوصلوا البلاد الى هذا الواقع المزري ،فقد اصيب الناس بالوجوم وغاب التصرف السليم ،وسط استمرار هواة المظاهرات الكلاسيكية التي لانفع منها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة