الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مِشط الخِبرة

امين يونس

2016 / 1 / 23
كتابات ساخرة


يعجبني المَثل الصيني الذي يقول : ( الخِبرة ... هي مِشطٌ ، تعطيهِ الطبيعةُ للرَجُل ... بعدما يصبح أصلَعاً ! ) .
رُبع قرنٍ مضى ، على تجربتنا الكردستانية . في بدايتها ، أي في 1991 ، لم يَكُن لنا " أصدقاء " كثيرين ... ولم يكُن عندنا نفطٌ ولا غاز .. سحبَ نظام صدام " إدارته " وتَرَكَنا لسذاجَتِنا وبساطَتِنا ، مُراهِناً على فشَلِنا المرتَقَب السريع . الجار التُركي لم يكُن يطيقنا ولا يعترِف بنا أصلاً . جارنا الشرقي الإيراني ، خّطَطَ منذئذٍ ، لإستخدام ساحتنا ، للإنتقامِ من العراق . سوريا أرادتْ إسترجاع " ثَمَنْ " إيواء السياسيين الكُرد لسنواتٍ طويلة في دمشق ، عن طريق " خَدماتٍ " لصالح سوريا ! .
أما اليوم .. وبعد زَوال حُكم صدام .. وبعد الإضعاف المُزري لحُكم بشار الأسد .. وبعد غَلق ملف العقوبات ضد إيران .. وبعد سيطرة أردوغان على الحُكم في تركيا .
وبعد ان غَدَوْنا أصحاب آبارٍ ضخمة للنفط والغاز .. وأصبحنا في مُقّدمة الواقفين ضد الفاشية الداعشية .. ويُشارُ بالبَنان إلى بيشمركتنا الشُجعان وتضحياتهم .. وتخلَيْنا عن زراعتنا وبُتْنا سوقاً مفتوحةً للبضائع التركية والإيرانية .. فأن تُركيا أردوغان تستقبلنا بالأحضان ، بل وتضع عَلَمنا الكردستاني في الزيارات الرسمية لقادتنا . وأن قادة العالَم الكِبار والصِغار ، يستقبلونَ زعماءنا .. وتحولتْ أربيل إلى عاصمةٍ سياسية تعجُ بعشرات القُنصليات العائدة لأهم الدول في العالَم .
......................
في 1992 ... كان معظم الناسُ ، مُنْتجين ، يعملون في الزراعة وتربية الحيوانات والحُرف اليدوية والمعامل الصغيرة ، وآخرونَ موظفون ومعلمون ... وكان المسؤولون الجُدُد ، يسكنونَ في بيوت متواضعة ووفق شروط بسيطة ، شأنهم شأن معظم الناس ... وكانتْ واردات الكيان الفَتي ، تعتمد على كمارك المنافذ الحدودية ولا سيما ، إبراهيم الخليل . كانَ الوضع مقبولاً والأمور ماشية والرواتب تُدفَع كُل شهر .
إلى أن إنخرط حُكام الأقليم ، في لُعبة كَسر الحصار المفروض على العراق ، وبدأ قوافل ناقلات النفط من الموصل الى تُركيا في بداية 1993، عبر منفذ إبراهيم الخليل " بالإتفاق مع نظام بغداد " ، وتراكُمَتْ اموال ضخمة في أيدي مسؤولينا ، فُجأةً . فتغيرَ كُل شي ، فإختلفَ الحزبان الحاكمان على ( الغنائِم )، وكانتْ سبباً في حربٍ داخليةٍ قذرة إستمرتْ لسنوات . وبقية القصة معروفة .
....................
اليوم .. معظم الناس عاطلون .. القلة القليلة تعمل في الزراعة . والغالبية موظفون وبيشمركة وشرطة ومتقاعدون ... أي كَسالى يعتمدون على ما تدفعه الحكومة من رواتب .
الفساد وإنعدام التخطيط وسوء الإدارة وإنخفاض أسعار النفط والغاز ... كلها أدتْ إلى فشلٍ ذريع في التعامُل مع الأزمات .
وصلتْ الأمور ، إلى درجةٍ ... انهُ في كُل يوم ، يُبادِر الشباب من الجنسَين ، إلى مُحاولة الهجرة ، وعبر شبكة المُهرِبين . يهاجرون رغم علمهم المُسبَق ، بخطورة الطريق وإحتمال غرقهم في البحر ، أو عدم قبولهم في البلدان الأوروبية . يصّرون على ترك الأقليم ، رغم سماعهم يومياً ، بأخبار موت وغرق المئات ، في بحر إيجة أو إختناقاً في الحاويات .
.................
نعم ... وكما يقول المثل الصيني أعلاه .. فأننا إكتسبنا خِبرةً مُتراكمة خلال رُبع القرن الماضي ، مُؤداها : ... أن هذه الطبقة الحاكمة منذ ذلك الوقت ، لاتصلح للحُكم الرشيد ، إطلاقاً .
المُشكلة ، ان [ مِشط الخِبرة ] ، لم يَعُد ينفعنا كثيراً ، بعد أن أصابنا الصَلَعْ !! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حياة كريمة.. مهمة تغيير ثقافة العمل الأهلى في مصر


.. شابة يمنية تتحدى الحرب واللجوء بالموسيقى




.. انتظروا مسابقة #فنى_مبتكر أكبر مسابقة في مصر لطلاب المدارس ا


.. الفيلم الأردني -إن شاء الله ولد-.. قصة حقيقية!| #الصباح




.. انتظروا الموسم الرابع لمسابقة -فنى مبتكر- أكبر مسابقة في مصر