الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحبة من مهب الثورة

هيثم بن محمد شطورو

2016 / 1 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


انتـفاضة الأحرار الأخيرة في الشوارع التـونسية احتـفال جماهيري بالثورة. رقصة الأجساد المشتعلة تحيي وهج ثورة في ذكراها الخامسة. تعلن أن الثورة في الشوارع و ليست بين أروقة الوزارات و القصور. شتان بين من يحتـفل بالمناصب التي درتها عـليهم ثورة الكادحين، و بين احتـفال الكادحين المتوقـدة صدورهم بالغضب الثوري الذي لم ينـقـطع مثـلما توهم السادة الجـدد.
هناك عـدة استـنـتاجات، أولها هو التعاطي الأمني الحذر مع الاحتجاجات و التي حالت دون تطورها إلى اكتـساح البلد كأمواج نارية لاهبة تحرق الأخضر و اليابس. يمكن القـول أنـنا اليوم إزاء تطور نوعي في فـلسفة الأمن و ليس مجرد تكـتيك آني فرضته عـوامل المفاجأة من الغـضب العارم. من شأن الأيام القادمة أن تـثبت هذا المعـطى الجديد أو تـنـفيه، خاصة انه من غير المتصور أن تـنـقـطع الاحتجاجات نهائيا، بل ربما تخبئ الأيام الـقادمة عاصفة شعـبية أشـد عـصفا، نظرا لما لمسناه من مواصلة التغيـيب الحكـومي للتـشخيص الواقعي للمسألة و بالتالي للحلول الجذرية لها. جل ما في الأمر أن المحتجين اطمأنوا إلى وصول رسالتهم إلى عالم الفوق أو الدائرة الحكومية مع عـدم ثـقـتهم في وعـودها أو تصوراتها. إلا أن عـودة ملف التـشغيل و من ورائه الإنتاجية و زيادة الثروة الوطنية إلى ترؤس أولويات السياسة الحكومية يعتبر في ذاته انجازا. دائرة جديدة سيتم الاشتغال عـليها بما تـفرضه من تعاطي سياسي قائم على الحوار و الضغط و النـقد الشرس غير المهادن لمجمل السياسات الحكومية.
فالمسألة الواضحة الآن أن طريقـة الحكم هي المسئولة أولا عن كل ما يحـدث. طريقة حكم و ميزانية تـدعم الأثرياء و الجدد منهم أساسا و تـضغط على الفـقراء بل تخنق أنـفاسهم بانسداد آفاق الانفراج. فالمسالة هي مسالة تـشغيل و لكنها بشكل أعم هي مسالة تـفـقير و قضاء على الطبقة الوسطى نـتيجة التساوق الحكومي مع تحـديدات البنك الدولي و الدوائر الامبريالية المانحة و المقرضة.
إن الاتجاه المسالم للاحتجاجات التي ركزت على إبراز مطالبها الواضحة و المشروعة تـدل على وعي دقيق بالحلول الواجبة، و على رغبة حارقة في العمل الذي يكـفل كرامة الإنسان. لكن إن وجد هذا الشباب تحول البلاد إلى ورشة كبرى في الإنـتاج و الإنـتاجية بتـدخل مباشر من الدولة عمليا و خطابيا سياسيا، فان النار المضطرمة في الصدور التي أخرجتهم إلى الشوارع ستـتجه نحو البناء الخلاق بالإحساس نـفـسه من المسئولية تجاه هذا الوطن العـظيم الرائع بكل ما فيه، سواء في اتجاهاته السلبية أو الايجابية.
فالتونسيون جديـرون بتعميق محبتهم لأنـفـسهم و الاتجاه الصاروخي نحو خلق العـظمة التي هم جديرون بها. فالأمن و الحكومة و الإعلاميون و المحتجون و الثوريون الشرفاء و الشعب العامل و المستهزئون بكل ما يحدث من الجانبين، و المعلـقة أرواحهم بين الأرض و السماء خوفا على الوطن و مصيره.اتـفق الجميع على الرفض و التصدي للمخربـين و التميـيز بينهم و بين الحق في الاحتجاج السلمي. نستـثـني من التونسيـين الفاسدين و دوائر الفـساد لأنهم اخرجوا أنـفـسهم من المصلحة الوطنية لصالح أنانياتهم الضيقة المقيتة.الجميع في نهاية الأمر عبر التعاكس و التماهي في المسارات خلق مشهدا رائعا. فالتونسي يحب أخاه و إن انهال عليه نـقـدا و تـقريعا. كما أن المخطئ أو المتصرف بروحية العجز تجاه السيادة الوطنية و الحرية تجده يحترم الشرفاء و الانـقياء المتـقـدمين في الصفوف الأمامية للسير قـدما بالوطن الرائع إلى الأعالي. ما أروع الطموح إلى بناء قرطاج جديدة عـظيمة.
أما السيد رئيس الجمهورية، فان الانطباع الذي يخرج به المرء من مشهد خطابه الأخير الذي طلب فيه من الحكومة مزيدا من الإجراءات أو القرارات في ملف التـشغيل، انه مصدوم برغم تـقصده التصريح بعكس ذلك. كان فرعون هو الالاه و هو الشمس التي تسـطع على مصر. رع آلهة الشمس تـنير بسناءات نورها جميع أراضي مصر العـظيمة. ترك الفراعنة هذا التحديد لماهية الحاكم. الحاكم الشمس. الحاكم اليوم في تونس اكـتـشـف انه لا يـبصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قرارات بتطبيق القانون الإسرائيلي على مناطق تديرها السلطة الف


.. الرباط وبرلين.. مرحلة جديدة من التعاون؟ | المسائية




.. الانتخابات التشريعية.. هل فرنسا على موعد مع التاريخ ؟ • فران


.. بعد 9 أشهر من الحرب.. الجيش الإسرائيلي يعلن عن خطة إدارة غزة




.. إهانات وشتائم.. 90 دقيقة شرسة بين بايدن وترامب! | #منصات