الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة

حاتم استانبولي

2016 / 1 / 24
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


الثورة ـــ هي ضرورة, عندما تفقد مؤسسات الدولة, دورها في التعبيرعن مصالح وتطلعات الغالبية من الشعب , وخاصة طبقاته الوسطى وما دون ، وتصبح بيروقراطية الدولة ,عائقا امام تطورها, وتستخدم قوانين الدولة لصالح فئة قليلة متسلطة وتصبح السلطة التنفيذية والتشريعية أدوات طيعة بيد الحاكم. فهنا يجب على القوى الأكثر وعيا العمل من اجل توجيه الإعتراض والنقمة الشعبية ليس ضد كيانية الدولة , وإنما لأستعادة دور مؤسسات الدولة لتصبح معبرة عن مصلحة الأكثرية الساحقة من الشعب , وإعتماد القانون المدني كأساس لعمل هذه المؤسسات .إن الغضب والسخط الشعبي يجب أن يتحول لقوة دافعة إيجابية في العملية الثورية الديمقراطية وهنا يأتي دورالقوى الأكثر وعيا في المجتمع في توجيهها إلى هدفها وهو تغيير مضمون عمل مؤسسات الدولة وإخضاعها لإحترام رأي الأكثرية الساحقة من الشعب.وبهذا الصدد, فإن العملية الثورية الديمقراطية , لا يمكن أن تتم بعملية جراحية في الدولة المعاصرة . لإسباب تتعلق بتداخل مصالح السلطات الحاكمة بحركة رأس المال العالمي والإقليمي , وإرتباط مصالح القوى الأكثر نفوذا في الدولة بمراكز القوى المالية . وعندما تتضارب مصالحها مع وطنية الدولة , فإنها تحسم خيارها ضدها. ولذلك فإنني أرى أن نجاح القوى الثورية الديمقراطية يكون بالنقاط التراكمية وليس بالضربة القاضية. وهذايتطلب فعل يومي شامل يبدأ بالمؤسسات التعليمية والصحية والقانونية والسياسية... فلا يمكن أن تسود مفاهيم الحرية والديمقراطية في مجتمع كل ثقافته قائمة على تقديس وعبادة الفرد والعائلة الحاكمة. وإنني أرى أن جهدا فكريا يجب أن يبذل يعيد الإعتبار للفكر الديمقراطي التحرري . ويصيغ العلاقة الخلاقة بين كل مكونات المجتمع على أسس الإحترام الديمقراطي للجميع في ظل دولة القانون. ان اهم مهمة يجب ان تضطلع بها القوى الأكثر وعيا هي عدم تمكين القوى الكمبرادورية من اسقاط صيغة الدولة الوطنية وتحويلها لدولة كمبرادورية , وهذا يتطلب تقديم رؤية شاملة تبدا بالبديل الثقافي الوطني الديمقراطي والأقتصادي والأجتماعي وانعكاساتها في السياسة , هذه الرؤية بالضرورة يجب ان تنعكس في خارطة طريق تفصيلية تتحد فيها الأولويات والأهداف الممكن تحقيقها في كل مرحلة من المراحل , ان التغيير عملية طويلة وتتطلب جهدا فكريا شاملا يراعى فيه مستوى التطور المعرفي للمجتمع وطرق نقله وتحوله, من خلال اخذ كل ما هو ايجابي في تجربته والقطع النهائي مع الموروث الثقافي والأجتماعي الذي يشكل عائقا لتطور المجتمع في كل مناحيه . ان المهمة المركزية تكمن في الجانب الثقافي , ان المشروع الثقافي الوطني الديمقراطي هو البديل الواقعي والملائم والذي يستند الى القيم الأنسانية وتراكم معرفتها , ولندقق في المجتمعات المتقدمة ,فان نجاحها يكمن في اعلاء القيم المعرفية الأنسانية وتوظيفها الملموس في الحياة اليومية لشعوبها . فنرى ان قيم العدالة والمساواة والحرية والمشاركة الجمعية, هي ثوابت لا يمكن التفريط او التنازل عنها , بالرغم من ظهور قوى تتعارض مصالحها الأقتصادية مع هذه الأنجازات , ولكن المحصلة العامة ان النظام المدني القائم المبني على اساس سيادة القانون يحمل اسس اصلاحه ,ويلفظ كل ما يتعارض مع هذه القيم . ولندقق بما يجري في منطقتنا منذ خمسة اعوام فان التفاعلات والتعارضات والتناقضات والتي اخذت شكلا تناحريا في بعض البلدان , تؤكد درسا ان اي تغيير لا يمتلك رؤية ومشروع واداة وطنية جامعة سيؤدي للفوضى ويفتح الطريق لأعادة انتاج جوهر النظام السياسي السابق . والسؤال الدائم الذي يطرح للقوى المطالبة بالتغيير ما هو مشروعكم البديل ؟ ما هي رؤيتكم البديلة ؟ ان الأجابة عن هذا الأسئلة ستوضح هوية ومشروعية التغيير وهل هو خطوة للأمام ام عشرة خطوات للخلف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري


.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج


.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام




.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي