الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مماطلة في عقد مؤتمر جنيف ربما تسعى للتأخير انتظارا لمجيء رئيس آخر للرئاسة الأميركية

ميشيل حنا الحاج

2016 / 1 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


ربما باتت تلوح في الأفق، مساع لتأخير عقد مؤتمر جنيف الذي كان مقررا له تاريخ الخامس والعشرين من كانون ثاني لانعقاده، ثم أجل مبدئيا لما قيل بأنه تأخير لن يزيد عن بضعة أيام.

لكن العراقيل التي توضع الآن في تحديد من يشارك فيه ممثلا للمعارضة، توحي بأن المماطلة قد تطول لمدة أكثر من بضعة أيام. وتأتي تصريات جون كيري الأخيرة في الرياض، دون تأكيد موعد الخامس والعشرين، أو الثامن والعشرين منه، مع تأكيد انعقاده في المستقبل القريب.

فمع الاتفاق بين روسيا وأميركا، وموافقة العديد من الدول الأخرى المشاركة في مؤتمر فينا، على وجوب استبعاد وجود ممثلين عن التنظيمات الموصوفة بالارهابية، يظل هناك الخلاف حول تحديد أي من هذه التنظيمات يمكن اطلاق وصف الارهابية عليه.

فبينما تتهم موسكو جيش لاسلام بكونه تنظيما ارهابيا لكونه يؤمن بمعتقدات قريبة من معتقدات القاعدة المتواجدة قيادتها في أفغانستان، فان المعارضة المسلحة ترفض مشاركة قوات سوريا الديمقراطية امتواجدة في شمال سوريا، وخصوصا في محافظة الحسكة، حيث تتهمها بكونها جزءا من النظام السوري، وتدعي رفع راية المعارضة المسلحة ضده، علما بأن ما يشاع عن هذه القوات هو أنها تتلقى الدعم من الولايات المتحدة، فتلقي لها بالذخيرة وبالسلاح جوا مستخدمة المظلات، كما اعترف العقيد طلال سلو، المتحدث باسم هذه القوات، في لقاء له مع قناة بي بي سي الناطقة باللغة بالعربية.
ويرجح بعض المراقبين، أن قوات سوريا الديمقراطية الناشطة في الشمال السوري، تشكل مسعى أميركيا لطرحها بديلا عن الجيش السوري الحر الذي أصابه الضعف، وتعرض للتفكك وانضمام عدد من ألويته الى بعض التجمعات الاسلامية المسلحة. ويعزز هذا لاحتمال، أن جهودا تبذل الآن لتوسعة مطار في مدينة الرميلات، بحيث يزاد ممر الطائرات من 700 متر، ليصبح 1300 متر، وبالتالي يكون قادرا على استقبال الطائرات الكبيرة التي يرجح المراقبون بأنها سوف تساعد على نقل الأسلحة والعتاد لتلك القوات بشكل أفضل، مع احتمال انزال قوات أميركية برية قادرة ، كا يقال، على مقاتلة داعش التي تقبع في مواقع غير بعيدة عن منطقة تواجد قوات سوريا الديقراطية. ولكن العقيد طلال سلو، ينفي ما يشاع بأن المطار الجاري توسعة ممر الطائرات فيه، سوف يكون قاعدة أميركية قد تتحول الى موطىء قدم أميركية على الأراضي السورية، ويرى بعض المحللين أنها ربما ستكون قاعدة أميركية، أسوة بالقاعدة الروسية التي أقيمت في حميمين قرب اللاذقية.

وينفي العقيد طلال سلو أيضا، صفة الولاء للنظام السوري كما تدعي تركيا، مؤكدا بأن قواته تمثل ثورة مسلحة ضد النظام السوري، تسعى لاحلال نظام ديمقراطي علماني محله. ومع اعترافه بأن نسبة عالية من المشاركين فيه هم من الأكراد، فانه يؤكد أن عربا وتركمانا وآشوريين يقاتلون أيضا في صفوفه. ويظل الغموض محيطا بهوية هذه القوات التي تختلف عن قوات الحماية الكردية الساعية لحماية القرى والمدن الكردية من هجمات الدولة الاسلامية، أو هجمات جبهة النصرة، اللتان طالما حاولتا السيطرة على المواقع الكردية في الشمال السوري. ويقود صالح مسلم هذه المجموعة التي تضم في ثناياها الحزب الديمقراطي الكردي، والذي لا يحظى برضا الأتراك، لكونه حزبا متعاطفا مع الحزب الديمقراطي الكردي في تركيا، وهو الحزب الذي يقاتل الأتراك منذ سنوات طويلة.

ولكن الخلاف حول المشاركة في مؤتمر جنيف، والذي قد يؤدي لتأخير عقد هذا المؤتمر، لا يقتصر على تحديد من يشارك في المؤتمر من قوى المعارضة. فمع أن المعارضة السلمية للحكومة السورية قد شاركت في مؤتمر الرياض الذي عقد فيها قبل أسبوعين، فشارك فيه بتسعة عشر مندوبا ممثلو من يسمون بمعارضة موسكو (وهم وفود للمعارضة شاركت في مباحثات مع الروس أجريت في موسكو)، و بتسعة مندوبين يمثلون ما سمي بمعارضة القاهرة، (معارضون سوريون اجتمعوا في مرحلة ما في القاهرة)، فان السعودية وبعض دول الخليج، لم تزل تعارض في مشاركة تلك المعارضة، التي لا يعتبرونها معارضة حقيقية لكونها لم تحمل السلاح ضد النظام السوري.

ويطرح ستيفان دي مستورا - مندوب الأمم المتحدة الساعي لايجاد حل للمسألة السورية، مشروعا يقضي بمفاوضات تجريها الحكومة السورية مع وفدين للمعارضة، أحدهما يمثل المعارضة المسلحة، وآخر يمثل المعارضة الديمقراطية التي لم تحمل السلاح في وجه الحكومة، ويمثلها قدري جميل وهيثم مناع وآخرون من قادة الأحزاب السورية المعارضة ولكن غير المسلحة. الا أن السعودية ودولا أخرى في الخليج، لم تزل تستخدم الفيتو ضد هذا الطرح أيضا، مما قد يرجح السعي لتأخير انعقاد مؤتمر جنيف لأجل غير مسمى، ويوحي بأن الاعتراض لا يقتصر على من يمثل المعارضة في ذاك المؤتمر، بل على عقد المؤتمر ابتداء، في مسعى لتأجيله الى وقت قد يطول، وربما يمتد الى ما بعد رحيل الرئيس أوباما عن كرسي الرلئاسة بعد أقل من ثلاثة عشر شهرا، وحلول رئيس آخر محله يأملون أن يكون من الجمهوريين، الأكثر عداء للحل السلمي في سوريا، والطامعين باستخدام القوة الأميركية المسلحة ضد الرئيس بشار الأسد، كما استخدموه من قبل، في عام 2003، ضد الرئيس الراحل صدام حسين، في مسعى لتفكيك سوريا على غرار مسعاهم لتفكيك العراق، الذي لم ينجحوا بعد في تفكيكه تماما، ولكنهم بتشجيع من المحافظين الجدد في الولايات المتحدة المتعاطفين كثيرا مع اسرائيل، زرعوا بذور الفتنة بين أبنائه، كخطوة نحو تفكيكه الى ثلاث دول: سنية - شيعية - كردية.

ولا يتوقف الأمر على الخلاف حول من يمثل المعارضة في مؤتمر جنيف، اذ أنه يمتد ليشمل مطالبة المعارضة السلحة بوقف الحملات السورية والروسية، والمتمثلة بسلسلة من الاغارات الجوية على بعض المواقع في سوريا، قبل الشروع بتلك المفاوضات. ويدعي أولئك بأن تلك الغارات الجوية تستهدف المعارضة المسلحة، في وقت تنفي فيه روسيا أن اغاراتها الجوية تستهدف المعارضة المسلحة، مؤكدة بأنها تستهدف مواقع الدولة لاسلامية - داعش، المتواجدة في الرقة وبعض مناطق دير الزور وغيرها من المناطق السورية، كما تستهدف جبهة النصرة المتفق على تصنيفها من قبل كل من سوريا والولايات المتحدة بأنها تنظيم ارهابي نتيجة تبعيته لتنظيم القاعدة الأم في افغانستان. بل ويمتد الأمر الى حد المطالبة بتزويد المعارضة المسلحة بصواريخ مضادة للطائرات، بغية التصدي لتلك الغارات، وكأني بها تسعى للمشاركة في مؤتمر للحرب، لا مؤتمر للسلام.

ولا تقتصر مطالب المعارضة المسلحة في سعيها لتأخير عقد مؤتمر جنيف، على حدود ما تطرحه من مطالب تكاد تكون تعجيزية، كي لا نقول تأخيرية، اذ تمتد الى المطالبة بترؤس أحمد علوش، الذي حل في قيادة جيش الاسلام محل زهران علوش، لوفد المعارضة السورية المسلحة الذي سيفاوض الحكومة السورية في جنيف. وهذا هو أهم المطالب التعجيزية التي تطرحها المعارضة المسلحة. ففي الوقت الذي تم فيه الاتفاق في مؤتمر الرياض على أن يرأس أسعد الزعبي الوفد المعارض، ربما لاعتباره من الائتلاف السوري المعارض الذي يفترض فيه قيادة المعارضة المسلحة، باتت المعارضة المسلحة تطالب الآن بأن يرأسه أحمد علوش ممثلا لجيش الاسلام، كبرى التجمعات المسلحة المعارضة عددا، علما أن روسيا الاتحادية تعارض أصلا مشاركة جيش الاسلام في تلك المفاوضات، لتصنيفها له بكونه تنظيما ارهابيا له جذور متآلفة مع تنظيم القاعدة.

وهكذا تتواصل المماطلة وعملية التأخير في الاتفاق على الشروع في المفاوضات في جنيف، والتي قد تنذر في حالة عدم انعقاد المؤتمر في موعده في شهر كانون الثاني الحالي، بأن المؤتمر قد لا يتعقد قريبا...وربما لا ينعقد أبدا، أو على الأقل قبل انجاز الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة المقرر لها أن تتم في مطلع شهر تشرين الثاني من العام الحالي، أي بعد تسعة شهور من الآن، على أمل أن تحمل الانتخابات القادمة، رئيسا للولايات المتحدة أكثر رغبة في مواصلة القتال هناك، على الرغبة الأميركية الحالية في التوصل الى حل سلمي ينهي تواجد ماكينة تفريخ الارهابيين في سوريا، وهم الارهابيون الذين باتوا يهددون أمن واستقرار الدول الأوروبية، وربما الدولة الأميركية أيضا، اضافة الى معضلة اللاجئين السوريين الكثر الذين بات ينوء بهم كاهل الدول الأوروبية.

وفي المقابل، هذا ما يفسر جنوح الحكومة السورية، ومعها القوات الروسية، الى تكثيف المعارك في ريف اللاذقية، وفي حلب وادلب ودير الزور والشيخ مسكين ومواقع أخرى. اذ انهما يسعيان الى قطع الطريق على ما تسعى المعارضة المسلحة، ومعها الدولة لاسلامية وجبهة النصرة، من وراء تأخير مؤتمر جنيف للسلام، وذلك بالسعي لحسم المعركة بشكل أو بآخر، يحول دون تكريس واقع مؤلم قد يساعد على ابقاء تلك الحرب الى ما شاء الله، مع تحويلها أميركيا الى حرب استنزاف لسوريا، بل وللعرب أجمعين، اضافة الى روسيا الاتحادية التي يسعى الأميركيون الى تقزيمها، بل واعادتها للحجم الصغير الذي أرادوه لها، لدى تفكيكهم للاتحاد السوفياتي.

ميشيل حنا الحاج
عضو في جمعية الدراسات الاستراتيجية الفلسطينية THINK TANK
عضو مستشار في المركز الأوروبي العربي لمكافحة الارهاب – برلين.
عضو في مركز الحوار العربي الأميركي – واشنطن.
كاتب في صفحات الحوار المتمدن - ص. مواضيع وأبحاث سياسية.
عضو في رابطة الصداقة والأخوة اللبنانية المغربية.
عضو في رابطة الكتاب الأردنيين - الصفحة الرسمية.
عضو في مجموعة مشاهير مصر.
عضو في مجموعة صوت اللاجئين الفلسطينيين.
عضو في مجموعات أخرى: عراقية، سورية، لبنانية، أردنية.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا