الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحيانا أقطف النعاس من عيون الليل

عبدالله مهتدي

2016 / 1 / 24
الادب والفن



أحيانا أقطف النعاس من عيون الليل


أكره"كريستين لا كارد".
لها قلب من نحاس،
و تحت شفتيها الجافتين أنياب صقيلة
أحب أقراطها البلورية،
تذكرني بأصفاد شرطة الحلم.
أرى نفسي أنيقا في لباس البهلوان،
أثقن مراوغة الريح،
وبيع الورد للساحرات.
أحب أن أذهب للقصيدة في لباس الحزن،
عاريا من الوهم، كي لا أترك أثرا للفراشات.
أكره"أوباما".
لأنه يدخل رقعة الركح بثياب النوم،
ويصنع بيديه الخشبيتين أقنعة للمصفقين في جوقة الكومبارس،
تليق به أكثر كرة السلة في ملعب الحرب،
يرمي رؤوس قتلاه في سلال مقابرهم،
ويضحك ضحكة مهرج خائب
في شريط مليئ بالرعب.
نعم.. أنا لا أحب النساء
أنا أكره النساء اللواتي عيونهن فارغة من الحزن،
لا أحب النساء اللواتي يخفين أسرارهن في ضحكاتهن،
لا أحب النساء..
لكن أحب الحب،
حكمة "جاك بريل "في الحياة،
أحب فاكهة الكرز التي تنبت في خدودهن
فأبكي حينها لتسرقني الدموع من حبهن،
أحب فيهن رائحة الغياب،
وصوت الصمت على شفاه عارية من مساحيقها.

أحيانا،
أبكي مثل طفل ضرير،
يخاف من نعاسه،
فيمشي إلى الأحلام مكللا بضوء أحزانه .
أحيانا ،
أفشل في الحب ،
كلما صرت على موعد مع قصيدة
سيكتبني نحيبها،
شَعري أشعت منقوع في بياض الثلج ،
أضعت وسامتي في زحمة الجرح،
وثيابي لا تليق بموعد عاشق مع الغبار.
أحيانا ،
أنزف وأنا أرسم ضحكة على يباس الشفاه
عابثا بمكر الحزن بي،
أنام ملفوفا في كيس من البلاستيك الرديء،
كي لا تزورني الأحلام،
أخاف من أوهامها،
وأصحو على صوت أزيز المفاتيح،
وأجراس الكنائس التي تقرع في جنازات الحدائق،
أصحو متعثرا في خطو أحلامي،
عيناي زائغتان،
وجسمي كالماء رخو،
حارق كالفاجعة.
أزور الطبيب مرة كل عشرين دقيقة في حساب الألم،
أوقّْت ساعتي البيولوجية على الحزن،
فأنا كائن يمقت الفرح حد البكاء
أفكر مليا في الانتحار ،
كطريقة للتعبير عن خالص احترامي للحياة.
وأكتب بأصابع صوفية،
أضع قفازات كي لا تتلطخ أصابعي بدموع الورق الجريح،
أصغي شاردا إلى فوضاي،
أحدق فيها بعين عاشق لم يعرف الحب،
إلا في شريط الحزن.

مُتيمة بالخواء العاطفي أناي،
ومملوءة بالبغض،
مثقلة بالضغينة.
أحيانا،
أقطف النعاس من عيون الليل،
وأرتجل الطريق إلى قصيدة تختارني ولا أختارها،
أسهر مع الكائن المصلوب بداخلي،
نتبادل قصص الحب،
ونكتب أحاجي الرماد.
لكن الكلام يصطادني في حباله،فأروي جريمتي بدم بارد،
حين أطلقت الرصاص على طريدة في الخيال.
أحيانا،
أرسم صورتي في مرآة مهشمة،
لأعيد تركيبها
أنزع ملابسي الداخلية
في الهواء الطلق،
أخطف ضحكة فأخرى،
فتنمو التجاعيد وتبكيني ندوبها.
أحيانا،
أرى وجهي مثل قنفذ مذعور،
فينبت لي حقل من الشوك،
أنزعه بكلاب أصابعي،
وأغرق في دمي،
أتنفس الأساطير،
وأربي الخرافة مثلما أربي دموع الجرح.
أحيانا ،
أشرب القهوة مع ذكريات بائتة
،فأصاب بذبحة صدرية في الكبد،
وبعمى الحواس،
أعبئ دمي في قارورة شفافة وأرميها بعيدا،
بعيدا عن معسكرات الحزن،
أرميها للعابرين إلى ضفاف الحلم،
لابسين معاطف من ريح.
ممْسوس" أنا"، ولي علاقة مختلة بالزمان،
أسمع أصوات المعارك القادمة من بعيد،
وقرع الطبول،
وانتحاب المزامير،
وصرخات المتحاربين وهم يسقطون في فخاخ الوهم،
أصغي لهتاف الأسلحة،
وقد علقت نصرها على أعين القتلى وهاماتهم.
أحيانا،
أميل وأنا أمشي،
كي لا أجرح صدر الأرض،
ولا أدمي سلالة الطين،
أخاف على الأحلام من نعاسها،
أحرسها فأحرم نفسي من النوم،
ولا أحتسي غير خمر القصيدة لأبقي على صحوي شاردا.
لي شامة سوداء أزهرت في مكان لا يُرى،
ولي هواية صيد الوهم بصنارة الحلم،
فأنا أثقن خيط الشباك،
ورميها في الريح.
أتماثل للشفاء سريعا،
كلما أصابتني رعشة حب عاصفة،
في طريقي إلى قصيدة أحتسي فيها كؤوس الغيم.
أحيانا،
أوصي أصابعي
كي تتوغل عميقا في عنق المعنى،
وأترك عنوة
آثار الجريمة معلقة على صدر البياض.
وأخاف،
أخاف أن ترثيني العصافير الشريدة بالدموع،
فتنسى شدْوها.

لي خاتم فضي،
أضعه في أصبع رجلي اليسرى
كي لا تتيه القصيدة في طريقها إلى حقل رمانها.
لي عقل زائد في الدماغ،
أستعمله لمهمة قتل الوقت،
امتهان الحماقات،
واقتراف جريمة النسيان.
لي دموع فولاذية بها أجرح الصمت،
لي خيمة زرقاء،
أرعى فيها قطيع الفراشات،
أشرعها على ضفاف القلب، وأسكنها الهباء.
أحيانا،
على جداري أكتب بالصمت،
أنتقي أوهامي بذكاء ماكر،
وألقي سلامي على الريح.
أحيانا،
أفتقد دم الحبر،
فأكتب على جسدي بمدية الصخر،
وأنقل على الضوء العابر أحزانه.
أحيانا،
أعلقني على حبل شاهق،
لأعيد لنفسي توازن البهلوان،
لأمضي بعيدا في انتحاري.
أحيانا،أنسى رجلاي في شارع مهجور،
لأكتشف الطريق إلى داخلي.
أحيانا أريد ما لا أريد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ذكرى وفاة الشاعر أمل دنقل.. محطات فى حياة -أمير شعراء الرفض-


.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي




.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني


.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم




.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع