الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإستفتاء على تأسيس الدولة الكردية

جعفر المظفر

2016 / 1 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


الإستفتاء على تأسيس الدولة الكردية
جعفر المظفر
لا ينفك السيد مسعود البارزاني عن التبشير بقيام دولة كردستان المستقلة من خلال إستفتاء شعبي عام, رغم ان البعض يشير إلى أن الإستفتاء يرتبط من ناحية التوقيت برغبة البارزاني توجيه الأنظار عن أزمة رئاسة الإقليم. بعض المراقبين يعتبرون دعوة البارزاني هذه بمثابة تهريب للأزمة التي يواجهها على صعيد بقائه أكثر من دورتين في سدة الرئاسة وذلك خلافا لما يقره دستور الفدرالية, وهم يستذكرون بهذه المناسبة كيف أن البارزاني كان أحد أبرز خصوم المالكي يوم أراد تجديد رئاسته للمرة الثالثة رغم أن رغبة هذا الأخير لم تكن تضمنت اي خروج على الدستور الذي يجيز لرئيس الوزراء وليس لرئيس الجمهورية التجديد المفتوح. هؤلاء يؤكدون على أن البارزاني كان سيكون أكثر مصداقية لو أنه وعد بشكل يقيني بالتخلي عن رئاسة الإقليم حال إنجاز الإستفتاء وصار من حقهم بالتالي أن يحسبوا ان الدعوة إلى هذا الإستفتاء تتأسس في هذه الفترة الصعبة على نية تعطيل رغبة المناوئين للتمديد اكثر مما تتأسس على مجرد ميل وطني للإستقلال.
لقد تهيأ للبارزاني الصعود إلى منصب رئاسة الإقليم وذلك تأسيسا على إتفاق لتقاسم المواقع المهمة بين هذا الأخير من جهة وبين خصمه ومنافسه التقليدي في كردستان العراق وهو الطالباني الذي حصل بالمقابل على منصب رئاسة الدولة العراقية. ولقد حدث ذلك في الفترة التي تلت إسقاط النظام السابق على يد قوات الإحتلال الأمريكي.
واليوم فإن الظروف السياسية الداخلية للإقليم لم تعد كما كانت عليه سابقا. لقد ادى مرض الطالباني إلى صعود قيادات أقل شعبية وتأثير مثل رئيس الجمهورية الحالي فؤاد معصوم, كما أن الموقع الذي يشغله السيد معصوم ما عاد يستهوي الأكراد مثلما كان أمره في السابق, فالمنصب يكاد يكون قد إستنفذ مكاسبه المرجوة أو بسبب انه لم يعد قادرا في ظل الوضع الحالي على إنجاز المزيد, خاصة وأن معصوم وبرهم صالح لا يملكان التاريخ أو التأثير الذي كان يملكه الطالباني على شركائه في العملية السياسية التي ثبت بشكل نهائي عجزها عن الحفاظ على عراق مستقر وموحد ليأتي بعد ذلك إنفصال الأكراد وكأنه واحد من نتاجاتها الطبيعية.
الوضع الكردستاني الداخلي له صلته الأساسية بموضوعة الإستفتاء, فهو بات يواجه اليوم مشاكل حقيقية قد يتطلب تهريبها التركيز على حلم تأسيس الدولة المستقلة. ولا تخفى قيمة هذه الورقة التي يلعبها البارزاني في مواجهة الإتحاد الوطني الكردستاني الذين كان زعيمهم الطالباني قد أعلن مرارا, وهو يقرأ الرغبات الدولية السابقة, عن موقف مضاد لقيام الدولة الكردية.
كتلة التغيير أعلنت موقفا متحفظا من الدعوة إلى الإستفتاء الذي وصفه أحد نوابها وهو أمين بكر محمد بانه تلاعب بعواطف الأكراد, أو محاولة لصرف النظر عن الأوضاع الداخلية المتردية بما فيها قمع القوى المعارضة, كمثل الإجراءات التي إتخذها البارزاني والتي قضت بتنحية وزراء التغيير الأربعة في حكومة كردستان بعد تحوّل احتجاجات على أزمة الرواتب ورئاسة الإقليم إلى أعمال عنف طاولت مكاتب «الديموقراطي» في السليمانية ومناطق في شرق الإقليم وجنوبه. وتبدو كتلة التغيير هي الأعلى صوتا بعد ان فقدت جماعة الإتحاد الوطني الكردستاني قدرات زعيمها التاريخي الطالباني في مواجهة زعامة البارزاني ونفوذه الواسع.
وبينما تتردى الأحوال الإقتصادية التي تواجهها حكومة بغداد بسبب هبوط اسعار النفط, بالإضافة إلى الأضرار التي يلحقها الفساد الإقتصادي والإداري, وبما يكشف عجز النظام البنيوي عن إنجاز اي خطة للإصلاح الإقتصادي, فإن حكومة المركز نفسها صارت في مواجهة عجزها عن دفع أجورجهازها الوظيفي المتورم الذي يعتبر واحدا من أضخم الأجهزة الإدارية في العالم, ولهذا فإن ورقة دفع الرواتب من قبل الحكومة المركزية لموظفي كردستان لم تعد مغرية بإتجاه تعطيل أو فرملة الرغبة بالإستقلال الكامل.
من جهة أخرى التوزيعة القبلية التي تقود الحكم في كردستان وتتوزع مكاسبه السياسية والإقتصادية صارت أوسع من أن تقبل بزوال هذه النعمة التي هبطت عليها بسبب وجود البارزاني على سدة الحكم. وفي السنين الأخيرة بدى واضحا أن هذه المجموعة باتت غير مستعدة للتخلي عن هذه المكاسب العائلية الثمينة المهددة بخروج البارزاني من رئاسة الإقليم. أما الديمقراطية التي يخاطب البارزاني بواسطتها العالم الديمقراطي فقد باتت مهددة بوجود هذه الهيمنة العائلية التي يبدو اصحابها وكأنهم على إستعداد لتوظيف كل شيء من أجل إستمرارها وفي مقدمة ذلك تعطيل الصراع السياسي الداخلي ضد هذه الهيمنة القبلية وحيث تشكل الدعوة من أجل تحقيق الدولة المستقلة الوسيلة الأفضل لحمايتها.
من جهة أخرى صارت أكثر الأراضي (المتنازع عليها) في حوزة الأكراد, وهذا الصيد الثمين سيصبح عمليا ضمن جغرافية الدولة الكردية, أو أن الإسراع في تأسيس الدولة سيحرم حكومة بغداد من قدرة التكافؤ في مواجهة الجانب الكردي حيث ستعمل السلطة الكردية على تكريد هذه المناطق بشكل يسهل عملية الإعتراف بعائديتها وفق مبدأ الإستفتاء المتفق عليه دستوريا لو أتفق على العودة لأحكامه. ولقد بدأت حملة التكريد الفعلية وذلك وفق ما أكدت عليه منظمة العفو الدولية (أمنستي) في تقريرها التي اشارت فيه إلى أن حكومة كردستان قد قامت بتهديم الآلاف من مساكن العرب في سياق عملية التكريد مما يشي بوجود تصميم على حسم الإستفتاء بأية وسيلة.
الإستفتاء على تأسيس الدولة الكردية رغم أن تفعيله كان جرى لأجل الضغط على حكومة بغداد للحصول على تنازلات مستديمة, او لغرض الهروب من الأزمات الداخلية في المنطقة الكردية, إلا أنه سيؤدي, لو أنه تحقق, إلى النيل من مصداقية البارزاني في حالة عدم إستطاعته تنفيذ النتيجة التي سيفضي إليها والتي ستكون في الغالب موافقة الأكراد على تأسيس دولتهم المستقلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العودة أم التقدم
رائد الحواري ( 2016 / 1 / 25 - 04:52 )
نرة أخرى نجد المنطقة تتخبط لا تدري أين تتجه، هناك مشروع قومي -الهلال الخصسب- الذي قدمه سعادة قبل اكثر من سبعين عاما، وقال في أن اللغة ليست اشرط اساسيا لتكون الامة، كما أن الدين أيضا ليس من شروط وحدة الامة، وركز على الجغرافيا والاجتماع في تحديد هوية الامة، أعتقد بأن ما طرحه سعادة يصلح حاليا في الخروج من الازمة الهوية الكردية، فهم جزء من الامة السورية، ويشاركونها في العديد من العناصر، الجغرافيا، الاجتماع، من هنا لماذا لا نتقدم إلى الأمام نحو الامة الكبرى، الامة السورية، بدلا أن نتقهقر نحو القبيلة؟


2 - العودة أم التقدم
رائد الحواري ( 2016 / 1 / 25 - 04:53 )
مرة أخرى نجد المنطقة تتخبط لا تدري أين تتجه، هناك مشروع قومي -الهلال الخصسب- الذي قدمه سعادة قبل اكثر من سبعين عاما، وقال في أن اللغة ليست اشرط اساسيا لتكون الامة، كما أن الدين أيضا ليس من شروط وحدة الامة، وركز على الجغرافيا والاجتماع في تحديد هوية الامة، أعتقد بأن ما طرحه سعادة يصلح حاليا في الخروج من الازمة الهوية الكردية، فهم جزء من الامة السورية، ويشاركونها في العديد من العناصر، الجغرافيا، الاجتماع، من هنا لماذا لا نتقدم إلى الأمام نحو الامة الكبرى، الامة السورية، بدلا أن نتقهقر نحو القبيلة؟


3 - العودة أم التقدم
رائد الحواري ( 2016 / 1 / 25 - 05:08 )
مرة أخرى نجد المنطقة تتخبط لا تدري أين تتجه، هناك مشروع قومي -الهلال الخصسب- الذي قدمه سعادة قبل اكثر من سبعين عاما، وقال في أن اللغة ليست اشرط اساسيا لتكون الامة، كما أن الدين أيضا ليس من شروط وحدة الامة، وركز على الجغرافيا والاجتماع في تحديد هوية الامة، أعتقد بأن ما طرحه سعادة يصلح حاليا في الخروج من الازمة الهوية الكردية، فهم جزء من الامة السورية، ويشاركونها في العديد من العناصر، الجغرافيا، الاجتماع، من هنا لماذا لا نتقدم إلى الأمام نحو الامة الكبرى، الامة السورية، بدلا أن نتقهقر نحو القبيلة؟

اخر الافلام

.. مصدر عسكري: إسرائيل تستعد لتوسيع العملية البرية جنوب لبنان


.. لماذا يحتكر حزبان فقط السلطة في أمريكا؟




.. غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت والجيش الإسرائيلي يطلب إخلا


.. معلومات جديدة عن استهداف إسرائيل لهاشم صفي الدين




.. الحرب على لبنان | لقاء مع محمد على الحسيني