الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس فقط لأنهم كاذبون محترفون

طارق المهدوي

2016 / 1 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



إذا كان الالتزام الإنساني بالحقيقة يتكون من ثلاث فقرات مترابطة هي: (1) قول الحق (2) كل الحق (3) ولا شيء غير الحق، فإن أي تلاعب في الفقرتين الأولى والثالثة يعتبره القانون كذباً واضحاً يستوجب عقاب الطرف المتلاعب، بخلاف التلاعب في الفقرة الثانية حيث يتم التفريق بين حالتين تبعاً للنوايا المجهولة المتبادلة سواء كانت مخبوءة لدى الطرف المتلاعب أو لدى الجهات الرسمية القائمة على تنفيذ القانون، فالتلاعب عينه للطرف نفسه تجاه الموضوع ذاته يمكن اعتباره كذباً واضحاً يستوجب العقاب في حالة اعتباره متعمداً بينما يمكن اعتباره مجرد غفلة عما خفي من جوانب الحقيقة في حالة اعتباره غير متعمد، لذلك فقد ظهرت خلطة التلاعب في الفقرة الثانية عبر قول بعض جوانب الحقيقة المفيدة فقط للمتلاعب وتعمد إخفاء الجوانب الأخرى الضارة به مما يدفع بمسارات الحقيقة المجتزأة إلى مسارات غير عادلة مع ادعاء الغفلة عند اتضاح الحق كله، باعتبارها واحدة من الثغرات شبه الآمنة لشهود الزور والكاذبين المحترفين في مختلف أروقة الدولة والمجتمع والسوق والعلاقات الخارجية، الأمر الذي فعلته حرفياً اللجنة الرسمية لحصر ومصادرة وثائق وأموال وأملاك جماعة الإخوان المسلمين المصرية في مؤتمرها الصحفي، عندما نقلت عن الوثائق "المحصورة" لديها حقيقة شروع الإخوان المسلمين خلال حكمهم القصير لمصر في السعي نحو تحويل تمكينهم الشكلي إلى تمكين فعلي من خلال إنشاء نظام أمني خاص يتبع رئاسة الجمهورية الإخوانية، عبر خطوات تدرجية محسوبة بدقة ضمن خطة شاملة مبرمجة تنتهي بتمكين الجماعة من السيطرة الكاملة والمطلقة على كافة الأجهزة المعلوماتية والرقابية والأمنية والسيادية، الأمر الذي بدأ تنفيذ أولى خطواته على أرض الواقع بإعادة هيكلة الأجهزة التابعة لرئاسة الجمهورية سواء بشكل كامل كهيئة الاستعلامات والمخابرات العامة أو بشكل انتداب من الجيش والشرطة كالحرس الجمهوري وأمن الرئاسة، ولكن لجنة "الحصر" تعمدت إغفال أهم التفصيلات والامتدادات ذات الصلة بالحقيقة التي كشفتها مثل أن الخطة الإخوانية كان يمكن لها النجاح بسهولة في الوصول إلى مبتغاها لولا المقاومة العلنية الصريحة لبعض أعضاء الاستعلامات والمخابرات، الذين التقوا فيما بينهم سواء بدوافع ديمقراطية أو مهنية من أجل الدفاع عن الطابع الوطني العام للأجهزة المستهدفة رغم أن هذا الطابع ذاته كان لم يزل افتراضياً مأمولاً، مما جعلهم يتحاشون العمل مع أجنحة أخرى داخل بعض الأجهزة المستهدفة ليس فقط لأن هؤلاء الآخرين كانوا ينافقون الإخوان علناً ويتربصون بهم سراً ولكن أيضاً لكون نواياهم تجاه أجهزتهم والأجهزة الأخرى لا تختلف عن النوايا الإخوانية المرفوضة، كما تعمدت لجنة "الحصر" إغفال حقيقة أن النجاح البطولي لهؤلاء المقاومين في مكافحة الخطة الإخوانية قد جلب لهم شتى أنواع الأذى الذي طال حياتهم وحقوقهم ومصالحهم المشروعة، ويأتي الإغفال المتعمد من قبل أعضاء اللجنة ليس فقط لأنهم كاذبون محترفون ولكن أيضاً لأن أي إشارة من جانبهم إلى تضحيات هؤلاء المقاومين تصريحاً أو تلميحاً سيكشف حقيقة أوضاعهم اليوم، حيث أنهم مازالوا يواجهون بمفردهم امتدادات ونتائج الأذى الإخواني السابق مضافاً إليها تنويعات جديدة من الأذى الصادر عن الحكم العسكري الراهن، لاسيما بعد إعلانهم الواضح بأن حرصهم على الطابع الوطني العام "الافتراضي" للأجهزة مستمر طالما استمر ما يهددها من أخطار حتى لو كان مصدرها أحد الأجهزة ذاتها، كذلك الذي استطاع مؤخراً أن يستثمر تخصصه في مجال "القوة" لاعتلاء بقية الأجهزة على اختلاف تخصصاتها النوعية فإذا به يقودها حسب منظوره المهني الضيق نحو مسارات هي ليست بالضرورة الأصلح للوطن!!.
طارق المهدوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جنوب أفريقيا: حزب المؤتمر الوطني ينوي إجراء مشاورات لتشكيل ح


.. يديعوت أحرنوت: ليبرمان يفضل انتظار خوض الانتخابات المقبلة |




.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص


.. انهيار مبنى سكني في #إسطنبول #سوشال_سكاي




.. وول ستريت جورنال: إسرائيل أعادت النظر في خطتها في رفح لتفادي