الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع المبدع عادل المتني: الشعر و الفلسفة

محمد هالي

2016 / 1 / 25
الادب والفن


عادل المتني: خوفا من المجهول
محمد هالي: ما وراء المجهول صنعت الميتافيزيقا كخاصية للاستمرار، فاصبح المجهول حقيقة وجودية، يتغنى بها الذهن كلما عجز عن التفسير أو شعر بالتوقف.
عادل المتني: الميتافيزيقا حركة الفكر إلى الوراء
محمد هالي: إنها كذلك، لهذا استدعى الفلاسفة المعاصرون المثاليون مفهوم الجينيالوجيا، لحفر و فهم خصائصها، بالإضافة الى تشتيت منابعها، لكنها استأسدت هذه الأيام في عالمنا، فانحط العقل بخلقه وجودا متعاليا يعشق الموت بقتل الآخرين، و أصبحت لميتافيزيقا الموت حياتين : حياة القاتل المتسمة بالخلود، و حياة المقتول المتسمة بالعذاب، فما صنعته الميتافيزيقا هو عبادة الموت، لكونها حياة العقل المتسمة بالحيوية، و الرفاه، و الخلود في الميتافيزيقا إلى الأبد.
عادل المتني: صحيح، كاترينا في عرض البحر
محمد هالي: لكنها تصارع الميتافيزيقا من جديد، و تبحث عن خلودها في الأرض الواقعية، لا الأرض المثالية، و تنظر للانقسامات فوقها مجرد شطحات العشق الجميل، القاتل و المقتول فوقها محتضن، فمن أراد السماء فليذهب بفكر حيث يتوقف، و من أرادها سيتحلل فيها ضمن خاصية السماد التي تتطلبه الحياة لمن هو حي فوقها.
عادل المتني: أضحك يا صديقي لعشقك لكاترينا، أغار عليها منك
محمد هالي: كاترينا تمثلنا جميعا، جزء منا، لكنك لم تضعها في كتاب، و أخاف على ضياعها كقصيدة.
عادل المتني: ومن ذهول الليل بالفجر أنبت شمساً، أضاءت حتى ملّت من الضياء
محمد هالي: شاخت من الانهيار
عادل المتني: عادت قمراً في حضن الليل تنشد الغزل
محمد هالي: ضاعت من فوهة المدفع، لكنهم ظلوا على اتصال دائم بها
عادل المتني: أسمعت بنظرية ألفريد فيغنر القائلة بانزياح القارات؟ نظريتي تؤكد على انزياح العقل البشري قبل القارات
محمد هالي: : صحيح، و الانزياح العقلي يتجلى في خلخلة الصمود ليتحول إلى انهيار
عادل المتني: ميزات الفكر السقوط الحر
محمد هالي: و ميزات الجسد يحترق قبل السقوط
عادل المتني: الجسد ظل الحقيقة
محمد هالي: لهذا انشطر بفضل العقل، جزء في التيهان، و جزء آخر في الحلم
عادل المتني: المادة وهم تتجلى في انشطار الفكر
محمد هالي: المادة واقع حاول الفكر محوها، لكنها تخرج منفلتة منه لتعانق التراب، و الأحجار مرة أخرى، و تسقط الفكر كورقة من شجرة، ليتحول إلى مجرد ضباب عم لحظة التيهان
عادل المتني: ههههههه .... .أيها المؤمن اكفر بكل المقدسات، حاول أن تهين المادة وقدسيتها
محمد هالي: إلا المادة لا تستحق الكفر
عادل المتني: ابحث عن جوهر التدمير
محمد هالي: التدمير يحتاج إلى وقت طويل للبناء
عادل المتني: بدأ من صفر العقل والمادة معا
محمد هالي: لكن سنسقط في الصفر، آنذاك سيصعب الانطلاق من جديد
عادل المتني: لا تضع عصا النتائج في دولاب التجربة
محمد هالي: التجربة ستبقى مجرد فرضية قبل أن تتحول إلى قانون، إنها تأتي لتأكيد تجربة ما
عادل المتني: من قتل سقراط؟
محمد هالي: سقراط لم يمت، إنه حي في دهاليز الفلسفة
عادل المتني: ماذا تعني الفلسفة؟
محمد هالي: خرافة يصطادها ذهن مخبول
عادل المتني: ما لونها؟
محمد هالي: لونها لون القصيدة
عادل المتني: من يحمل الآخر فوق كتفيه، الشعر أم الفلسفة؟
محمد هالي: الفلسفة تدعي أنها هي الحمال، لكن الشعر يحاول النسيان، و يريد الانفلات من هذا الصيد الخبيث
عادل المتني: أيكون الشعر جناح، والفلسفة جسد؟
محمد هالي: عندما دخلت الفلسفة إلى ساحة الشعر أقصته، لكن الشعر استمر في العصيان، و الاحتجاج، و أثبت في هذا قوته، و جدارته، قد يكون الجناح مكسورا إذا كان الجسد ثقيلا، لكن رغم ذلك يجب قلب المعادلة الجناح هو الفلسفة، و الجسد هو الشعر، لا لشيء، سوى أن الفلسفة تحاول حمل كل شيء في هوائها، و في هذا يدخل الشعر ضمن مقعد من مقاعدها الراقية،
عادل المتني: من الفلاسفة يستحق لقب شاعر بامتياز؟
محمد هالي: نيتشه يعتبر الشاعر الفيلسوف بامتياز، هذا إذا استثنينا الشعراء القدماء الذين كانوا شعراء و فلاسفة، أي يكتبون الفلسفة شعريا، و ذلك قبل ظهور افلاطون و ارسطو.
عادل المتني: لكن صفة فيلسوف تغلب على نيتشه من لقب شاعر
محمد هالي: صحيح، حتى هو يرفض بأن يلقب بالشاعر، لكن كتاباته الفلسفية شاعرية بامتياز، و هذا ينطبق على شاعريتك ايضا
عادل المتني: تحرجني يا محمد، كن واقعيا
محمد هالي: القصائد المدونة ليست عادية، بل فلسفة بلغة الشعر
محمد هالي: لم أذق من الشعر خمره، الشعر الذي لا يُسكر خلاً
محمد هالي: بل نبيذه يسكر من يستعين بالفلسفة، لتذوق اللذة الخفية في الصور الغنية بالتشبيهات، و الاستعارات المختلفة،
لهذا التذوق حالات ذوبان بين الفهم، و تقبل ما يجب ان يفهم، التعبير الفلسفي الشعري الذي ينط من جدران القافية البعيدة، يطرب الذهن، و يسكره لا محالة.
عادل المتني: أأعجبتك قصيدة: الساعة تأكل عقاربها ؟:
السّاعةُ تأكل عقاربها


كجرس كنيسةٍ قطعوا حبل السرّة بينه وبين المؤمنين،
كنافذة كَسرَ لصٌ ما فيها من زجاج،
تركها كحارسٍ مشبوهٍ، مطعوناً في ظهره ..
كزورق حمل أحلام أطفال، هربوا من الحرب..
فذاب كما الثلج على قمم الجبال،
كنورسٍ أصابه دُوار البحر،
ان غادرتِ المرفأ سفينة،
كعشق الزيتِ للماء،
كأوراق الشجرِ، ان صارت ذهباً،
نثرتها الرياح..
كغيرة الياسمين، من زهر اللوز،
وغيرة زهر اللوز.. من عطره،
كعدالة الظّلِ، وانتهاكه حُرمة الجميلات
كغيمة تحمل المطر، وتبحث عن صحراء بلا جدوى،
كالرغوة،
فوق فنجان قهوة،
عند الصباح،
كالذاكرة المسكونة بالأشباح،
كساعة تتقيّأ الوقت،
كانتظار محاربٍ على عكّازتين نبأ انتصار،
كسقوط ناقة على جسد نملة..
الجُملة الأخيرة من القصيدة،
تكفي لملءِ الفراغ.
محمد هالي: جيدة، لكني سأعود اليها لأنقلها من القصيدة الشعرية إلى فلسفة، يجب فهمها كفلسفة لا كقصيدة، و هذا ما سأحاول القيام به، ليتلقفها من رأى فيك مبدعا، لا يتوقف فيه الوحي،
عادل المتني: لن تمسك بها
محمد هالي: من حيث الامساك لا ينفعني سوى التأويل، لأن المؤول سيكون الجنة التي ستنقلني إلى فضاء القصيدة البعيدة، أما المباشرتية ستسقطني في ظاهر القصيدة، لا باطنها، إن علماء الكلام رغم سذاجتهم الميتافيزيقية ، فهم علمونا أن نغوص في التأويل، لنتجنب الظلم الذي يضعه الفقهاء لموروثهم الثقافي، فالساذج هو الذي يقف على ظاهر القصيدة، و يفهم عقرب الساعة: من الساعة اذن؟ و ما هي عقاربها؟ حتى تتضح كل تلك التشبيهات المثيرة !!! ..

عادل المتني: : للغة أصابع عشرة كلما أضاء العقل أصبعاً قطعته مدية الدين.
محمد هالي: لهذا كان اللجوء الى التأويل للهروب من المدية، لكن رغم ذلك لم تصب المدية سوى أصحاب الظاهر الذين لا يفقهون شيئا في تجريدات العقل، ففرض على دعاة الدين الاستعانة بالتأويل لمبارزة العقل المؤول كما فعل المعتزلة و الاشاعرة مثلا
عادل المتني: الشعر شيطان عصي
محمد هالي: و العقل الذي يحمله آلة شديدة الذوبان مما تجعله مادة تنفلت من قبضة السفاحين، و الجلادين ، و قضاة الإبادة المتلاعبين بالقانون للدفاع عن مصالحهم، و مصالح طبقتهم الاجتماعية، لكن رغم ذلك فالكثير من الشعراء قضوا بمديتهم، لكن الشعر لم يمت بعدما تنفلت القصيدة من الحصار، و تطير كالنار في الهشيم
عادل المتني: قلت لك: الشعر شيطان عصي
محمد هالي: بل جنون يصيب حامله بالصرع المتواصل،

عادل المتني: ما أجمل الدوار من خمرة المعنى
محمد هالي: لأن الدوار يتيه في المبيض
عادل المتني: أيّ رحم يحمل القصيدة
محمد هالي: إنه رحم الخيال الواسع الذي يتوفر عليه عقل متبصر في أمور كثيرة، أقلها الشهامة، و قوة تصويب الكلمة.
عادل المتني: يقول الشعراء: إن الوحي يكتب لهم القصيدة وهم يطبعون الدواوين. ماذا يقول الوحي للفيلسوف؟
محمد هالي: الشعراء انبياء عصرهم، اما الفيلسوف المادي فلا يؤمن بالوحي بل استبدله بمفهوم آخر يشبهه، انها الايديولوجيا
التي بها اعلن الفلاسفة موت الميتافيزيقا، و مجاوزتها، لهذا فالفيلسوف يؤمن بالبحث عن المعرفة كما يفهما من خلال بحثه المضنى عن المعرفة ليجيب بها عن واقع يريد الحل، و بهذا فالفيلسوف يفر من الوحي ليسقط الشاعر في وهمه.
عاذل المتني:
أيقظني
غفى الوحي
ونام الدم في كهف عظمي
محمد هالي: واصل الشدو
عادل المتني:
ماتت ناريمان الوحي،
ماتت أجمل النساء.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة ميريام فارس تدخل عالم اللعبة الالكترونية الاشهر PUBG


.. أقلية تتحدث اللغة المجرية على الأراضي الأوكرانية.. جذور الخل




.. تراث الصحراء الجزائرية الموسيقي مع فرقة -قعدة ديوان بشار-


.. ما هو سرّ نجاح نوال الزغبي ؟ ??




.. -تعتبر مصدر إلهام للكثير من الأعمال-.. أفلام ينصح بها صانع ا