الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وصية من وصايا جدي المرحوم !!

عبدالسلام سامي محمد

2016 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


كان جدي المرحوم يقول لي دائما ( يا بني أوصيك دائما و أوصيك أن لا تنسى بالابتعاد كثيرا عن الناس الذين يحاولون فقط إدخال الفرح و المسرة في نفسيتك !! ،، و أوصيك ايضا ان تخالط و ان تقترب اكثر الى الشخص الذي يحاول أن يدخل الأحزان في نفسيتك !! ،، و لكوني حينها في أيام العز و المراهقة و الشباب،، فأنني كنت اتجاهل دائما وصية جدي المرحوم ،، بل كنت اضحك دائما على أقواله و على عقله الذي كنت اعتبره صغيرا !! لكنني اليوم و بعد فوات الاوان تذكرت قول جدي و عرفت و كذلك بعد فوات الأوان أن جدي المرحوم كان يعي و كان يفهم من الحياة أكثر مني بكثير !! و لهذا عرفت ايضا لماذا كان جدي لا يخالط الكثير من الناس و ما كان يتعامل إلامع القليلين من أصحابه الحقيقيين العبوسين الكئيبين من أمثاله !! نعم كان جدي المرحوم يعرف ان الشخص الذي يريد دائما أن يدخل الافراح في قلب الانسان ،، و ان الشخص الذي يحبذ دائما أن يصف لك الحياة و كل ما فيها كالجنة الموعودة !! ،، فأن ذلك الشخص هو شخص منافق و مارق و لن يفيد المقابل ابدا ،، كونه لا يمتلك الخبرة الكافية في الحياة ،، و كونه لا يعرف و لا يريد الا أن يريك الجوانب السهلة فقط من الحياة ،، او لأنه يريد لربما أن يكذب عليك او يخدعك او يضحك عليك من خلال أحاديثه المتفائلة الجميلة البديعة الشيقة التي تدخل فقط الافراح و المسرات في النفوس . أما الشخص الأخر الحزين الكئيب و الذي كان جدي المرحوم يوصيني بالتقرب اليه و السماع إلى أحاديثه الحزينة و اقواله الكئيبة ،، فأن جدي المرحوم كان يعلم علم اليقين أن أمثال ذلك الشخص الكئيب الحزين التعيس مروا بتجارب كثيرة و تمكنوا من اكتساب خبرة أكبر و اكثر في الحياة و من الحياة ،، من خلال تجاربهم الصعبة المرة المريرة مع الناس و مع واقع الحياة ،، و من خلال الكثير من الفشل و الارهاصات و النكسات و محاولات الخداع و الاحتيال التي تعرضوا اليها خلال حياتهم العملية و الفعلية الحقيقة ،، و كذلك إذا اردنا القيام بتطبيق تلك الحكمة التي ذكرها جدي المرحوم و التي كان يريد أن التزم و ان احتفظ بها في ذاكرتي طوال الوقت و طوال العمر مع الواقع السياسي اليومي الذي يعيشه الناس في بلادنا المبتلية بالمصائب و المآسي و الكوارث ،، فبأمكاني أن أقول أن جدي المرحوم كان يمتلك الخبرة العملية في الحياة إلى جانب الكثير من الفطنة و الذكاء و الدهاء ،، كون مجتمعاتنا الشرقية هي الآخرى تريد فقط و دائما و ابدا الاصغاء و الاستماع الى الخطب الجميلة البديعة اللماعة الرنانة التي تتحدث و تنطق بها ألسنة القادة و الزعماء السياسيين في أوطانهم ،، تلك الخطب و الأحاديث و الأقوال و الوعود التي تدخل فقط البهجة و المسرة و الافراح إلى عقولهم الفارغة و الى قلوبهم و افئدتهم المسكينة الحساسة ،، تلك الخطب الكاذبة الملفقة الجميلة الموجهة للتأثير بقوة في المشاعر الرقيقة و في العواطف الفقيرة الحساسة الساذجة ،، و تلك الخطب و الوعود التي لا يقصد منها القادة السياسيين في بلادنا سوى اللعب بمشاعر الناس و الضحك على ذقونهم و عقولهم الخاوية الصغيرة ،، و تلك الأحاديث و الخطب والمحاضرات الملفقة التي لا ينوي منها المسؤولين و القادة السياسيين في بلادنا سوى بيع و تصريف الكلام الفارغ على الناس و بأغلى الأسعار و الأثمان خدمة لتمرير مصالحهم الشخصية و الحزبية القذرة ،، و خدمة للبقاء مدة أطول على كراسي الحكم ،، نعم فعندما أرى كيف يتعامل الحكام و المسؤولين في أوطاننا مع شعوبهم المسكينة الجاهلة ،، و كيف يقومون بتمرير الكلام الجميل الفارغ و تمرير الشعارات الرنانة الفضفاضة الكاذبة على الناس ،، فأنني أتذكر فورا نصيحة جدي المرحوم ،، و انني اعرف لماذا اننا عندما نخرج من مستنقع عميق فلا نرى أنفسنا بعد فترة وجيزة و الا نحن أمام كارثة اعظم و في مستنقع أكثر عمقا من ذي قبله بكثير .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يُحطم رياضيو أولمبياد باريس كل الأرقام القياسية بفضل بدلا


.. إسرائيل تقرع طبول الحرب في رفح بعد تعثر محادثات التهدئة| #ال




.. نازحون من شرقي رفح يتحدثون عن معاناتهم بعد قرار إسرائيلي ترح


.. أطماع إيران تتوسع لتعبر الحدود نحو السودان| #الظهيرة




.. أصوات من غزة| البحر المتنفس الوحيد للفلسطينيين رغم المخاطر ا