الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عائلة الحرب ... أقاصيص 5

صلاح زنكنه

2016 / 1 / 26
الادب والفن


الملاجىء

الملاجىء قبورنا الصغيرة الدافئة , حفرناها بأيدينا ومعاولنا ومجارفنا ورصفنا جدرانها بأكياس الرمل والتراب وعرق أجسادنا المنهكة وشيدنا سقوفها بالصفيح والفحيح وبقايا خوفنا من القنابل السمينة وهلعنا من شظاياها اللعينة .
الملاجىء بيوت الجنود على الحدود , تصول عليها الأفاعي وتجول فيها العقارب وتتقافز بين ثناياها الفئران والجرذان والسحالي .
الملاجىء تتسع لأحلامنا وهمومنا وحنيننا وبكائنا وتضيق بأجسادنا الغضة , وفي الأجازات أو الهروبات حين ننام في بيوتنا الخائفة الرائعشة غافلين تلحق بنا الملاجىء وتنعق في فضاء أحلامنا
وحين نزوغ ولا نبالي تستقبل الجنود الغرباء الجنود الأعداء من الجانب الآخر لتكون بيوتا لهم .
وهكذا كلما نسهو وكلما نغفو وكلما نصحو نجد الحرب قد قضمت قضمة من ردف الوطن , فنشدّ رباط الخيل ونغير على الأعداء حتى نحافظ على أرداف الوطن سالمة معافاة , بالرغم من أن الملاجىء تتحول الى كومة مقابر .

الكراجات

الجنود كل الجنود بلا أسماء في كراجات الحرب .
كل الجنود اسمهم أبو خليل وخليل ابن عمومي لكل الجنود ولا ضير في أسماء أمهات خليل ان كانت صبرية أو شكرية أو نشمية أو حربية فكلهن مقهورات ومكلومات ومنتظرات
يبغضنّ الكراجات لأنها محطات سفر الى الغياب والموت والموت عادة لا يآبه بالأسماء
فكل أبي خليل شهيد أو مشروع شهيد مع سبق الاضطرار , وكل خليل جنينا كان أو رضيعا أو مفطوما يتيم في نهاية المطاف , وأمهات خليل أرامل يكلّلهنّ السواد فيما بعد دون أدنى شك .
لا خليل لأبي خليل في الكراجات غير الشروكيات بائعات الشاي الساخن والمهيل بشذى شيلاتهن والمغلى على جمر أنوثتهنّ , شفيعات الجنود المكحلات أعينهنّ برماد الحروب .
ولا خليل لأبي خليل في الكراجات غير حافلات الريم فخر الصناعة الوطنية , قدت كتوابت جماعية لتحمل أجساد الجنود الطرية الى محارق الجبهات , ليعودوا بنعوش مقمطة برايات , قربانا لوطن يحتضر منذ حضارات .

على قيد الحرب

لم تنتهي الحرب بعد ... لقد بدأت معي للتو , ابتدأت منذ وطأت قدماي أرض الوطن
أي وطن ؟ لم يعد لي وطنا في هذا الوطن .
سنوات الجمر جمر الاذلال والمهانة في أقفاص الأسر , جمر اللوعة والانتظار والشوق العارم والحنين الجارف لها ولطفلي
تلك السنوات العجاف لم تثبط عزيمتي ولم تسلب ارادتي واصراري على الحياة .
قلت لابد أن أعود ... وها أنا قد عدت , عدت ميتا , شهيدا كما ظنّوا وكما خمّنوا وكما قرّروا وثبتوا في السجلات الرسمية .
عدت لأجد زوجتي زوجة غيري , وبيتي بيت غيري , وابني ابن غيري يدعوه بابا ...
يا لشناعة الحرب جردتني من كينونتي ومن كل ما أحب وقيدتني ميتا على ذمتها ......
الحرب لم تنته بعد ...
الحرب اندلعت الآن ولن تهدأ اوارها أبدا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نصير شمة في بيت العود العربي


.. مفاجاة صارخة عرفنا بيها إن نصير شمة فنان تشكيلي ??? مش موسيق




.. مش هتصدق عينيك لما تشوف الموسيقار نصير شمة وهو بيعزف على الع


.. الموسيقار نصير شمة وقع في غرام الحان سيد درويش.. شوفوا عمل إ




.. بعيدا عن الفن والموسيقى.. كلام من القلب للموسيقار نصير شمة ع