الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يكذب السيسي على الشعب؟

دينا عمر

2016 / 1 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



منذ إعلان برنامجه الانتخابي، لم يذكر عبد الفتاح السيسي أي تفاصيل أو خطوط عامة لرسم سياسات الاقتصاد المصري في ظل أزمات اقتصادية عنيفة تهز العالم بأكمله.

عقب انقلابه العسكري على ثورة يناير ثم توليه الحكم، توالى الإعلان عن مشاريع استثمارية ضخمة ستحقق أرباحا هائلة بدءا من جهاز “كفتة” لعلاج فيروس “سي” إلى مؤتمر اقتصادي حافل وافتتاح تفريعة أطلق عليها النظام الحاكم “قناة السويس الجديدة”.

في الذكرى الخامسة لثورة يناير، أجرت “بوابة الاشتراكي” حوارا مع الصحفي الاقتصادي والاشتراكي الثوري إبراهيم الصحاري لتوضيح مآلات الظروف الاقتصادية الراهنة وأين تقع من مطالب الشعب “عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية”، ولماذا يكذب السيسي على الشعب.

كيف يمكن أن نفهم حال الاقتصاد المصري منذ تولي السيسي الحكم؟

بعد الإطاحة بالمعزول محمد مرسي، ومنذ يونيو 2013 حتى الآن، تدفقت المساعدات المالية الخليجية من السعودية والإمارات والكويت لتناهز نحو 30 مليار دولار حتى لكنها لم تحل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر ضمن أزمة مالية عالمية تجذرت في الآونة الأخيرة، انعكس ذلك بالضرورة على حجم الصادرات.

المؤشرات الاقتصادية في عام 2014بعد نحو عام على سقوط مرسي انتعشت مقارنة بسنوات ما بعد 2011 حيث ارتفعت الاستثمارات وإيرادات قطاع السياحة نتيجة اطمئنان نسبي عالمي لاستقرار الأوضاع في مصر.

وفي الربع الأول من العام المالي 2014/2015 سجلت معدلات النمو قيمة 6.8% نتيجة تخفيض الدعم على المشتقات البترولية ورفع أسعار المحروقات والطاقة والمياه مما تسبب في وفر بالموازنة، كذلك استمرار ضخ أموال الدعم الخليجي والاستثمارات الحكومية خاصة في مشروع قناة السويس.

لكن ما نشاهده الآن هو تراجع مذهل في معدلات النمو. الحكومة لم تعلن عن أي أرقام خاصة بالناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من العام المالي 2015/ 2016 الذى انتهى في 30 سبتمبر. عادة ما تعلن الحكومة عن أرقام الناتج المحلي الإجمالي في منتصف شهر نوفمبر من كل عام، لكن مضى أكثر من شهرين ولا يزال هذه الرقم مخبأ في خزانة الحكومة الحديدية. غياب الشفافية ساعد على ارتفاع حدة القلق العالمي حيال الأزمة الاقتصادية في مصر، وتوقعات النمو وهو ما دفع البنك الدولي وبعض بنوك الاستثمار العالمية إلى تخفيض هذه التوقعات بالنسبة للمصر خلال العام الجاري.

لكنه، وعلى الجانب الآخر، فالمؤشرات الاقتصادية للقطاعات المختلفة التي تصنع الناتج المحلي الإجمالي ويتم على أساسها توقع النمو أو الانكماش قد تعطينا إشارات حول تلك المعلومات التي تتعمد الحكومة إخفاءها.

انخفضت الصادرات ،خلال الربع الأول من العام المالي الجاري بنحو 26.5% لتصل إلى 4.6 مليار دولار مقارنة مع 6.3 مليار دولار خلال نفس الفترة في العام المالي 2014/2015. كما انخفضت إيرادات قطاع السياحة خلال نفس الفترة بنسبة 17.5% لتصل إلى 1.7 مليار دولار، وذلك قبل حادث الطائرة الروسية، بما يعني تسجيله معدلات أكثر انخفاضا خلال الربع الثاني من العام الجاري إثر سحب السياحة الروسية والبريطانية من مصر. كذلك انخفاض إيرادات قناة السويس بشكل متتالي في نفس الوقت الذي يستخدم فيه مميش دعاية كاذبة للترويج بارتفاع دخل قناة السويس بالقول أنها حققت مليار جنيه عام 2015، وهو تصريح يبدو كالدعابة السخيفة عند مواجهة خسائر قناة السويس بتحويل دخلها من الدولار إلى الجنيه المصري ليتصدر رقم أكبر في أكذوبة لا تنطلي على عاقل، فالكل يعلم أن ايرادات قناة السويس تراجعت بنحو 5.3% خلال عام 2015.

كل هذه العوامل أجبرت الحكومة على حجب حقيقة الوضع الاقتصادي الراهن.

شهد العام الماضي احتفال هائل أقامه النظام الحاكم بشأن افتتاح تفريعة جديدة لقناة السويس، وعلى وقع الأغاني الوطنية وعد السيسي المصريين بتدفق أموال هائلة لمشروع استثماري كبير وصفته الأجهزة الإعلامية بـ “التاريخي”. ووسط التأييد والمعارضة، كيف أثر هذا المشروع على السياق الاقتصادي؟

التقارير السنوية الأخيرة لمنظمة التجارة العالمية تتحدث عن تراجع التجارة العالمية نتيجة لزيادة حدة الأزمة الاقتصادية العالمية، وهو ما انعكس بالضرورة على انخفاض إيرادات قناة السويس خلال الـ 11 شهر الماضية (منذ فبراير الماضي) مقارنة بنفس الشهور من 2014. مشروع قناة السويس هو أكذوبة روج لها ديكتاتور لا يهتم سوى بمجده الشخصي، فالعالم ليس بحاجة لتلك التفريعة التي قد تزيد جزء من عرض القناة إذا كانت جحم التجارة العالمية المارة ضعيفة بالأساس.

كما أن الوقت القياسي في الحفر الذي حاول تصديره باعتباره إنجاز، لم يساهم سوى في تكثيف التكاليف الاقتصادية على الموازنة وزيادة عجزها مقارنة إن تم ذلك المشروع على عدة سنوات وخاصة إذا أضفنا قيمة الفائدة (12.5%) التي من المفترض أن تردها الحكومة إلى المصريين المساهمين بأموالهم في المشروع، وهو عبء إضافي على الموازنة سينعكس سلبا على قدرة الدولة في الاهتمام بالتعليم والصحة وجميع الخدمات الاجتماعية.

في خطاب السيسي مطلع العام الجديد، أعلن توجيهه للبنك المركزي بتخصيص 20% من القروض لمشاريع الشباب، فيما رسم المؤيدون أحلام حول انتعاش الاقتصاد وتوفير فرص عمل أكبر. ما رأيك في هذه الإجراءات؟

بداية النظام الحالي الحاكم يدير الاقتصاد المصري مثلما يدير الجيش مشروعاته الخاصة، توسع بدون دراسة وإهدار للموارد بل حدود أو مراقبة، لكن المشكلة في المشروعات الحكومية أن معظمها يُمول بالمديونية حتى أصبح أكثر من ربع الموازنة العامة للدولة يذهب لسداد أقساط وفوائد المديونية. الديون العامة للدولة وصلت لمستويات خطرة بعد أن تجاوزت 2.5 تريليون جنيه، تمثل أكثر من 100% من الناتج المحلي الإجمالي. زيادة هذه المديونية لهذه الدرجة ستضع قيودا على القدرة على جذب مزيد من العقود التمويلية.

وكيف يمكن أن نفهم حجم الأزمة وعدم قدرة النظام المصري عن وجود بدائل؟

داخليا، تواجه المؤسسات الأجنبية التي تستثمر أموالها في مصر صعوبة شديدة في تحويل أرباحها إلى دولارات نظرا لشحه في السوق وهي رسائل متضاربة حول استعداد السوق المصري لجذب الاستثمارات الأجنبية طبقا للسوق الحر، في نفس الوقت يفرض قيودا على حركة النقد الأجنبي والاستيراد، هذا يعكس مدي التخبط إلى وصلت إلية الدولة على خلفية استفحال الأزمة الاقتصادية.

فالدولة، على الجانب الآخر، تخشى من سخط الجماهير فتلجأ إلى التحكم في السوق من خلال أكبر مؤسساتها كالجيش الذي استحوذ على نسبة كبيرة من الاقتصاد المصري، وهي مزاحمة لمتوسطي التجار تكبدهم خسائر هائلة، فمنتجات الجيش في السلع الغذائية التي يتم طرحها في الأسواق هي إنتاج مجندين من الفلاحين وتقع تحت بند العمل بالسخرة غير مدفوع الأجر ويتم زراعتها في مئات الآلاف من الأفدنة التي قام باستصلاحها الجيش بأيدي هؤلاء الجنود في ظروف عمل قاسية.

كما أن التحكم بضبط العملة أصبح ضعيفا جدا وليس مثلما تروج الجهات المختصة. التحكم هنا يتم بقرارات تعسفية فوقية بمنع استيراد سلع معينة على سبيل المثال.

وخارجيا، استنفذت البنوك المركزية العالمية جميع حيلها، فما يشهده العالم الآن هي أعنف موجة من الأزمات الاقتصادية مقارنة بالأزمةالمالية عام 2008، هي أزمة تتعلق بالاقتصاد العيني نفسه، واستفحالها سيؤدي إلي زيادة نسب البطالة بصورة مرعبة وسيتولد معها تبعات سخط جماهيري أعنف.

وفقا للتحالفات الدولية الجديدة، وعقب الانقلاب العسكري وانتصار الثورة المضادة في مصر، برزت التحالفات الإقليمية التي ربطت مصر بدول التعاون الخليجي سياسيا واقتصاديا وعسكريا، فبعد مؤتمر شرم الشيخ لم تتردد العسكرية المصرية من إعلان انضمامها العسكري في التحالف العربي والحرب على اليمن. إلى أي مدى ترى قدرة هذه التحالفات وتأثيراتها على استمرار مساندة النظام المصري في أزماته الاقتصادية؟

في رأيي، أصبحت قدرة الحلفاء الإقليميين على التدخل لإنقاذ نظام السيسي أضعف كثيرا مقارنة بيونيو 2013 . السعوديةتواجه اليوم أزمة اقتصادية حيث أن70% من إيرادات السعودية تبخرت نتيجة لتراجع أسعار النفط وهي تسحب اليوم من صناديقها السيادية لمواجهة العجز في الموازنة العامة .
وفي المجمل، ومع الأزمات التي يواجهها النظام المصري، فشروط الاستدانة تسوء تدريجيا من كونها منح لا تُرد ثم ودائع بفوائد محدودة جدا ثم سندات بعوائد أعلى قد تصل إلى 5%. وأصبحت وضعية الاقتصاد منذ يوليو 2013 مختلفة تماما بمزيد من التورط والتعقد وصولا للحظة الحالية التي يمكن تلخيصها بشح التمويل وتدهور شروط الاقتراض.

وبخصوص مؤتمر شرم الشيخ، فأكاذيب أخرى تُساق بتحقيق صفقات بنحو 35 مليار دولار، وهي حقيقية في مجملها، لكن هذه القيمة منها استثمارات لشركات بترول خلال السنوات العشر القادمة، بنحو 24 مليار دولار، وهناك 9 مليار أخرى خاصة بشركة سيمنز في قطاع الكهرباء وهذه الاستثمارات كثيفة رأس المال لن تساهم في خفض نسب البطالة العالية سوء بمعدلات محدودة.

ولماذا يكذب السيسي على الشعب؟
مناخ التخويف الذي يتسيده السيسي ساهم في دحر الشفافية في المؤشرات الاقتصادية، في ظل عدم وجود صحافة اقتصادية تمثل ضغطا على الحكومة في الإعلان عن أرقامها. السيسي كذب على الشعب عندما استغل مصطلح “الحرب على الإرهاب” لضرب المعارضة التي تحذر من أخطار تداعيات سياساته فيما يروج إعلام النظام اتهامات العمالة والخيانة على تلك المعارضة. فالديمقراطية لن تعمل في صالح ديكتاتور يدير دولة مثلما يدير مؤسسته العسكرية.

النظام لم يحقق أي إنجازات على الأرض يستطيع من خلالها استيعاب الغضب الشعبي لذلك يلجأ إلى الكذب عبرالترويج لأكاذيب خادعة بالتوازي مع استخدام يد العنف المفرطة لفرض سيطرته ضد شبح ثورة يناير الذي سيطارده، لكن ذلك لن يطول أو ينطلي على الشعب المصري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيسى ومبارك
على سالم ( 2016 / 1 / 27 - 04:25 )
لاشك ان السيسى كان من ضمن عصابه مبارك الفاسد واللص الاثيم ولايزال مواليا له , الحقيقه ايضا تقول ان السيسى لايملك مقومات او اى كفاءات للرئيس وليس لديه اى خبره فى اداره دوله او فن الحكم والتخطيط السليم وكل الذين يحيطون بالسيسى ليس لديهم اى خبرات اى انه يعين اهل الثقه وليس الخبره وهذه افه العسكر منذ ان سطوا على مصر منذ اكثر من ستين عام ومن الواضح جدا ان عصابه الحزب الوطنى لاتزال متحكمه فى مفاصل الدوله وهذا اكيد بتوجيهات السيسى نفسه , العسكر بشكل عام يفتقدوا اليه التعليم والحرفيه والخبره والكفاءه والتفكير السليم والنزاهه , من المؤسف ان اقول ان مصر كانت تحت قبضه هؤلاء الرعاع الجهله لعقود طويله مما كان له اثره البالغ فى تردى الاوضاع وانهيار البنيه التحتيه


2 - كلام صحيح 100في 100
عماد عمر ( 2016 / 1 / 27 - 17:38 )
و لكني لا زلت مقتنعا بان مصر تحت اي نظام اخر غير نظام العسكر ستكون اسواء. فالغالبية العظمى من الشعب لا ترتقي ثقافيا الن ترضخ للانظمة السياسية الحديثة. مع اعتذاري الكامل لثوار 25 يناير

اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو