الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجيب قلب في سماعة الطبيب

جاسم العزاوي

2016 / 1 / 27
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


وجيب قلب في سماعة الطبيب

د. جاسم العزاوي
ينظر للطبيب حضاريا، على أنه عالم، فهو حكيم بإعتبارات الفلسفة، منذ أبوقراط اليوناني، والى اليوم، وهو دكتور وفق التصنيف الاكاديمي، المعتمد في الجامعات العالمية، يحمل شهادة معادلة للماجستير؛ لأنه درس ست سنوات.. أما إجرائيا، فهو شخص حباه الله إستعدادا فائقا في إستيعاب المعلومات الصعبة.. عسيرة الفهم على العقل البسيط، أي أنه ذو دماغ خصب معرفيا، مكنه من تحقيق درجات ذكاء، تواشك على التمام، إقترابا من الـ 100 % لكن الكمال لله وحده.
فما الذي أحدث القطيعة الوظيفية والإجتماعية، بينه ومراجعيه؛ جعلتهم يلجأون الى العنف؛ كنوع من دفاع عن حقهم بالعلاج؛ على إعتبار الهجوم خير وسيلة للدفاع، أدت الى الإعتداءات التي شاع ذكرها على الالسن ووسائل الاعلام والدوائر الحكومية المعنية.
أسقطت الإنفعالات المتبادلة، حرمة الطبيب، ومهابة قسم "ابوقراط" الخالد، الذي يقطعه على نفسه أي متخرج في كلية طب، عندما وجد الطبيب نفسه يشتبك مع المريض باللكمات! هذا ما تهتز له أركان المهنة، التي فطرها الله رحمة؛ فإستحالت نقمة!

مفاضلة
الطبيب ليس أفضل من سواه، لكن له فضل على سواه، ضمن حدود مسؤوليته عن صحة الناس وإسعافهم ومعالجتهم، ريثما يأتي الشفاء، فإن إختلت واحدة من مراحل عمله، خرج عن سراط شرف المهنة وإخترقت حصانته، في حين (شغله) يحتاج تأملاً دقيقاً؛ لإرتباطه بحياة الناس؛ لأن الطب ليست إسقاط فرض، إنما مزاج علمي.. تأملي، يهندس الجسد وييسر أداء وظائفه وفق ما خلقها الله.. سبحانه وتعالى وينغم نبضات القلب، بالاصغاء لنوطتها الموسيقية، وينظف ويعقم ويطهر جوف الانسان، باعثا القوة فيه.
وهذا لا يتم وإمرأة تلجّ في التدافع مع ضرتها؛ يكسرن الباب متجهات نحو الطبيب بإندافاع مرعب! حينها يحجم عن أداء واجبه، رأفة بالمريض؛ كي لا يسقط غيظه على الجسد الواهن تحت رحمته.
إذن هما يتكاملين، ولا يتضادان.. مريض / طبيب.. طالب / معلم.. موظف / مراجع... الخ؛ فالحياة قائمة على ثنائيات، أي خلل يبعث خلافا ينتسى سببه، ونظل نجتر النائج.. المريض يشكو: "رفض علاجي" والطبيب يبرر: "أهانني" وننشغل بـ "البيضة من الدجاجة والدجاجة من البيضة".

أمنية
أتمنى الا ينشغل المجتمع بهذه الأمور، عن السعي الى تأمين خدمات مثلى، يتكامل بها الجميع مع بعضهم؛ لأن الرسول محمد.. صلى الله عليه وآله، يقول: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته" فالفريترجي في ورشته، لا يقل أهمية عن طبيب في مستشفاه، لكن "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون".
خلاصة القول، يجب ان يفهم الطبيب ان تحت ضغط الألم يتساوى المتعلم والجاهل، والخيّر والشرير؛ ما دامت قوة النفس مرتبطة بالجسد؛ إذا وهن وهنت وإذا تعافى طابت سرائرها؛ فالآرواح مأسورة في زنازين الابدان، وواجب الطبيب، السيطرة على أنفعالات المريض، وتطمين مخاوفه وتخفيف ألمه ومعالجته؛ لأنه كالصائغ في التعامل مع الكيان البشري الذي هو أقدس وأثمن الموجودات؛ لذا فالمطلوب منه ان يلامسه ويتعامل معه بعناية فائقة، وإحترام عالٍ للنفس والجسد.
ومثلما يطلب من الطبيب ذلك؛ بإعتباره واجبا، لابد ان يمنح مايستحق من الاحترام وفسحة المجال والرعاية والحماية لأداء عمله محققا الفائدة المرجوة للفرد والمجتمع؛ وإستزادة عطائه، من خلال تشجيعه؛ على الالتزام بأرضه، وعدم الهجرة منها حين يجدها تقدره، مضطرا لمغادرتها محو أخرى تفتح ذراعيها لاستقباله...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. تقارير: الحرب الإسرائيلية على غزة دمرت ربع الأراضي الزراعية




.. مصادر لبنانية: الرد اللبناني على المبادرة الفرنسية المعدّلة


.. مقررة أممية: هدف العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ البداية ت




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على خان يونس