الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمات ما قبل الأخيرة

بدر الدين شنن

2016 / 1 / 27
الادب والفن


أكتب لك يا بني .. بين البيان والتقرير .. بين الاعتراف والعرض الحزين .. قدر ما تستطيع أصابعي المرتعشة .. من أثقال وامتحانات الزمن .. أن تكتب .. ربما .. هي الكلمات ما قبل الأخيرة .. لتعرف أكثر .. وأوضح .. لماذا نحن نكابد .. من جحيم التخبط الشامل والإرهاب الفظيع .. ولماذا ندفع الثمن .. كل هذا الدم .. وكل هذا الدمار المريع .

في غفلة من ذاكرة التاريخ الثرية .. وغفوة في أروقة العقول الذكية .. وحقبة من انقساماتنا الدموية والقهرية .. دقت أبوابنا .. اقتحمت أسوارنا .. أقوام إرهاب وحشية .. حمالة التعصب والجاهلية .. أيديولوجيتها أقدم من القدم .. فاقدة .. للقيم الاعتبارية .. منقولة بآليات .. برية .. وبحرية .. وجوية .. من الصين .. والقوقاز .. والدول العربية .. مغربية .. ومشرقية .. من بلدان أوربية وآسيوية .. ومن الطرف الآخر من الأرض .. من الولايات الأمريكية .. تنفيذاً لغايات سلب ونصب دولية .

أسقطت من أيدينا .. كل القيم .. والشواهد الإنسانية .. وما احتواه العقل والعلم من المعالم الحضارية .. وأفقدتنا التراحم .. والصواب .. والأخوية .

لم يعد أطفالنا يا بني .. أكبادنا تمشي على الأرض . صار بعضهم مشروع قتل .. واغتصاب .. وصارت أكباد بعضهم .. لقمة وحش يحمل السمات البشرية .. أو سلعة تجارية .

لم تعد لنسائنا يا بني .. حصانة الحرائر .. أي حرة يخطفها الإرهاب .. هي أسيرة .. خاضعة للنكاح باسم الجهاد .. أو تفرض عليها أشغال العبدة السبية .

لم يعد لنا عنوان دائم .. من خيمة .. إلى مدرسة .. إلى بلدة آمنة سورية .. أو غير سورية .

وانتفى من أقوالنا .. ما نحب من الكلمات .. حق .. عدل .. حرية .. تلك التي ملأنا الدنيا صخباً .. واجتماعات .. واعتصامات .. من أجلها . وأعلنا على الملأ .. أن لنا الحق .. بالثورة .. باسمها .

والساسة .. من كل ألوان السياسة .. انقسموا .. أكثر مما كانوا منقسمين .. حتى في الحزب الواحد .. والتيار الواحد .. صاروا منقسمين . أكثر ما يشغلهم .. كيف يستأثرون بالسلطة .. أو يحصلون على السلطة .. وامتيازات السلطة .. وفي حرب الإرهاب الدولية الجارية علينا .. صار الدولار عند البعض .. مقدمة لاستلام السلطة .. أو يعادل السلطة .. ومن أجل السلطة والدولار يجرون لاهثين .. نحو الشرق .. ونحو الغرب .. ليجمعوا.. المال .. والرجال .. والسلاح .. والداعمين .. والظهور في اللقاءات السياسية التآ مرية .. والمنابر الإعلامية .

واللقاء بين أهل الحكم .. وأهل الاعتراض .. من الطرفين مرفوض أو مشروط بالإقصائية .. مهما كانت حالة الوطن بحاجة إليه .. ومصيرية .. والبعض عمق الانقسام .. إلى حد التذابح .. وارتهن للأجنبي .. وباع الوطن والقضية .

وحده الإرهاب .. يملك السطوة على الناس .. والمساحات الجغرافية .. كدولة شرعية . ينهب .. يقتل .. يذبح .. يهدم .. رافعاً أعلامه السوداء .. فوق كل ما يسطو عليه .. مطلق الصلاحية .

كل من صاروا تحت سلطة الأمير رعية .. من لا يبايع الأمير .. يغدو بلا رأس .. أو يساق سوق البعير والبهائم الغبية .

حصيلة حرب الإرهاب " الجهادية " حتى الآن .. القتلى تحسب بمئات الآلاف .. والمهجرين والنازحين بالملايين .. والخسائر في البناء والعمران .. بمئات المليارات من الدولارات .. والوقت لاستعادة نبض الحياة كما ينبغي أن تكون .. وإعادة البناء كما كان .. يحتاج إلى أجيال .. وعقول .. وإرادات أبية .

في غمرة الجوع .. والموت .. والتشرد .. لم نعد نسأل يا بني عن الوطن .. وإن سألنا .. ’نسأل .. عن أي وطن تسألون .. ؟ ..

ولم نعد نسأل يا بني .. عن الدولة .. وإن سألنا .. ’نسأل .. ومن هذه الدولة تكون .. ؟ ..

صرنا يا بني .. موزعين .. بين داخل وخارج .. نازحين ولاجئين .. ومحاصرين .

احتمال ضعيف جداً .. أن يختار شعب آخر .. مثل ما نحن اخترناه .. واعتبرناه .. مشروع تغيير ذكي .. لكنه صار بانقساماتنا وتذابحنا .. واقتحام أقوام الإرهاب أسوارنا .. مشروع أشرار .

لا شعب آخر يمكن أن يؤثر مسارنا .. الذي سميناه ثورة .. بعد أن صار هذا المسار مقبرة للثوار .

وانطوت شعوب على جراحها .. خشية .. أن تحرفها أقوام الإرهاب الهمجية .. كما حرفتنا .. وأن تجرفها إلى الكارثة .. كما جرفتنا .

وباتت العيون من كل فج واتجاه .. ترمقنا .. لعلنا نخرج من الجحيم .. لعل آفاق الخلاص تفتح مرة أخرى .. للشعوب المقهورة تحت هيمنة الإمبريالية

بضع كلمات خاصة إليكم .. إلى جيلكم الذي ورثته الظروف .. كل هذه البلايا والكوارث .. إن تجاوزتم انقساماتنا اللاعقلانية .. والنقص في إدراكنا المسؤولية الوطنية .. أنتم .. وأنتم .. وأنتم .. المخلص المنتظر . سوريا بانتظاركم .. كل سوري وسورية .. وكل عشاق الحرية .. بانتظاركم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-