الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ناقصة .. قصة قصيرة

بهجت العبيدي البيبة

2016 / 1 / 28
الادب والفن


 ماذا لو سجد إبليس لآدم؟ يتساءل كيف ﻵ-;---;--دم الذي رأى الله وسمع منه مباشرة أن يعصي أمره، هل أغوت حواء آدم؟ هل حقا ﻷ-;---;--نها الضعيفة وسوس لها الشيطان؟ لتدفع آدم ﻷ-;---;--ول خطيئة، أم كانت طموحاتها أعلى وقدراتها على الإقناع، وتأثيرها على آدم أكثر كثيرا من قدراته هو؟ كيف له أن يخضع لها وهو المأمور صراحة من الله الخالق؟ كيف تصورت أنها يمكن أن تطاع، وأن يعصى الله؟ من أين جاءتها هذه الثقة، وهذا التجبر؟
يتساءل عن ذلك النعيم في الفردوس المفقود، هل كنا سنكون سعداء في حياتنا تلك التي لا طائل وراءها، إنها الجنة التي تُصَوّّر لنا، نجلس فيها بلا عمل، نستمتع بما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات، لعلنا الآن نتوق إليها بعد تلك التجربة التي خضناها في هذا العالم، ماذا لو لم يُغْوَ آدم؟ أكنا سنشعر بجمال تلك الجنة؟ كيف لنا ذلك، ولم نخبر غيرها من حيوات؟ هل أقدم آدم على المعصية لأنه لم يكن يعلم تلك الحياة الثانية، ولم يكن خبر من أمرها شيئا، ألم يكن من العدل قبل الغضب من المعصية، أن يخوض آدم تجربة الحياة بعيدا عن الجنة، إنها الجحيم عينه، وجهنم ذاتها.
هل لو خبر آدم أمر هذه الحياة وقسوتها؟ هل يقدم على هذا العصيان مهما امتلكت حواء من مغريات، ومهما تفننت ومهما وسوس لها إبليس من المكائد؟ هل من العدل أن يُؤْمَر فيطيع، دون أن يعلم تمام المصير؟ إن الآمر الناهي يعلم منذ الأزل أنه سيعصي، وسيخرج مطرودا من الجنة، ألم تقتض حكمته، ويفرض عدله، أن يخوض آدم التجربة القاسية، بعدها يأمره ألا يعصيه، تلك المعصية التي أورثتنا هذه الشقاوة، يتساءل هو.
ألم أعش أنا أيضا في الجنة؟ تلك السويعات التي أقضيها بين يديها، أناغيها، أسقى من عينيها خمر الحب المعتق، أرتشف من ريقها شهدا، أغرق في نهر عسل مصفى بعذب حديثها، أعتلي قمم الجبال الخضر، وأنا أتحسس جسدها، تملأ أذني زقزقات العصافير، ينتشر عبيرها في الجو، فتملؤ  روحي انتعاشا، أدنو منها أكثر، أشعر بحرارة أنفاسها، تثيرني، تفور أعصابي، تهيج رغباتي، وتنتصب متأهبة أعضائي، تدنيني منها، اقترب، تشجعني، ألتصق بها، تزيد بنظرتها  إثارتي، اتحمس، اعتليها، تتأوه، تذهب بعقلي، أبثها كلمات الغرام، تثير مكامن أنوثتها، تزداد حرارتها، تشعل براكين الشهوة عندي، أواصل حديث الحب، كلمات الغرام، تخرج أنفاسها ملتهبة، تزداد ثرثرتي، أردد أنت جميلة جدا وأنت ،  لا أكمل الكلمة، وإذا بها تدفعني بعيدا، وبنظرة قاسية من عينيها تعلن طردي من الجنة، ألوذ بالصمت فترة، أعود لذاتي أحدثها، لا تبدي اهتماما، أرجوها لا تستجيب، أستجدي فرصة، لا تمنحها، أكلمها، أناديها، أتساءل : هل استخدمت حواء نفس الأسلوب؟ أحاول جاهدا إكمال الجملة ولكنها لا تسمع، إنها تصر أن تبقى " ناقصة". 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم


.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في




.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء


.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق




.. -مندوب الليل-..حياة الليل في الرياض كما لم تظهر من قبل على ش