الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أية مقاربة تشاركية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية ؟

الحسين أيت باحسين

2016 / 1 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


أولا: حول أسباب تأخر الحكومة في إخراج القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية:
لا أستطيع أن أدعي معرفة الأسباب الحقيقية التي جعلت الحكومة التي يقودها حزب "البيجيدي" تتأخر في إخراج القانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي. فمنذ خمسة عشرة سنة أنجزت مكتسبات في مجال الأمازيغية واتخذت قرارات من أعلى هرم سياسي في البلاد تدعو إلى إعطاء الأولوية لتفعيل القوانين التنظيمية ذات الصلة بالأمازيغية مثلها مثل باقي الملفات ذات الطابع السيادي.
وكان من المنصف الأخذ بعين الاعتبار هذه الخطابات الملكية التي ألقيت بمناسبة افتتاح الدورات الخريفية للبرلمان بغرفتيه، وكان من المنصف أيضا تنفيذ المخطط التشريعي الحكومي الذي نص على أن تفعيل القوانين التنظيمية ذات الصلة بالأمازيغية سيكون من بين تفعيل القوانين التنظيمية الخمسة الأولى. كما أن مبادرة رئيس الحكومة، المتمثلة في فتح بوابة إلكترونية في موقع رئاسة الحكومة من أجل تلقي اقتراحات بشأن تفعيل القانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، دون معرفة الهيئة المسؤولة التي ستتلقى هذه الاقتراحات، تثير كثيرا من التساؤلات.
لكن، من خلال مختلف التصريحات والمواقف التي عبر عنها قياديو "البيجيدي"، يمكن أن نفهم هذا التأخر أو التأخير على ضوء احتمالين: إما أن الملف يتجاوز قدرتهم على تنزيله، كما صرح بذلك رئيس الحكومة، وإما أن التزاماتهم الحزبية والأيديولوجية والانتخابية جعلتهم يتقاذفون بهذا الملف في ملعب مختلف مؤسسات الدولة منذ بداية ولايتهم الحكومية إلى ما قبل بضعة شهور من نهايتها...

ثانيا: حول تصريحات ومواقف بعض قيادي "البيجيدي" السلبية بخصوص الأمازيغية التي أججت الصراع بين الحكومة والجمعيات المهتمة بالشأن الأمازيغي:
بخصوص تصريحات ومواقف قيادي "البيجيدي" السلبية تجاه الأمازيغية والتي أججت الصراع بين الحكومة والجمعيات المهتمة بالشأن الأمازيغي، تجدر الإشارة إلى أنها لم تبدأ بعد قيادتهم للحكومة الحالية، بل كانت تصدر من حين لآخر قبل ذلك وخصوصا أثناء الحملة الانتخابية التي ستقودهم إلى تولي قيادة الحكومة الحالية. لكن بعد ذلك ستتواتر تلك التصريحات والمواقف من خلال منابر مختلفة منها ما يتعلق بالمنابر التابعة لحزب "البيجيدي" الإعلامية والحزبية، ومنها ما صدر من خلال المؤسسة التنفيذية أوالمؤسسة التشريعية. وبالتالي فهذا الصراع يجد مرجعيته في اختلاف المرجعيتين الأيديولوجيتين لكل من حزب "البيجيدي" والحركة الأمازيغية. ولا حاجة لتعداد الخلافات بين المرجعيتين. وأهم هذه الخلافات التوظيف الأيديولوجي والسياسوي لتدبير ملف الأمازيغية من قبل الحكومة الحالية وخاصة حين يركب هذا التدبير قطار التشنج والتصعيد اللذين لا يخدمان لا القضية الأمازيغية ولا الحوار الاجتماعي الضروري للحفاظ على الأمن الثقافي والسلم الاجتماعي اللذين تسعى الدولة لاستتبابهما من أجل توفير الشروط الضرورية للتفرغ للتنمية المستدامة وتوفير شروط الحق في الأمن.

ثالثا: حول المعايير والمرتكزات الأساسية لترسيم الأمازيغية بعيدا عن لغة الصراع:
بعيدا عن لغة الصراع ولغة الخشب؛ أرى أن المعايير والمرتكزات الأساسية لإتمام ترسيم الأمازيغية؛ أو الترسيم الفعلي للأمازيغية، ينبغي أن تستمد من الدستور نفسه الذي يعتبر أعلى قانون في البلاد وأن تستحضر المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب وخاصة منها الحقوق اللغوية والثقافية. ومن بين هذه المعايير والمرتكزات الأساسية، ما يلي:
- تفادي الاستخفاف في التعامل مع ملف الأمازيغية الذي يعتبر من بين الملفات السيادية ضمن أوراش الإنصاف والمصالحة مع الذات التي دشنها المغرب منذ أزيد من عقد من الزمان.
- الأخذ بعين الاعتبار روح الدستور الذي ينص في ديباجته على صيانة تلاحم وتنوع مقومات هوية الدولة الوطنية الموحدة بانصهار كل مكوناتها، ويؤكد في فصله الخامس على ضرورة صهر الدولة على انسجام السياسة اللغوية والثقافية الوطنية؛
- اعتماد منطق المساواة بين اللغتين العربية والأمازيغية لكونهما اللغتين الرسميتين للدولة.
- الالتزام بمبدأ إنصاف الأمازيغية التي عانت من التهميش والإقصاء لعقود، الشئ الذي يستلزم تمتيعها بالتمييز الإيجابي، وذلك حضرا ومكافحة لكل أشكال التمييز وللحصول على قانون تنظيمي منصف ومتوافق عليه، علما بأن المناصفة دون رفع التمييز لا معنى لها.
- اتباع منهجية المطابقة بين القوانين التنظيمية الخاصة بالأمازيغية وباقي القوانين التنظيمية ذات الصلة بالأمازيغية.
- ضرورة إشراك مختلف المهتمين بالشأن الأمازيغي في إطار المقاربة التشاركية التي ينص عليها الدستور، سواء في ما يتعلق بالمقترحات التي صدرت من مختلف هيئات ومؤسسات وجمعيات المجتمه المدني، أو من الإشراك المباشر في الهيكلة التي ستسهر على إعداد مسودة مشروع القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.

الحسين أيت باحسين
باحث في الثقافة الأمازيغية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران: أسطول جوي قديم ومتهالك؟.. تفاصيل عن مروحية الرئيس رئي


.. الصور الأخيرة للرئيس الإيراني رئيسي قبل تحطم مروحيته وموته




.. الحرب في غزة: هل من تأثير على قطاع السياحة في مصر؟ • فرانس 2


.. تساؤلات في إيران عن أسباب تحطم مروحية الرئيس من بين 3 مروحيا




.. سيناريوهات وأسباب محتملة في تحطم مروحية الرئيس الإيراني؟