الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذاكرة الرماد و القصة البورسعيدية

الشربيني المهندس

2016 / 1 / 28
الادب والفن


الأدباء لا يرحلون ..
وتفحصت نقوش الذاكرة
رحم اللـه اديبنا الراحل قاسم مسعد عليوه
تأملات جلية في القصة البورسعيدية
في البدء يكون الاخضرار والغدران تضحك ، والشواطئ تضفي عليها الفيض ، والناس يقدمون الحمد ، والبحيرات تمتلئ والقنوات يصيبها الفيضان بالطهر ، وتطفو الأسماك إلي السطح وتحوم النوارس بالفضاء ياسيد الحقول الخضر.. ولكن ..
ومن مصر القديمة الي الانطباعات الأولي بمقر اتحاد كتاب الاسكندرية ولقاء أديب بورسعيد الكبير قاسم مسعد عليوة والأديب الشاب محمد اسماعيل الأقطش
قابلت أ. قاسم علي الشبكة العنكبوتية ولكن دفء التواصل الانساني له طعم آخر وحديث البوح بعبق الذكريات يعطي للأمسية الثقافية بعدا جديدا لنقترب من القصة البورسعيدية إن جاز هذا التعبير، وما أدراك ما تعنيه بورسعيد والمقاومة لجيلنا ..
وتواصل الأجيال عن طريق البث المباشر والذي انتقلنا بعده الي قاعة النقد الأدبي بقصر التذوق ومناقشة المجموعة القصصية (عربة خشبية خفيفة) للأستاذ قاسم والتي تضم قصص الميت والجزء الناقص وانشودة مجدو والاستعراض وكامبس وايبس ونقوش غائرة وأمام بوابات يوبا وأنظر .. إن الأرض تعود لنا ..
هي محطة جديدة اذن في رحلة الأديب الباحث قاسم عليوة الإبداعية التي امتدت لاكثر من خمسة وثلاثين عاما بحساب الايام ، وتجاوزت اصابع اليدين قصصا ومسرحيا والعديد من البحوث والمشاركات الادبية والسياسية ..
منها مسرحية انشودتان للحرب وقصص صخرة التأمل ووتر مشدود وبهجة التخيل وخبرات انثوية وتنويعات بحرية ،جمع فيها بين التميز واستلهام المنجز المصري القديم وبراعة التصوير للشخوص والاحداث والمراوحة بين التقليدي والحديث باساليب متنوعة ما بين السرد والمونولوج والديالوج وبهجة التخيل وربما الفنتازيا والتسجيل الأصيل والمبتكر أحيانا لقصص الصورة والتشكيل والترميز وغيرها ..
لقد جلس بيننا في مهمة صعة علي سور كورنيش البحر الممتد من بورسعيد للأسكندرية يحاول رسم ملامح ومؤثرات تجربة حياتية خاصة من خلال البحر والحرب والحب وطائر النورس يضحك ..
ساعتها تذكرت سمير الفيل ومجموعته القصصية خوذة ونورس وحيد .
هي ملامح عامة للكثيرين اذن البحر إمامها وكلنا نعشقه حتي العجوز ، ونبضها الحرب وقد عشنا أهوالها فلا تبحثون عن عنوان إنها الحرب إنها الحرب وكتبها قاسم في السبعينات ..
وتوقفت أداري دمعة والحديث عن حب الناس الذي خطف قلوبنا يوما ثم افتقدناه طويلا .
ولحقت بالدمعة الثانية واديبنا الشاب محمد اسماعيل يحكي عن الأب الذي أصبح كفيفا وهو يتحدث عنه بحب وتقدير واحترام نفتقده بين الكثير من شباب هذه الأيام ..
هو قد توقف مع نفسه أيضا بعد أن فاز بالجائزة الأولي لنادي القصة القاهري ليبدا مرحلة جديدة قيد المخاض
كنا نقترب من نهاية الشتاء في ليلة ضحك قمرها بامتداد البجر وقاسم يتعجل افتتاح المسرح ليتحدث عن عبقرية المكان المعشوق عنده وإمام ذلك استاذنا نجيب محفوظ وليصفق لنا محمد جبريل والخراط وابراهيم عبد المجيد والاسكندرية تحتضن ابتساماتهم ..
ضحكت حتي بدت الثنايا .. قال كنت أظنك أصغر سنا ، تقول أعمالك علي الإنترنت ذلك ..
هززت رأسي لكنها شيبتني .. شيبت حتي صبايا ..
التقط قاسم مسعد علامة الإستفهام بسرعة وتساؤل الناقد السكندري عبداللـه هاشم ولماذا لا يكتب الرواية
وجمع مداخلات د. حورية البدري ، ا. رجب سعد السيد الأديب والباحث وكمال عمارة وضياء طمان ومحمد عطية القاص ، وجابر بسيوني الشاعر
وحكايات الحي العربي والأفرنجي قديمها وحديثها ، وتوظيف التراث والسياحة الإبداعية لجماليات وتوظيف اللغة الأمينة في مجموعة العربة الخشبية الخفيفة والتي ادهشتنا بها الاستاذة الناقدة فاطمة عبد اللـه ،
واتبعها أ. شوقي بدر رئيس الورشة النقدية بدراسة شاملة ، واردفها قاسم جميعا عربته الخشبية وهو يباركهم بنظرة ود ، ونحن نحاول سبر غور العربة وملاحقة خط سيرها وقد انساب البوح بعبق الذكريات ،
وتصمت فأنت لا تعرف سر هذا الرجل ذو الملامح الفرعونية وما تزال في وجهه سماحة وصلابة أهل النيل ، وأينما وجهت التلسكوب رأيته وقد تواري خنسو قديما خلف قمم الجبال الغربية والبطل يتابع الفلاحين الذين لم يهجروا أرضهم ،
وقد تفاجأ به يروي قصة إمرأة يسردها بعناية وهو يبحر بنا مع ابداع الذكريات وسطور الابداع في تنويعات بحرية وبرية وجوية واقعية وتاريخية كأنها نقوش غائرة علي حجارة متناثرة ،
وقد تطاير الحصي تحت عجلات العربة الملكية التي انتصب فيها البطل ممسكا بزمام الجوادين المزينين بريش النعام يردد اشودة مجدو ، ثم يراقب قرص الشمس الذي ينفجر عن ضوء فضي باهر فتتركز النظرات حول العربة الخشبية
رغم خفتها تنتظر استعراضات البطل الذي يحمل قوسه بدلا من الصولجان طالبا حقه في كل زمان ومكان ، وقد أصبحت أسير الصورة وابداع الخيال المتدفق من بين سطور الحكايات .
ويصهل الجواد الأول والمرأة تتقدم كأنها مازالت تبحث عن ايزيس وهي تنبض حركة وحيوية في قصة إمرأة ورجل وقد غاص هو في الرمال الساخنة واكتفي بتناول الطعام من يدها والماء البارد ، ثم لتنضو عنها الملابس وتطرحها علي وجهه
لتحجب عنه ضياء الشمس مرة، وتخرج لسانها وهي ترو الي عالم الانفتاح والقروش بعد أن أوصلها الشباب الي جزيرة متقدمة مرة أخري في قصة خبرة أنثوية وتعود في قصتها الأولي تبحث مع جدتها ايزيس عن الرجل
ويفاجئنا الكاتب بحكاية الجزء الناقص والسرطانات البحرية وقد التهمت نصفه الأسفل .. وتجمع خيوط القصص بالمجموعة وتضفرها بخيوط قصص المجموعات الأخري لتنسج عالم قاسم عليوة
حيث تنطلق علامات الاستفهام والتعجب للرموز الدالة بهدوء وبلا صريخ مستمتعا بفنياته العالية أساليبا ولغة وترميزا ، تاركا لك مجاديف الابحار .
ونبحر مع المضمون والجواد الأشهب يرفع رقبته عاليا لتمر ايزيس .. ربما كانت المرأة هي المعادل الموضوعي للوطن أو لمدينته بورسعيد لكنها نبض الواقع وسجلات تاريخ ورؤية جيل فقد عرفناها باسلة في صبانا
وشاهدنا فيلم بورسعيد ووحش الشاشة فريد شوقي ثم سمعنا عنها انها مدينة حرة بعد انتصار اكتوبر ، ورأيناها مدينة مفتوحة أحيانا نحبها وأخري ننكرها ، لكن العاشق يعود بالعربة الي التاريخ ويستحضر الروح المصرية الأصيلة
رغم عدم تكافؤ اسلحة المعركة ، ويدحرج صخرة التأمل بين السطور وفي حدود الاستطاعة مع اوزوريس وايزيس وجب ورع وأنو رع وحورس وكامبس ووالده الذي يطلب منه أن يصلي
ففي الصلاة هداية تستنهض الهمم وتشحذ القوي وتؤكد علي معاني الصمود المتغلغة في نسيج الشعب المصري . ويعود مستلهما ذكرياته وقد رفض تشبيهه بقاسم العراق يوما ولم يغير اسمه لكنه قاد مظاهرة بنعش صامت من مدرسته الاعدادية
والهتافات تتوالي :
.. انتو فين يابتوع الثانوية ..
ورددنا معا : واللـه زمان يا سلاحي ..
وعلت الهتافات : اللـه أكبر .. اللـه أكبر فوق كيد المعتدي
ساعتها اتسعت حفرة الذكريات مع محدتي ووجدتني أمام بوابات يوبا ونون ودلفت منها وراء ابومنجل مناديا من وسط المجلس الحربي ..
.. ياإيبس .. يا إيبس .. انظر الأرض تعود لنا ..!
وتتسع معاني الأرض مع اديبنا عبد الرحمن الشرقاوي والدكتور حسين علي وأنا ابحث عن الجزء الناقص من حكاية التواصل مع جيل وقف طويلا علي الشط يبحث عن الكفاية متناسيا جناح العدل .
وعندما شرخ الصمت طرق باب خفيف كان ا. محمد الأقطش يقرأقصة عيد وبطله يحاول التملص من سونكي العسكري الآخر ، والذي يمنعه من المرور بشارع فلسطين الممتد بلا نهاية وضحكات السياح من اوروبا وأمريكا تملأ المكان
تحت الأضواء الباهرة وهم يستمتعون بالرخام وبساط الشوارع الأسفلتيه .. وعندما سار حاملا غيظه وكاتما المه في الشوارع الجانبية الضيقة خافتة الضوء ظهر البحر رمز الخلاص والطهر مادا بساط حنانه ..
فخلع ملابسه صفراء اللون وكومها فوق البيادة السوداء ونزل الي الماء خطوة خطوة وفي الثالثة كانت المياه تغطيه فيحتفل بذكرياته مع الرمل والحصي والقواقع والأصداف .
وحبستها مع الدهشة وهي ما زالت ساخنة فقد شعرت بالبرودة وقد حبسنا محمد اسماعيل في قصته الثانية تحت القبة البيضاء والجمهور ينفخ أصابعة المتجمدة وقد أغلق الأفواه ليصعد الرجل الي المنصة .. ومن خلال المايك يتغير الجو مع سخونة الكلمات والطائر المحلق تحت القبة يدفع الهواء الساخن في كل اتجاه .. وتخرج الأيدي من مكامنها وتغادر الملابس اجساد اصحابها قطعة قطعة .. ويتجمهر الناس حول الزعيم رافعين اياه وسط خليط الألوان التي ساحت من الجدران الي أرضية القاعة ..
وتأتي المفاجأة التي يدحرجها الكاتب ببطء عندما ينفتح الباب فنجد الظلمات والصقيع في الخارج لتتضح بعض ملامح القصة البورسعيدية من تقديم الهم العام بسرد سهل ولغة ثرية بالدلالات مع بهجة الفنتازيا ..
ومع المفارقة الدالة والخواتيم للقصص نعلن أن الأسد والشبل يتبادلان التحدي ويكتبان ابداعيا تاريخ مدينة ظلمتها الأيام ليلة القبض علي فاطمة عند نزولها من العربة الخشبية ،
وايزيس قد ظللت عينيها بكفيها السمراوين ليقف التاريخ ليقف التاريخ بقدوم الأمل وهي تعلن المقاومة في دأب المحاولة الأولي والثانية حتي يتم التحول وينكشف النقاب ، وتزول الشكاية ، وأنه سيعود .. .. سيعود ..
.. بغير دموع
.. وبلا نواح
.. وبدون عويل
.. نعم بوحدتكم وصفاء القلوب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا