الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوار ببوصلة قناعاتنا لا يهم أن يتم في حسينية أو فناء جامع أو حتى كنيسة

منعم وحتي

2016 / 1 / 29
مواضيع وابحاث سياسية



أعتقد أن امتلاك قناعة راسخة بالتصور الحزبي، مادام حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي يتبنى الاشتراكية العلمية كمنهج علمي للتحليل، و بناء مشروع الدولة الذي سطره في أدبياته : الدولة الوطنية الديمقراطية، تفرض عليه قراءة طبقية للتشكيلة الاجتماعية للمجتمع المغربي، و طبيعة السلطة المستبدة بالحكم و كذا ترتيبا دقيقا لحلفائه و كذا تناقضاته الأساسية، وفق نفس المنهج و نفس مشروع الدولة

إن اليسار المغربي، و إقليميا، يحتاج إلى سرعتين أساسيتين لتجديد ذاته و تمثل الإجابات المحينة لواقع متسارع التحول :

- تجديد خطابه بما يتناسب و تزحزح الشرائح المجتمعية بين الطبقات.
- أعادة الاعتبار للمسألة الدينية في أدبياته، و تفكيكها بما يتناسب و المنهج و مشروع الدولة أعلاه.

شخصيا لن أرفض محاججة أو مناظرة أي من تيارات الاسلام السياسي، سواء من داخل حسينية او فناء جامع او حتى إذا دعيت إلى كنيسة، مادام الحوار خصلة ايجابية يمكن أن تراكم للاشيء او لشيء ما، لكن رفضه بدواعي الطهرانية و عدم الاتساخ و دماء الثأر، فلست من تلك الطينة، مادام الفيصل دفاعا مستميتا عن المنهج و المشروع.

هل بمنطق التأصيل النظري الاشتراكي العلمي، يمكن أن نضع كل تيارات الاسلام السياسي المغربي في سلة واحدة، و شرائح تركيبتها في طبقة واحدة، و بعدها البناء على التحليل الطبقي بشكل شمولي لتحديد موقعنا منها، و درجة الصراع معها او التقاطع و أياها ؟

إن السؤال إشكالي، فهل البوتشيشيون كالعدل و الاحسان، كالسلفية الجهادية او العدالة و التنمية ؟

إن خروج البعض من منظومة تفكيرنا الاشتراكي العلمي، و تمثل جلباب ليبرالي "حداثي"، يجعله يردد ببلادة و بلاهة لا علمية مقولتين أطرتا "توجيها" بعض بني جلدة اليسار، حين كانوا يرددون : "ليس في القنافذ أملس" و "ألهم حداثة المخزن أو تجبر الظلامية"، و إبان حركة 20 فبراير سقطوا في فخ موجة استقطاب منظمة لهذا الطرح تضببت معها بشكل مقصود حدود التناقضات الرئيسية و الثانوية، إلى درجة أن أصبح "القنفذ" عدوا في غابة الذئاب، و لازالت موجة الليبرالية "الحداثية" تستقطب لحدود اللحظة من صفوف اليسار لكن للأسف ليس لصف تحديث المجتمع و لكن لصف الحداثة المخزنية.

إن الاستناد الى مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية و آليات التحليل الاشتراكي العلمي، تفرض علينا تجديد و تبسيط خطابنا ليمس أوسع شرائح المجتمع الكادح التي تضررت من سياسة الدولة المخزنية و تعبيراتها الطبقية المرتكزة الى اقتصاد الريع، اقتصاد الريع الذي يعتبر احد اركان تمويل البوتشيشيين، الدراع الدعوي المخزني، و الذي يتغذى من الأطر السامية للدولة، كما أن تأسيس العدالة و التنمية في حضن المخزن سياسيا، و تماهيه مع المنظومة المخزنية للدولة، و حماية مصالحها الطبقية ريعا و استبداد، يجعل هذا الحزب خارج اي تقاطعات مع مشروعنا. بالنسبة للسلفية الجهادية فارتباطها المباشر بالإرهاب المعولم، يجعل الامبريالية العالمية متحكما أساسيا في تحديد توجهاتها، و بالتالي تناقضا أساسيا مع رؤيتنا الطبقية. تبقى جماعة العدل و الاحسان التنظيم الذي يستحق منا جهدا لتفكيك فهمه خارج أي مقولات صنمية، أو تهويل مخزني بالبعبع، فهو تنظيم يعتمد في استقطابه على الدين الشعبي والخصوصية المغربية أكثر من رياح الشرق الوهابية، و شرائح تكوينه من الكادحين و البورجوازية الصغرى و المتوسطة، رغم عدم وضوح تموضع رؤيته الاقتصادية في أدبياته، مستقل إلى درجة التناقض مع شكل الحكم، ساهم حراك 20 فبراير في حلحلة بنيته التنظيمية الخيطية، باستحداث دائرة سياسية ديناميكية في المعارك الاجتماعية ضد منطق الدولة، مما فرض تقاطعات ميدانية مع طيف اليسار المناضل في معاركه الجماهيرية.

إذن فالتحليل الدقيق يقتضي منا النزول بمجهر تفكيرنا أبعد من العناوين الفضفاضة، فالإجابة على الأسئلة الاكثر آنية :

ما مدى تقاطعنا مع هذه الجماعة في الملفات التي التقينا عليها ميدانيا ؟

هل هذا الالتقاء ظرفي، وليد احتقان ظرفي، أم سيستمر زمنيا ما دامت شروط تحققه موجودة ؟

هل النقاط الخلافية تستلزم التواضح حولها أولا، حتى لا تتكرر نزوات حسابات منتصف الطريق ؟

ما تأثير انتكاسات المحيط الاقليمي على سرعة تطور هذا الحوار ؟

هل يمتلك الجميع جرأة التقدم إلى الحوار المجتمعي على أرضية مصالح الشعب المغربي و طموحه لدولة وطنية ديمقراطية عادلة ؟

و الأسئلة المحرقة تتفاعل في خندق لا شكل له لحدود اللحظة، لن نستغرب التقاء الجرار و المصباح على أرضية طبقية واضحة تناصر نيو ليبرالية الدولة و توحش ريعها، فلينسى بعض بني جلدتنا أن الجرار حداثي، فهو طبقي قبل كل شيء.

تبقى المسلمة التي لا غنى عنها أن طبيعة تحالفاتنا الاستراتيجية، لا يمكن أن تصب في منحى تزكية الطبيعة الاستبدادية للدولة، تحت أي شكل من الأشكال، و لا يمكن أن تكون مناقضة لمبدئ سيادة الشعب ديمقراطيا.


إن الحقل الديني وضع جانبا في أغلب الكتابات اليسارية المغربية، ما عدى بعض الجوانب المشرقة من قبيل جرأة الشيخ الاتحادي بلعربي العلوي، إن طرحنا أحيانا بشكل فج و غير متناسق للعلمانية، بدون توفير شروط انزالها، شروط تتمثل في نشر الفكر العقلاني و تحديث المناهج الدراسية، و التنشئة الاجتماعية المتنورة، سيجعلنا نفتقد الدبدبة الحقيقية لموجة الحركية المجتمعية، إن الدين من المفيد لمشروعنا أن يبقى في حضن الدولة الوطنية الديمقراطية المدة اللازمة لانضاج مشروعنا التنويري والا اصبح مطية سهلة بين أصوليات تتقن الخطاب الديني أحسن منا، من هذا المنطلق فالدراسات المادية لتاريخ الفكر الاسلامي اصبحت ضرورة موضوعية حتى يصبح أيضا لليسار منظروه حول النص الديني. فلا يستقيم إذن الفكر الاشتراكي العلمي دون التحليل الملموس للواقع الملموس.

منعم وحتي / المغرب

عضو الكتابة الوطنية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصام في حرم جامعة أوكسفورد البريطانية العريقة للمطالبة بإن


.. القوات الإسرائيلية تقتحم معبر رفح البري وتوقف حركة المسافرين




.. جرافة لجيش الاحتلال تجري عمليات تجريف قرب مخيم طولكرم في الض


.. مشاهد متداولة تظهر اقتحام دبابة للجيش الإسرائيلي معبر رفح من




.. مشاهد جوية ترصد حجم الدمار الذي خلفته الفيضانات جنوب البرازي