الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعم يبني اسس- الحزب العمالي

يعقوب بن افرات

2003 / 1 / 22
الحركة العمالية والنقابية


 

انتخابات 2003

"دعم" يبني اسس الحزب العمالي

ما نطلبه اليوم من العامل ليس صوته فقط بل المشاركة الفعالة في بناء الحزب العمالي. ان المشارك في بناء الحزب هو صاحب القرار فيه. الاستجابة التي لاقاها هذا الطرح من قبل العمال المنظمين في الاطار النقابي، تشير الى صحة هذا الطريق. لا شك ان ما يقوم به العمال اليوم من مشاركة في الحملة الانتخابية، هو بداية ثورة ليس في المفاهيم فحسب، بل باتجاه تغيير المجتمع العربي نحو تحقيق كامل حقوقه القومية المدنية والنقابية.


يعقوب بن افرات
 

دخلت الحملة الانتخابية مرحلتها الحاسمة، واصبح بمقدور كل حزب رشح نفسه في هذه الانتخابات ان يقيس قوته الانتخابية، امتداده الجماهيري وتواصله مع الناخبين. ان منظمة العمل الديمقراطي – "دعم"، التي تخوض هذه المعركة بكل حماس، مركّزةً على الطبقة العاملة العربية، تستطيع هي ايضا قياس ما حققته للآن وكيفية تحسين ادائها الانتخابي.

 

زرع بذور الحزب العمالي

يمكننا بالتأكيد تحديد الانجاز الاول في هذه الحملة: زرع بذور الحزب العمالي. لقد تم نجاح هذا الفكر خلال فترة قصيرة منذ بداية الحملة، لانه وجد تربة خصبة بين العمال الذين التقيناهم في عشرات الحلقات البيتية. ولا نقول ان التربة خصبة فقط لان العمال تقبلوا آراءنا، بل لاننا نلبّي حاجة ملحّة وننشط لملء فراغ كبير لا ينافسنا فيه احد، وهو التركيز على مصالح وطموحات وحاجات الطبقة العاملة العربية.

ان الاحزاب الاخرى تخاطب الجمهور بعموميات ذات صبغة اما اسلامية واما قومية علمانية. ونحن في دعم تميزنا دائما بفكرنا العمالي الاشتراكي، ولكننا حتى هذه الحملة لم نكن نجد الاطار العمالي الذي يمكّننا من تحديد خطابنا السياسي. في هذه الانتخابات الوضع تغير نوعياً. ففي الوقت الذي واصلت فيه الاحزاب نهجها العمومي المبهم، كان دعم يبني الاطار النقابي الفعال. وقد نجح هذا الاطار في ان يمنح الطبقة العاملة العربية فرصتها، الاولى منذ تأسيس الدولة، لتحويل الشعار العام الى عمل ملموس: اي تحويل العمال من افراد عديمي التأثير الى قوة اجتماعية مؤثرة وفعالة.

ان فكرة الحزب العمالي تبقى شعارا مجرّدا، اذا لم يوجد الاطار النقابي الذي يؤطر العمال على اساس مصالحهم الآنية الملحّة. فالوعي النقابي هو خطوة لا بد منها في سبيل تطوير الفكر السياسي. وهذا ما نفعله في هذه الحملة الانتخابية، عندما قررنا تركيز جهودنا على القاعدة العمالية التي انتسبت للاطار النقابي. فالعمال الذين بدؤوا يدركون من خلال تجربتهم القصيرة اهمية التنظيم النقابي في تحقيق مصالحهم النقابية، هم اكثر جاهزية لادراك الفرص المتاحة امامهم عندما يتوحدون لتحقيق مصالحهم السياسية.

ان المرحلة التي نمر بها حاليا هي عملية متواصلة لاحداث تغيير جذري في المفاهيم. فالعامل الفرد يتحول الى جزء عضوي من مجموعة عمال، وبفضل هذا التحول يتغير دوره في المجتمع من انسان سلبي الى ايجابي فعّال ومؤثر.

ان بناء القوة السياسية القادرة على احداث التغيير الجذري في المجتمع، يتم بعملية تدريجية لا يمكن القفز عن مراحلها. واذا كان تطوير الوعي النقابي الخطوة الاولى، فان تطوير الوعي السياسي امر اكثر تعقيدا وشمولية، لانه يتطلب من العامل الارتقاء من السعي لتحقيق مصالحه العمالية المباشرة، الى الاهتمام بوضع المجتمع ككل. السياسة تمكّن العامل من فهم النطاق العام الذي يجيز لارباب العمل استغلاله وللدولة حرمانه من حقوقه الوطنية والمدنية. فالسياسة تكشف امامه جذور المعاناة، وتمنحه الادوات لتغيير هذا الواقع.

ان الحملة الانتخابية الحالية هي فرصتنا الاولى لطرح الفكر السياسي البسيط الذي يقول ان من حق، بل وواجب، العمال ان يبنوا لانفسهم حزبهم الخاص. ان غياب حزب مماثل في المجتمع العربي، يجعل من فكرة بناء حزب للعمال، امرا جديدا. واكثر من ذلك، ان تحقيق الطرح الذي يقدمه حزب دعم، هو شرط مسبق لاعادة طرح ومناقشة ومن ثم حل الهموم السياسية التي تشغل بال كل عامل وكل انسان في المجتمع العربي، وعلى رأسها موضوع الحرب والسلام.

الامر الذي يجعل من فكرة الحزب العمالي امرا ملموسا، هو ثقة العمال المطلقة بحزب دعم بعد ان ثبت وقوفه معهم يوميا، والاهم هو ثقة حزب دعم بالعمال واعتبارهم العنصر الاساسي في المجتمع والقوة الوحيدة القادرة على احداث التغيير الجذري المنشود.

احزاب الشرائح الوسطى
من هنا، جاء شعار حزب دعم في هذه الانتخابات بديلا لانغلاق الاحزاب العربية وراء شعارات دينية وقومية لا آلية لتنفيذها. ان شعارات كبيرة مثل "الاسلام هو الحل"، "مواطنة كاملة"، "ديموقراطية ومساواة"، تفتقد جميعها البرنامج المطلبي النضالي الذي يجعل تحقيقها امرا ممكنا. لقياس مدى تأثير هذه الشعارات في السنوات الاخيرة، يكفي النظر الى تراجع وضع الجماهير العربية في كل مجالات الحياة، من اتساع دائرة الفقر والبطالة، وتدني مستوى التعليم والخدمات الاجتماعية الاخرى.

ان هذه الشعارات هي التي أبعدت الناس عن الاحزاب، بعد ان تبين انها مجرد وسيلة لكسب دعم الناخب يوم الانتخابات، في حين تختفي في اليوم الذي يليه تاركة المواطن وحيدا اعزلا امام السلطات. هكذا، اصبح مفهوم السياسة مرادفا للخدعة التي تستفيد منها الاحزاب على حساب الجماهير.

من الاسباب القوية الاخرى لانعدام ثقة الجماهير بالاحزاب هو تركيزها على خدمة شريحة معينة من الطبقة الوسطى المثقفة، واستثناء الاغلبية الساحقة من المجتمع المتمثلة بالطبقة العاملة. فرغم ان البطالة تحولت الى احد اهم مشاكل المجتمع العربي، الا انها لا تحظى بالاهتمام الكافي، ولا تطرح على جدول الاعمال، ولا حتى في الصحف. بدل ذلك، راحت الاحزاب العربية تصب جهودها في الحصول على عناوين كبيرة في الصحف، من خلال اطلاق تصريحات متطرفة، واحيانا استفزازية. ولم يؤد هذا الطريق الا لمزيد من النقمة على المواطنين العرب.

اننا ننظر الى هذه الحملة الانتخابية الحالية كبداية في عملية قلب المفاهيم. فنحن لا نكتفي من العامل بصوته بل نقترح عليه المشاركة الفعالة في بناء الحزب العمالي ليشارك في صنع قراراته. ان الخطوة الاولى نحو التغيير تستوجب اعادة الاهتمام بمشاكل العمال اليومية، واولها مصدر الرزق. بلا عمل يصعب الوصول للاهتمام السياسي، فالعاطل عن العمل محبط ومشغول بهموم حياته اليومية، لدرجة تمنعه من التفكير بالمستقبل.

ان هذه الحملة الانتخابية هي انطلاقة لعملية طويلة الامد باتجاه بناء الحزب العمالي. استجابة العمال المنظمين في الاطار النقابي لهذا الطرح، هي اشارة لصحة الطريق. ان الطاقة الكامنة في الطبقة العاملة العربية في البلاد، هي غير محدودة ومن شأنها إحداث التغيير الجذري لاعادة مكانة العامل وكرامته. ولا شك ان مشاركة العمال في حملة حزبنا الانتخابية، هي بداية ثورة ليس في المفاهيم فقط، بل باتجاه تغيير المجتمع العربي نحو تحقيق حقوقه القومية، المدنية والنقابية. ان هذا لعمل جبار، يستحق احترام كل انسان ذي ضمير حي.   


 

الصبار  

كانون ثان 2003 ، العدد 160

 

 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطريقة المثالية للتعامل مع الموظفين المتأخرين


.. مصادر لـ-أكسيوس-: 3 أشخاص يتحكمون في الوصول إلى بايدن.. موظف




.. حرب اليمن: وقود البطالة بين الشباب


.. قُبيل ألمبياد باريس -تطهير اجتماعي- بحق طالبي لجوء مشردين بن




.. زيادة في الأجر الأدنى للعاملين بالقطاع الخاص في تونس بنسبة 7