الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمل... قصة قصيرة

بهجت العبيدي البيبة

2016 / 2 / 2
الادب والفن


تتقطع به السبل، لم يعد لديه إيمان بشيء، يحاول جاهدا تذكر آخر مرة وقف فيها للصلاة، تأتيه صور باهتة، يعيش بين الناس، ولا أحد يدرك ما يعانيه، يتظاهر دائما بالرضا على طريقه التي اختارها، يعلم المحيطون به أنه فقد إيمانه منذ زمن بعيد، لا ينفرون منه، برغم كون مجتمعهم محافظ، ويضع الإيمان في أعلى مرتبة، يساعد الجميع في محاولة حقيقية للبحث عن السعادة، إنها روح قلقة معذبة، لم تشعر بالطمأنينة ساعة من نهار، لم تسكن سكون الراضين، متألمة، تسعى للمجهول.
   يتذكر وجها صبوحا مبتسما، يبعث في النفس البهجة، وينشر في الأفق عبيرا، يحول الجمادات إلى كائنات حية، يضفي على الكائنات الحية جمالا، يستمع إلى صوت العصافير البيضاء ترسل نغما، البلابل تشدو بأغنية سعيدة، من أين يأتي هذا الجمال، كيف تصبغ الحياة بتلك الألوان المبهجة، من هذا الذي يبدع تلك اللوحة الفنية التي تطالعنا في الحقول، وفي سماء زرقاء صافية، كيف ينكسر موج البحر الهادر مداعبا رمال الشاطئ، التي يعكس أشعة الشمس لونها الذهبي، أين ذهبت العشوائية التي تملأ الكون، كيف تتحول إلى نظام متقن، وإلى جمال مطلق، من أين تأتيني هذه الراحة التي تملأ نفسي، لا يرى أحد ما أراه، ولا يسمع غيري هذه السيمفونية، التي تعزفها الطبيعة، لابد أن هناك روحا تبعث من مكان ما لتفعل بي كل هذه الأفاعيل، هل يعود إلي ما يطلقون عليه الإيمان، إني غير مؤمن بكل تلك الحكايا التي يقصونها علينا، إنهم ينسجون خرافات بهالات من التقديس، وعلينا أن نؤمن بها صاغرين، وإلا كنا مارقين، متمردين، بما يصرون على أنه دين كافرين.
لا أستطيع التوفيق بين ما يزعمون أنه الإيمان وبين روحي القلقة ونفسي الثائرة، لابد أن هناك خللا في فهم هؤلاء، لا يمكن أن يكون ما يزعمونه صحيحا، علي أن أبحث بنفسي، هذه الروح لابد أن تهدأ وتستقر، ليس هناك متسع من الوقت، فالعمر قصير، والهدف نبيل.
يغمض عينيه، يغفو قليلا، يظهر أمام  ناظريه الوجه النضير، مبتسما ملوحا له، مغريا، في حديقة غناء، تتخللها أنهار، وتحلق في سمائها الطيور، عازفة لحنا لم يستمع لنظير له من قبل، يأخذه إلى عنان السماء، يلتفت يمنة ويسرة باحثا عن الوجه المليح، لا ينجح في العثور عليه، تملك عليه نفسه مناظر الزهور التي تملأ الحديقة، بألوانها البديعة العجيبة، التي لم ير مثيلا لها من قبل، يعود يبحث عن ذات الوجه الجميل، يشعر بوجودها، ولكنه لا يستطيع رؤيتها، تهب نسمات رقيقة، تحمل أريج الزهور، فتعبق الجو بروائح جميلة وشذا عجيب وغريب، ليس له مثيلا، لم يشمه قبل ذلك، يعود يبحث عنها، يشتاق لرؤيتها، تظهر له الحسان من كل مكان في الحديقة، جميلات، متأنقات، ليس لحسنهن مثيل، يتفقن جميعا في مقدار هائل من الجمال، في فساتين رقيقة، كاشفة عن مفاتنهن، مفاتن تبعث في النفس الرغبة والبهجة، إنهن يتمتعن بحسن لم يره قبل ذلك، وبعذوبة صوت، لم يسمع لها مثيلا، تملأ نفسه النشوة، وتملأ روحه البهجة، يعود ليبحث عن فاتنته، لا يجد لها أثرا، يشعر بخفقان قلبه، منتبها، ينهض ليتوضأ ويقف خاشعا بين يدي الله.     








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء


.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق




.. -مندوب الليل-..حياة الليل في الرياض كما لم تظهر من قبل على ش


.. -إيقاعات الحرية-.. احتفال عالمي بموسيقى الجاز




.. موسيقى الجاز.. جسر لنشر السلام وتقريب الثقافات بين الشعوب