الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة بين مطرقتين - توصيف في الحالة السورية -

يوسف أحمد إسماعيل

2016 / 2 / 4
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


الثورة هي حراك اجتماعي ثوري على النُظم الاستبدادية وما تخلفه من أمراض تصيب الأنساق الثقافية العليا للمجنمع بشكل عام؛ ومن ذلك الإحساس بالذل والقهر وهيمنة الفساد السياسي والإداري و الاجتماعي . وهي وفق ذلك تبحث عن العدل والحرية والكرامة، وتنحاز للبنى الحديثة في مواجهة البنى العتيقة، في صيرورة المجتمع الذي تنهض فيه .
وعليه فإنه يمكن القول: إن واقع المجتمعات العربية قبيل الربيع العربي كان يشكل أرضية خصبة للحراك الثوري وفق تعريفه السابق، لما تكرّس فيه من أمراض سياسية وإدارية واجتماعية ، ولذلك عمّت المظاهرات السلمية الشارع العربي في تونس والقاهرة وطرابلس وصنعاء وبدرجة أدنى بعض المدن السورية .
ولكن ما حصل بعد المظاهرات السلمية فله شأن آخر غير مفهوم الثورة بوصفها حراكا اجتماعيا يهدف إلى التغيير الثوري ؛ ففي القاهرة استطاعت الدولة العميقة التحكم بمسار الأحداث وتوجيه بوصلتها باتجاه إعادة إنتاج الحكم العسكري بكل صوره وماهيته ، وفي تونس، وتحت عباءة الديمقراطية ، دخلت الأحزاب السياسية في صراع على السلطة بدلا من تمثيل الشارع والعمل على تحقيق طموحاته ، مما هيأ الفرصة لعودة الدولة العميقة أيضا ولكن بثوبها السياسي المدني .. أما في ليبيا واليمن وسورية فلفوضى السلاح كانت الكلمة العليا، مما أخرج الحراك السلمي الثوري من المشهد برمته ، ولسورية في ذلك مشهدها الخاص .
ربما أنّ النار، التي أشعلتها مسدسات الإخوان المسلمين في بداية الثمانينات من القرن الماضي وقابلها النظام السوري حينها بنار مضاعفة، لم تنطفئ طوال العقود الماضية؛ فكانت تجليات اشتعالها تتبدى في صور مختلفة تحت الرماد، ولكن عبر محفزات تجري في الشارع السوري كهيمنة الفساد في الإدارة العمومية، وتغيّر القيم الاجتماعية والأخلاقية إلى ظواهر مرضية قهرية ،مما دفع بالنظام إلى تشديد القبضة الأمنية التي لم ينسها بعدُ الشارع السوري . يضاف إلى ذلك أن النظام " العلماني " بدمشق لم يعمل على التنوير الاجتماعي بما يكفل دفع المواطن إلى الاعتقاد بفصل الدين عن الدولة، بل سمح، لأهداف سياسية ، بانتشار خطاب تكفيري ترافق مع هيمنة فساد سياسي وإداري واجتماعي، مما مهّد إلى عودة نكوصية نحو التدين السلفي، وبالتالي الجهادي. ولذلك رأينا الحراك السلمي في 2011 قاصراُ، وتمّ على يد ناشطين مدنيين طامحين إلى تحقيق دولة مدنية تعددية ديمقراطية ، تمت إزاحتهم بفعل النظام الذي واجههم بالسلاح وبفعل الخطاب التكفيري الذي سرعان ما عبر عن نفسه بتشكيل كتائب جهادية مسلحة مدعومة من قوى إقليمية ودولية لها أجنداتها ومصالحها الخاصة
وعليه أصبح من الصعب خروج الأزمة السورية من السلاح الجهادي إلى الدولة المدنية لاتساع الهوة بين الطموح والواقع على الأرض حتى وإن أُعلن على الملأ أنّ المتحدثين في جنيف 3 يمثلون مكونات المعارضة السورية، وذلك لأنهم جميعا يمثلون حالات إقليمية ودولية فقط ولا يمثلون ما كان يمكن أن يكون ثورة اجتماعية مدنية لولا فعل النظام تاريخيا وفعل سلاح السلفية الجهادية وفكرها التكفيري على ارض الواقع راهناً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب


.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال




.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني




.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ