الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوار -السوري- السوري- كذبة كبيرة

منذر خدام

2016 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


الحوار السوري- السوري كذبة كبيرة!!
منذر خدام
في أول ظهور إعلامي له، رئيس وفد النظام السوري إلى مفاوضات جنيف3، بشار الجعفري يقول: أن فاتحة قرآن نظامه في هذه المفاوضات هي " محاربة الإرهاب، والحوار السوري – السوري، بدون أي تدخل أجنبي". بجملة واحدة ، جمع الجعفري بين مسألتين: واحدة فيها الكثير من المصداقية، أما الثانية فلا تعدو كونها محض افتراء. فعندما جعل الجعفري محاربة الإرهاب في مقدمة قرآن نظامه فإنه أراد الاستثمار السياسي في مصطلح صار شائعا، ومستقرا في الإعلام، وفي الخطاب السياسي الدولي، يشير إلى محاربة داعش والنصرة، كجواز مرور للاستمرار في محاربة كل من يعارضه، وبصورة خاصة، أولئك الذين رفعوا السلاح في وجه نظامه، سواء للدفاع عن النفس بداية، أو في سبيل نصرة مشروع سياسي إسلامي تالياً. غير إن ما يتجاهله السيد الجعفري، هو أن محاربة الإرهاب من منظور كثير من السوريين تشمل نظامه بالدرجة الأولى لأنه بالأساس، وفي سياق وجوده واستمراره، قام على الإرهاب بكل أشكاله، بدء من الطرد من الوظائف والحرمان من مصادر الرزق، إلى السجن الطويل( أكثر من عشرين سنة) كما فعل مع قادة حركة 23شباط لعام 1966، بمن فيهم رئيس الدولة الدكتور نور الدين الأناسي، وأغلب أعضاء قيادة حزب البعث والحكومة في تلك الفترة، بل وعمد إلى تصفية بعضهم في السجن، وكما فعل خلال صراعه مع الإخوان المسلمين في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، إذ استغل المناسبة لكي يسجن كل معارض له من قوى قومية ويسارية لفترات طويلة أيضاً . وقد تجلى إرهابه بصورة جلية في مواجهة انتفاضة الشعب السوري السلمية ضده، في أروع ملحمة شهدها تاريخ سورية، ليس فقط من خلال الزج بعشرات الآلاف من السوريين في سجونه، بمن فيهم النساء والأطفال، ومواجهة المتظاهرين السلميين بالنار، بل والدفع باتجاه عسكرة الانتفاضة لكي يخلق مبررا لسياساته القمعية، وقد نجح بذلك. وما كان له أن ينجح في تطبيق إستراتيجيته هذه لولا العمل على أسلمه الانتفاضة منذ البداية، إضافة إلى المساعدة الموضوعية التي تلقاها من بعض الدول العربية والإقليمية، وحتى البعيدة،التي ادعت صداقة الشعب السوري،لكنها في الواقع شجعت على الإرهاب في سورية، ودعمته بكل الوسائل لأهداف تخصها ، يقف في مقدمتها تدمير سورية وتمزيق وحدة شعبها.
ومنذ أن صار السلاح العنصر الحاسم في الأزمة السورية، صارت مقولة الحوار السوري- السوري مجرد كذبة كبيرة، إذ لم يعد لا النظام ، ولا أغلب فصائل المعارضة الفاعلة، وخصوصا العسكرية منها، مستقلة الإرادة السياسية، بل مجرد أدوات للقوى الدولية المتصارعة على سورية. فمن جهة صار النظام رهينة لإيران والميلشيات الطائفية التي دفعت بها إلى حلبة الصراع في سورية لنصرة النظام، وكذلك لروسيا التي لم تكتفي بتزويده بكل مستلزمات الحرب ، بل أرسلت قواتها الجوية لمنع انهياره. هذه المساعدات الأجنبية للنظام أسست، لضغوطات سياسية عليه أخذت في البداية شكل نصائح، لكنها تاليا أخذت صيغة أوامر دبلوماسية، وهذا ما تمثل في قبول النظام، بعد زيارة رئيسة منفردا إلى موسكو، بإعداد دستور جديد، وتشكيل حكومة ذات مصداقية، ومن ثم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بعد ثمانية عشر شهراً.
من المثير للسخرية عندما يتحدث وفد النظام في جنيف عن عدم "التدخل الخارجي" في الحوار "السوري- السوري"، وهو في وضعية الرهينة للقوى الأجنبية التي تدعمه وتزوده بكل أسباب بقائه.
أما من جهة المعارضة، وتحديدا تلك التي صارت تعرف بالمعارضة الخارجية، متمثلة في المجلس الوطني السوري، ولاحقا بالائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة، عداك عن المعارضة المسلحة بكل تشكيلاتها، فهي، في النشأة والتكوين واستمرار الوجود، كانت حصيلة إخصاب أجنبي متعدد بأنبوب سوري. في ظل هذا الواقع من السخرية أيضا الحديث عن استقلال الإرادة السياسية لهذه "المعارضة السورية" ، إنها في الواقع مجرد أدوات في مشاريع أجنبية متصارعة على سورية، وفي سورية. هذه الأحكام السياسة عليها كان أول من أصدرها أعضاء من داخلها، رغم أنها معلومة لغيرهم، وحتى الدول المتدخلة في شؤونها لا تخفي ذلك. ففي مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، على سبيل المثال، لم يكن للسوريين أنفسهم أي دور مهم في الدعوة للمؤتمر، أوفي تنظيمه، أو في مخرجاته. المؤتمرون الحقيقيون كانوا سفراء الدول الأجنبية الراعية للمعارضة السورية في الكواليس حيث تصدر الأوامر. وحتى الراعي السعودي لم ينكر ذلك، فبعد أن كان مقررا دعوة نحو خمس وستين شخصية معارضة، وصل العدد إلى نحو مائة وستة عشر عضوا، فكل دولة أجنبية، ومن بينها إسرائيل، أرادت حضور من يمثلها من المعارضة السورية، أو تثقيل حضور من تحسبهم عليها.
وفي جنيف3، وبمجرد وصول وفد المعارضة السورية، وكما في حال وفد النظام الذي لبى فورا دعوة الجانب الروسي للقائه، ليس لشرب الشاي والمجاملة بالتأكيد، كان بانتظاره دبلوماسيون أتراك، وقطريون، وأمريكان، وفرنسيون، وبريطانيون، وسعوديون، وغيرهم لتلقي " النصائح"(كذا).
إن مقولة الحوار "السوري –السوري بدون تدخل أجنبي" كذبة كبيرة، وما أكثر الأكاذيب في خطاب السلطة والمعارضة، ويبدو لي أن الأكاذيب التي رافقت انتفاضة الشعب السوري وحرفتها عن اتجاها الصائب، مما تسبب بدمار البلد، وتعريض الشعب لمعاناة غير مسبوقة في التاريخ، مستمرة تصاحبها أيضا اليوم في مرحلة المفاوضات، وليس من إمكانية لوقفها إلا إذا جلست القوى الدولية المتدخلة في الشأن السوري لاتخاذ قرار ملزم واجب التنفيذ الفوري لحل الأزمة السورية. يبدو لي أن الظروف صارت ملائمة لذلك نتيجة التوافق الأمريكي الروسي. فالرهان على صحوة ضمير السوريين المتصارعين مجرد وهم للأسف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران :ماذا بعد مقتل الرئيس ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إيران تعيد ترتيب أوراقها بعد مصرع رئيسها | #التاسعة




.. إسرائيل تستقبل سوليفان بقصف مكثف لغزة وتصر على اجتياح رفح


.. تداعيات مقتل رئيسي على الداخل الإيراني |#غرفة_الأخبار




.. مدير مكتب الجزيرة يروي تفاصيل مراسم تشييع الرئيس الإيراني وم