الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطعة لحم ... بشرية

حسين التميمي

2005 / 11 / 13
الارهاب, الحرب والسلام


إنها قطعة لحم ليس إلا .. لحم ساخن ، يختلج اختلاجته الأخيرة فوق سطح الدار ، ترى من هو صاحبها ؟ هل هو عابر سبيل صادف أن حظه كان سيئا هذه المرة ، لأنه تواجد في المكان الخطأ وفي الزمان الخطأ ، فتناثرت أشلاؤه فوق سطح داري والدور المجاورة ، ترى هل صاحب قطعة اللحم هذه متزوج ، ولـه أطفال ؟ .. ربما ينتظرونه الآن عند باب الدار ، ينتظرون أبا وعدهم بإحضار اللحم والخضار ، لن يصدقوا بالطبع أن أباهم قد تحول (بقدرة ارهابي أحمق مختل) إلى شرائح من اللحم تناثرت فوق أسطح المنازل المجاورة لمكان الحادث ، فدوما نحن لا نصدق أننا سنكون ضمن المشهد ، ودوما نفكر بأن هذا الموت يخص أناساً آخرين ، لذا نحن لا ننفعل بمشاهد الموت التي نراها من على شاشات الفضائيات ،التي تروج لموتنا ، وكأنه بئرها النفطي الذي لا ينضب ، ها قد كفت قطعة اللحم عن الاختلاج ، يبدو أنها قد اقتنعت أخيرا بأنها قد ماتت ، مجبر أنا على حمل قطعة اللحم هذه وتسليمها إلى رجال الشرطة ، ليس لأنها مذنبة ، ولكن هناك يتم جمع القطع وإرسالها إلى المستشفى ، وهم بطرقهم الخاصة سيعيدون تجميع الجثث ، كي يتم دفنها وفقا للشرع الذي استغله القاتل الارهابي المهووس بالقتل مبرراً لجريمته التي لا حدود لشناعتها! خارج الدار كانت الفوضى سيدة الموقف ، جمع من الشرطة يتراكضون يمينا ويسارا إلى لا مكان ، وأناس كثر يبحثون بين الأشلاء عن بقايا أبنائهم أو أقاربهم ممن أعيتهم الفاقة فكان من سوء حظهم أنهم توجهوا هذا اليوم للتطوع في سلك الشرطة أو الحرس الوطني ، وعلى مقربة منهم كانت هناك سيارة باص متوسطة تفحمت بمن فيها ، في حين اصطبغت أرضية الشارع بالأحمر الفجائعي ، أحدهم قال وهو يصرخ أمام جثة أخيه : الشرطة كانت تعلم .. التحذير وصلهم يوم أمس لكنهم لم يتخذوا أي إجراء بل سهلوا الأمر على الانتحاري حين تركوا الناس في الشارع ولم يدعوهم يدخلون الباحة الآمنة ، طفل كان يبكي أباه الذي لم يبق منه سوى الرأس والأطراف العليا ، لا أعرف لماذا خشيت أن تكون قطعة اللحم التي عثرت عليها هي لهذا الشخص ، لا أعرف لماذا شعرت ببرد في عظامي على الرغم من حر تموز وحر الحرائق التي لم تندمل بعد ، كنت بحاجة في تلك اللحظة الى من يعيدني الى البيت قبل أن يفتتني الغضب مما يحدث و.. على ما يحدث في طريق عودتي إلى البيت كنت أجرجر قدمي اللتين أصيبتا بخدر مفاجئ ، وأنا أفكر بأن هذا الانتحاري الذي قتل عددا من المسلمين قد يتجاوز الستين أو السبعين ، لمجرد أن عجوزا ملتحيا خرفا يتسلم ثمن الجرائم من داخل الحدود وخارجها، قد أقنعه بأن الرسول ينتظره في الجنة كي يتناول معه الإفطار ، غافلا عن حقيقة أن الرسول الكريم(ص) ستعاف نفسه الزاد لأيام طوال لأنه شهد اليوم مذبحة استهدفت أبناءه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي متواصل على غزة وحصيلة القتلى الفلسطينيين تتجاوز


.. إسبانيا: في فوينلابرادا.. شرطة -رائدة- تنسج علاقات ثقة مع ال




.. من تبريز.. بدأت مراسم تشييع الرئيس الإيراني رئيسي ورفاقه


.. أزمة دبلوماسية -تتعمق- بين إسبانيا والأرجنتين




.. ليفربول يؤكد تعيين الهولندي آرني سلوت مدربا جديدا له