الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تضامنا مع فاضحي الفساد أناشد نزاهة القضاء وعقلانية التعبير .

مصطفى المنوزي

2016 / 2 / 7
حقوق الانسان


صحيح أنه ينبغي احترام القانون والمساطر ، فهما المرجع وأساس التظلم والاحتجاج والمحاسبة ، لأن الاختصاص في ذلك ليس بأيدي سوى السلطات المختصة ، وأكيد أن الادعاءات مشروط قبولها بالاثبات ، لكن من جانب الساهرين على إنفاذ القانون ، ينبغي تطبيقه دون التعسف في استعماله ، فالتطبيق السيء لا ينتج سوى الفظائع ، وما ينطبق على التعسف في استعمال القانون يسري أيضا على التعسف في استعمال الحق والشطط في استعمال السلطة ، فجنح الوشاية الكاذبة وتحقير مقررات قضائية وإهانة موظف أثناء مزاولته لمهامه وممارسة العصيان وكذا تبخيس قرارات السلطة العمومية والتحريض ضدها ، كلها وسائل وتدابير وقائية وبيداغوجية ، عادة ما تثار في حالة تراكمها وصيرورتها سلوكا عموميا وتقتضي المصلحة العامة « ردعها » لفرض النظام واحترام القانون والمؤسسات ، غير أن هذه الأدوات والإجراءات المؤسساتية والقانونية ، والتي تدخل ضمن مقتضيات استعمال القوة العمومية المفوضة للسلطة العامة من قبل المحكومين أنفسهم ، لا يعقل اللجوء إلي استعمالها سوى إذا كانت الوقائع موضوع الاتهام وذات العلاقة مشمولة بسوء القصد وبنية الإضرار ، كقصد جنائي خاص ، فكيف يمكن أن تصور قضاة يتأثرون بمقال أو إشارة ، في زمن بلغ فيه الوعي بالاستقلال وحس النزاهة والاستقامة ، وكيف نصدق أن فردا سوف يحرض جماعات ضمن مؤسسة عسكرية ينظمها القانون ، والأمثلة كثيرة في هذا الصدد ، وبالأحرى كيف نتصور مواطنا يعيب منشآت عمومية لم تنجز على أحسن وجه ووفق ما تم الالتزام به ، ونتصور معه ، كما في نازلة آسفي ، مواطنا يهين موظفا عموميا ، وهو لا يزاول مهامه ، أو على الأقل يزعم أنه انتهي من مزاولة مهامه بعد تزفيت الطريق ؟
وبنفس القدر ، لا يمكننا أن نتعسف في التعليق والاحتجاج حتى ، على متابعة ذلك الشاب ، بعلة « تفاهة » التهمة والمفارقة الفاضحة التي لازمت العملية ، فحق التقاضي مضمون لكل مواطن ومؤسسة ، لكن شريطة إعمال واحترام قرينة البراءة كأصل في التصرفات والمعاملات ، ألا يكفي توجيه المتابعة ومحاكمة المعني بالأمر في حالة سراح ، وبغض النظر عن الدور السلبي لبعض الإعلام ، فالضغط النفسي يخرج القضية من سياقها العادي وحجمها الحقيقي ، وينساق الرأي العام مع الحقيقة السوسيولوجية ، بدل الحقيقة القضائية ، وبغض النظر أيضا عن عدم استكمال دورة « الإصلاح المؤسساتي والتشريعي » لتكريس مزيد من النزاهة والاستقلالية والإنصاف ، فإنه لا نملك أي حق في استيفاء الحقوق خارج الشرعية والمساطر المتطلبة قانونا ، خاصة في ظل تنامي نزعة فوضية ، لا تعترف بالقانون والضوابط والمؤسسات ، وتدرج ردود الفعل العفوية والاعتبتطية ضمن « حرية التعبير » ، والحال أنه ما نجحت أوطان وشعوب في إحلال منطق « الفوضى الخلاقة » محل ضوابط الامتثال للقانون كتعاقد بين الدولة ومواطنيها ، فكل تسرع يعتبر مغامرة ، لا تقدر حق التراكم المطلوب ، وكل تراخي وتباطؤ في الإقدام ، يعد انتظارية ، وإذا كان التاريخ الجدلي قد فضح إنتهازية النزعتين معا ، حيث الأولى يسارية والثانية يمينية ، فإن الفوضوية كنزعة تتماثل للعافية و يحاول الفاشيون والمحافظون إنعاشها وتصديرها نحو الشعوب النامية ، باسم الديموقراطية وحرية الملكية والتعبير ، بغية إجهاض كل إرادات الإصلاح ، الذي يعتبر أصعب وأفضل ، في نفس الوقت ، من الإنقلاب والثورة نفسها ، فلنحذر جميعا من الإنفلات القيمي عوض الانسياق مع الإنفلات الأمني ، ما دمنا نؤمن بدولة القانون والمؤسسات ، دولة قوية بدل مخيفة ، ودولة آمنة عوض دولة أمنية ، وكما غنى جاك بريل العظيم الحكمة « كل شيء قد يجوز ، لكن المهم هو الطريقة » .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هغاري: الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل من أجل خلق الظروف لاستع


.. الأمم المتحدة ترحب بالهدنة التكتيكية جنوبي غزة| #غرفة_الأخبا




.. الجيش الإسرائيلي يعلن -هدنة تكتيكية- في جنوب قطاع غزة والأمم


.. بكين تفرض قواعد جديدة في -بحر الصين الجنوبي-.. واعتقال كل من




.. المتحدث باسم اليونيسيف يروي تفاصيل استهداف الاحتلال أطفال غز