الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خالد مشعل والنفخ في خيلاء العمالقة

نزار حسن

2005 / 11 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


بعد تلك الصورة المخزية الشهيرة التي اظهرت الامين العام لحزب الله الشيخ حسن نصر الله وهو يقدّم بندقية اسرائيلية هدية الى العميد رستم غزالي رئيس الاستخبارات السورية في لبنان واحد مصاصي دم الشعبين السوري واللبناني، ها هو عضو المكتب السياسي لحركة حماس يقدم فروض الطاعة إلى دكتاتور دمشق بشار الاسد ويقول له بالحرف الواحد: "حسبك ان اميركا غاضبة عليك، فهذا دليل الصدق"، ثم يستعين ببيت الشعر الشهير: "واذا اتتك مذمتي من ناقص فهي الدلالة لي على اني كامل" حسبما نقل مراسل صحيفة النهار اللبنانية في دمشق شعبان عبود (ملاحظة عابرة: السيد مشعل كسر الوزن في بيت ابي الطيب المتنبي، والصحيح هو: واذا اتتك مذمتي من ناقص، فهي الشهادة لي بأني كامل).
كذلك سارع خالد مشعل الى اسلوب آخر في التقرّب من دكتاتور سوريا ومنافقته حين دعاه الى "عدم الخوف والقلق" من الاخطار التي تتهدد سوريا، لأن اميركا "لن تستطيع تكرار تجربة العراق وهم غارقون (الاميركيون)، في مستنقعه". ثم نفخ مشعل خيلاء الاسد، التي لا تحتاج اصلاً إلى المزيد من النفخ، حين خاطبه كما يلي: "العمالقة في العالم، اميركا وبريطانيا وفرنسا، هم اقزام امام الحق في سوريا".
وطبعاً ليس جديداً ان يتحالف بعض رجال الدين مع الطغاة، خصوصاً حين يلجأ بعض المشايخ الى تزييف الدين بهدف تخدير الشعوب وصرف انظارها وعقولها عن قضاياها الاخرى المصيرية. ونحن نعرف مواقف شيخ الازهر مثلاً، او مواقف مفتي سوريا السابق المرحوم الشيخ احمد كفتارو، او هذه الايام مواقف الشيخ محمد حبش عضو مجلس الشعب السوري.
ما يفاجئنا، ويحزننا كل الحزن، ان يلجأ الى محاباة السلطان الجائر اشخاص مثل حسن نصر الله وخالد مشعل يعلنون التمسك بحبائل الدين الحنيف، الذي ينص اولاً على العدل والحكم الصالح ورفع المظالم عن العباد. وما يزيد الطين بلة أن هؤلاء يقفون على رأس حركات تقاوم الاحتلال الاسرائيلي في كثير او قليل، وانهم قدموا تضحيات شخصية في سبيل مبادئهم، مثل الشيخ نصر الله الذي قدم ابنه شهيداً للمقاومة اللبنانية، ومشعل الذي كاد ان يموت بسمّ المخابرات الاسرائيلية.
لماذا هذا التناقض؟
كيف يفوت أمثال نصر الله ومشعل ان التزلف الى حاكم جائر هو اثم لا يحاسب عليه الله فقط، بل ايضاً تحاسب عليه الشعوب التي تعاني من جور ذلك الحاكم؟ وكيف غاب عن الشيخ نصر الله ان تقديم بندقية اسرائيلية (هي في الاصل غنيمة المقاومة اللبنانية) الى رستم غزالي، هو اعتراف بطهارة ضابط امن عُرفت عنه كلّ صفات الشر الظلم والنهب والفساد؟ كيف تجاهل، لأنه من غير المعقول ان يجهل وهو العارف، ان في هذه الخطوة اهانة شديدة لدماء المقاومين الشهداء، واولهم ابنه الشهيد، واهانة لكل مقاوم مناضل؟ وكيف سمح مشعل لنفسه ان تجنح الى تلك البلاغة الجوفاء الكاذبة التي جعلت من القوى العظمى، التي نبغضها اكثر منه ونناضل ضد مخططاتها مثله، هي اقزام امام عملاق اسمه بشار الاسد؟ ألا يدرك مشعل انه بهذا يدفع الاسد إلى المزيد من الطيش والحماقة والمغامرة، وبالتالي يعرّض سوريا الى المزيد من المخاطر؟ وهل بالفعل يصدّق مشعل ان النظام في سورية قاوم في الماضي او يقاوم في الحاضر او سيقاوم في المستقبل القوى الكبرى ويرفض النزول امام شروطها؟
نحن ندرك ان التكتيك السياسي قد يفرض على اي حركة سياسية ان تقدم بعض التنازلات بين حين وآخر، او حتى ان تتخلى مؤقتاً عن واحد من ثوابتها في سبيل تحقيق هدف عاجل. ولكننا لا نفهم ابداً، ولا يمكن ان نغفر لحزب الله أو حماس، اغماض العيون وادارة الظهور بشكل كامل وفاضح لقضايا الشعب السوري وقواه المناضلة من اجل التغيير الديمقراطي. في هذا اهانة بالغة للشعب السوري، خصوصاً ان هذا الشعب قدم الكثير من الدعم والمساندة والتضحيات للمقاومة الاسلامية في لبنان وفي فلسطين.
وكان يكفي ان يمتنع الشيخ نصر الله عن تقديم تلك البندقية الى ضابط استخبارات سوري، وان يقول مشعل خمس كلمات لا اكثر في حث ذلك (العملاق) بشار الاسد على انصاف الشعب السوري واتخاذ المزيد من اجراءات الانفتاح والاصلاح ورد الكرامة.
ولكن العكس هو الذي جاءنا من عضو المكتب السياسي لحركة حماس، لأنه لم يسكت عن حقوق الشعب السوري فقط، وانما هاجم المعارضة السورية تحت ذريعة عدم الاستقواء بالخارج، فقال: "أقول لكل المعارضة التي تستقوي بالأعداء انهم سيكونون على هامش التاريخ وسيذكرهم في موقع الخونة... سوريا لكل شعبها فلا تقفوا مع الاميركيين ضد شعبكم وعلى الجميع ان يستيقظوا، فلا تطمئنوا الى ابتسامات بوش ورايس".
كلمة حق يراد بها باطل الاباطيل! فأي معارضة سورية تستقوي بالخارج؟ هل رياض الترك؟ رياض سيف؟ الاحزاب والقوى والشخصيات الموقعة على "إعلان دمشق"؟ وإذا سمح مشعل لنفسه ان ينصح "المعارضة" السورية التي تستقوي بالخارج، وهو يعرف انها ليست بالمعارضة اصلاً وليست لها جذور في الداخل، فكيف نسي او تناسى ان يقول كلمة حق واحدة في المعارضة التي ترفض الاستقواء بالخارج؟
وحين نطالب بتلك الكلمة اليتيمة، التي يمكن ان تجنب الشيخ نصر الله وخالد مشعل صفة الساكت عن الحق، فهل نطالبهما بالكثير الذي لا طاقة لهما عليه؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القسام يعلن استهداف دبابة -ميركافا- إسرائيلية بقذيفة -الياسي


.. عبر الخريطة التفاعلية.. آخر التطورات في مناطق توغل جيش الاحت




.. كيف تؤثر تهديدات بايدن في مسار حرب غزة؟ نتنياهو إسرائيل ن


.. احذر... الاستحمام اليومي يضر بصحتك




.. مقتل 7 أشخاص في قصف أوكراني على حي سكني في بيلغورود الروسية