الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة السوريّة بين مؤتمري جنيف ولندن

فهمي الكتوت

2016 / 2 / 7
مواضيع وابحاث سياسية



يأتي انعقاد المؤتمر الدولي الرابع للمانحين بشأن اللجوء السوري في العاصمة البريطانية لندن في الوقت الذي يزداد فيه القلق الأردني من الآثار الناجمة عن ضغط اللجوء السوري على البنية التحتية في دولة كالأردن تعاني من ظروف اقتصادية صعبة، فقد شُهِدت في الآونة الأخيرة موجات احتجاجات واسعة من قبل المستثمرين على استمرار حالة الركود الاقتصادي الذي دفع بعضهم لمغادرة البلاد والبعض الاخر بالتهديد للمغادرة احتجاجا على زيادة العبء الضريبي، وتراجع الطلب على السلع. بداية دعنا نقر أن الاقتصاد الأردني يمر بأزمة اقتصادية خانقة، تتجلى مظاهرها بتباطؤ معدلات النمو الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة، وتآكل الطبقة الوسطى. وعلى الرغم من تراجع معظم الأسعار عالميا من النفط إلى المواد الأولية والاستهلاكية إلا أن هذا الانخفاض لم ينعكس في الأسواق الأردنية بسبب ارتفاع العبء الضريبي، وخاصة الضرائب غير المباشرة وزيادة الرسوم وتعرفة الكهرباء، التي أسهمت في تآكل الأجور الفعلية وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.
لعلنا نؤكد أن تدفق اللاجئين السوريين بأعداد كبيرة على الأردن شكل ضغطا على البنية التحتية التي تعاني أصلا من ضعف شديد، وعدم فعاليتها بتغطية احتياجات المواطنين الأردنيين من خدمات في مجال التعليم والصحة وشبكات المياه والصرف الصحي وغيرها. خاصة وأن جزءًا هاما من السوريين يقيمون خارج المخيمات ويتقاسمون مع المواطنين الخدمات المتواضعة في البلاد، الامر الذي أسهم بتفاقم هذه المشكلة. لكن علينا ألا نعلق فشل السياسات الاقتصادية والنهج الاقتصادي السائد في البلاد على شماعة اللاجئين. فالأزمة التي تعيشها البلاد ناجمة عن عدم قيام الحكومة بواجبها في استثمار موارد البلاد الغنية، وسياسة التخاصية بتخلي الدولة عن مؤسساتها لصالح الاحتكارات الرأسمالية بأسعار غير عادلة في حالات عديدة، وحرمت الدولة من دخل هذه المؤسسات، وأصبح اعتماد الخزينة على الضرائب بشكل رئيس، والقروض التي تعتبر ضرائب مؤجلة التحصيل. وقد جاءت أعباء هجرات اللاجئين السوريين كي تفاقم الأزمة.

من جهة أخرى عبر الأردن عن استيائه الشديد من عدم وقوف المجتمع الدولي كما ينبغي إلى جانب الأردن في مواجهة الأعباء المترتبة على تدفق اللاجئين السوريين، مهددا بإعادة النظر بكيفية التعامل مع قضية اللاجئين كما ورد على لسان الملك عبدالله الثاني في حديثه الصحفي مع "ليز دوسيت" مندوبة تلفزيون "بي بي سي" مشيرا إلى زيادة معاناة الأردنيين التي أصبحت "حرجة"، من قلة فرص العمل وزيادة الضغط الهائل على البنية التحتية، وهو ما أدى إلى زيادة حنق الأردنيين إلى "درجة الغليان" من موجات اللجوء السوري. وقد طالب الأردن المؤتمر الدولي للمانحين بمساعدات قدرت بنحو 8.13 مليار دولار منح وقروض ميسرة بين الأعوام 2016 و2018. لتطوير البنية التحتية وتوفير فرص عمل للعمال السوريين وزيادة الخدمات الصحية والتعليم.
على أهميّة الطلب الرسمي الأردني؛ بتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في المساهمة بتطوير البنية التحتية لتحسين الخدمات للأشقاء السوريين على الأراضي الأردنية، وتوفير فرص عمل لهم، إلا أنّ المجتمع الدولي مطالب بإنقاذ سوريا من المأساة التي تعيشها، بوقف الدعم والتمويل للحركات الظلامية الإرهابية التي ما زالت تعيث فسادا في الوطن العربي، وأخشى أن تكون ترتيبات حالات الاستقرار للاجئين السوريين وتوفير فرص العمل والإقامة لهم في الأردن وغيرها من البلدان جزءًا من توطينهم خارج وطنهم، تمهيدا لتمزيق الدولة السورية، خاصة وأن الحديث يدور عن ترتيبات لاندماج اللاجئين في ألمانيا وبريطانيا وغيرها من البلدان الأوروبية، وهناك ضغوطا أوروبية لتوطين السوريين، كشف عنها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، مقابل تحمل مؤتمر لندن الأعباء التي خلفها النزوح السوري، في حين يعيش خارج الأراضي السورية 6.5 مليون لاجئ سوري وفق معلومات الأمم المتحدة.
إنّ تركيز الاهتمام في الجوانب الإنسانيّة؛ ينبغي ألا يكون على حساب البحث الجاد عن حلول للأزمة السورية، فالمجتمع الدولي مطالب، بسد قنوات التمويل للحركات الإرهابية، التي ما زالت تحظى بدعم وتأييد الحلف الأطلسي وحلفائه في المنطقة، ووقف التآمر على سوريا. ويجب النظر إلى قضية اللاجئين السوريين باعتبارها قضية إنسانية وقضية سياسية بنفس الوقت، وأن تداعيات الأزمة السورية، أوصلت الشعب السوري إلى الكارثة التي يعيشها الآن، لذا ينبغي الوقوف على جوهر الأزمة السورية. لسد منابع الإرهاب، والحفاظ على وحدة الأراضي السوريّة ووقف شلال الدماء، وتوفير المناخ السياسي المناسب لعودة اللاجئين السوريين لوطنهم، وإجراء انتخابات نزيهة في إطار قانوني يضمن للشعب السوري حق التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة.

بدلا من الحديث عن مشاريع استراتيجية لتثبيت اللاجئين السوريين خارج وطنهم وطرح مشاريع بعيدة المدى. في الوقت الذي يجري تعليق أعمال مؤتمر جنيف كمؤشر لعدم رغبة الأوساط الرجعية في إنهاء الأزمة السورية، خاصة وأن الوفد المفاوض المدعوم من الرياض لم يحضر إلى جنيف إلا بعد الضغوط الأمريكية، وهو لا يرى بالمفاوضات السياسية مخرجا للأزمة خاصة بعد انهيار معظم مواقعه على الأرض، ويراهن على غزو أجنبي للأراضي السورية يحدث تغييرا في موازين القوى، وقد تزامنت هذه التطورات مع إعلان السعودية عن استعدادها لإرسال قوات برية للقتال في سوريا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس