الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراقيون أخوة لنا!

باتر محمد علي وردم

2005 / 11 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


من أهم الأسئلة التي انتشرت بعد الجريمة الإرهابية البشعة في عمان كانت تلك التي تتعلق بهوية المنفذين والمخططين، لأن هناك الكثير من الاستحقاقات السياسية والاجتماعية والأمنية وراء هذه المعلومات. الاحتمالان القائمان هما وجود مجموعة إرهابية قدمت من خارج الأردن ومن غير الأردنيين وترتبط غالبا بالتنظيمات التكفيرية الإرهابية في العراق بقيادة الزرقاوي، والاحتمال الثاني، والذي يخشاه كل الأردنيين أن يكون المنفذون من حملة الجنسية الأردنية المنضمين كخلايا نائمة لتنظيم القاعدة داخل المجتمع الأردني..

ما يبدو حتى الآن من معلومات يرجح الاحتمال الأول، فهناك بيان منسوب لتنظيم القاعدة ومنشور في أحد مواقع الإنترنت التي تنشر عادة البيانات الحقيقية لتنظيم الزرقاوي يؤكد أن المنفذين هم ثلاثة رجال وإمرأة وجميعهم عراقيون، كما أن أقوال شهود العيان أشارت إلى أن الانتحاريون، وعلى الأقل الانتحاري في فندق جراند حياة كان يتحدث اللهجة العراقية.

هناك غضب أردني عظيم ضد هذه العملية الإجرامية، وقد صدرت تصريحات تطالب بضبط الحدود وتغيير سياسة الانفتاح واستقبال الأخوة العراقيين لدواع أمنية، وفي حال تم التأكد من هوية المنفذين وكانوا عراقيين، وهذا قد يحدث في أية ساعة من هذا اليوم بعد ظهور اختبارات الحامض النووي، فإن ردة الفعل الأردنية يجب أن تكون على مستوى عال من المسؤولية والوعي بالرغم من كل الغضب.

أحسنت الجالية العراقية في الأردن صنعا وهي تنظم مسيرة تضامنية مع الأردن ضد الإرهاب يوم الجمعة، هذه الجالية مطالبة أيضا بالمزيد من المبادرات لكي تنأى بأنفسها عن المجرمين، خاصة وأن الأخوة العراقيين في الأردن يعرفون تماما بأن من مصلحتهم حماية وجودهم الآمن من خلال رفض اختراق المجرمين لهم، وإبلاغ الأجهزة الأمنية الأردنية والتعاون معها في أية تحقيقات حول التفجيرات الأخيرة أو أية مخططات جديدة.

ولكن المسؤولية الأكبر تقع علينا الأردنيين، وخاصة كتاب الأعمدة والإعلاميين والسياسيين ورواد العمل العام والرموز المؤثرة على التجمعات الشعبية، من أجل التأكيد على الأخوة الأردنية-العراقية، وأن لا يتم التعرض للأخوة العراقيين بأية إساءات وهم ضيوف علينا، وأن لا يتم ممارسة أية سلوكيات تمييزية ضدهم تتجاوز الحرص الأمني المنطقي.

عندما ارتكبت مجموعة من المغفلين الأعمال الإرهابية في 11 أيلول وفي لندن وفي مدريد، كان الإعلام الأردني والعربي وكل الشارع العربي يرفض التمييز ضد كل العرب والمسلمين بسبب جريمة ارتكبتها قلة مجرمة منهم، وعلينا الآن أن نكون على مستوى المسؤولية الأخلاقية وألا نمارس نفس الأخطاء بحق الأخوة العراقيين.

لقد رفضنا جميعا واستنكرنا أن يتم استخدام مصطلح مثل "ذو ملامح شرق أوسطية" في الإعلام الغربي كوسيلة تمييز ضد المسلمين، ولا نريد أن يتكرر استخدام كلمة "يتحدث بلهجة عراقية" كأحد أنواع التمييز أيضا أو التحريض على أخوة عرب غالبيتهم العظمى مسالمون ويبحثون عن الاستقرار في الأردن بعيدا عن بحور الدماء والآلام في العراق.

نعم نحن نطالب بمراقبة الحدود الأردنية العراقية، والتأكد من هويات جميع الوافدين من العراق ولا توجد موانع أخلاقية في قيام دائرة المخابرات العامة باستجواب البعض من أجل التأكد من براءتهم لو كانت عليهم شكوك، ولكن في حال التأكد أمنيا من حسن السلوك فيجب أن يعيش هؤلاء في الأردن بدون أية مضايقات حتى يكونوا عونا للأجهزة الأمنية والشعب الأردني ضد كل من يحاول العبث بأمن الأردن.

كما أن علينا في الأردن أن نكون صريحين بأننا كأردنيين لسنا منزهين عن الإرهاب فهناك عشرات المحاكمات لمتهمين من الأردنيين خططوا لعمليات إرهابية، ونذكر تماما أن خلية الجيوسي كانت تريد قتل آلاف الأردنيين وكل أعضائها باستثناء إثنين هم من حملة الجنسية الأردنية، بالإضافة إلى وجود العديد من "الانتحاريين" والتكفيريين من الشباب الأردنيين الذين اجتذبهم تنظيم الزرقاوي، ولكن طبيعة المجتمع الأردني تسمح لأجهزة الأمن باختراق التنظيمات المحلية ولكن مراقبة عقول وأفكار كل الأخوة الوافدين مهمة صعبة.

أنها معادلة غير سهلة في أن نجمع ما بين احترام الحريات الرئيسية للأخوة العراقيين في الأردن وما بين ضرورة الرقابة الأمنية المكثفة، فقد فكك الأمن الأردني كل الخلايا المحلية ولكن الخلايا المستوردة بحاجة إلى إستراتيجية أكثر صرامة ونتوقع أن الأخوة العراقيين في الأردن سواء المقيمين حاليا أو الذين سيفدون إلى هذا البلد سيتفهمون تماما ضرورة اتخاذ إجراءات أمنية مشددة لحماية الجميع وأولهم مصالح الإخوة العراقيين في الأردن.

هذه الحرب ضد الإرهاب مشتركة، والشعب الأردني يتميز بكل الصفات الإسلامية والعربية الأصيلة التي تمنعه من اتخاذ مواقف عدائية تجاه الضيوف العرب بسبب جرائم ارتكبها أشخاص مغسولي الدماغ ولا يحتمون الإنسانية ولا القيم ولا يمكن أن يكونوا محسوبين لا على الإسلام ولا على العراق.

هذه المقالة تنشر بالتزامن مع صحيفة الدستور الأردنية في يوم السبت 12-11-2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى