الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلاغة العنف توصيف في الحالة السورية

يوسف أحمد إسماعيل

2016 / 2 / 8
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


إن المتابع للأزمة السورية يلاحظ سرعة دخولها في طور من العنف يثير الدهشة، ليس من صوره المرتبطة بمشاهد التعذيب أو الضرب حتى الموت أو الذبح أو التمثيل بالجثث ، فحسب، بل بالخطاب المرافق للأحداث، عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والخطاب المتداول بين المؤيدين والمعارضين؛ حيث يسود التكفير والتخوين ، وتنتشر الشتيمة ،ويغيب الحوار بين أصدقاء الأمس ، وتكثر الاتهامات بالطائفية و المذهبية بين الذين لم يفكروا يوما في علاقاتهم الاجتماعية بالدين بوصفه رابطا اجتماعياً مقدسا في العلاقات الإنسانية . بل إنه يمكن القول :إن جزءاً كبيراً من المؤيدين والمعارضين في الأزمة الراهنة كانوا يتحلقون حول طاولة واحدة، ويتحدثون عن سبل تحقيق الحلم بالعدل والحرية والكرامة، وفق أجندة سياسية سلمية، تدفع بالمجتمع السوري نحو حقبة جديدة من النمو الاقتصادي، والبعد الحضاري .
فكيف تحول الخطاب في الأزمة الراهنة من خطاب سلمي ثوري حضاري في بداية 2011 إلى خطاب اتّهامي ، عنفي متشدد بين من كانوا معارضين قبل 2011 وانقسموا إلى معارضين وموالين بعد 2011 ؟
في بداية ثمانينات القرن الماضي، ركز الإخوان المسلمون في منشوراتهم على مذهبية رأس النظام، كوسيلة لمحاربة السلطة السورية عبر استغلال المشاعر الدينية والتعصب المذهبي في حلب وحماة وإدلب ذات الأغلبية السنية، وعلى الرغم من فشلهم في الانقلاب على السلطة إلا أنهم أبرزوا إلى السطح المسألة المذهبية ؛ إن كان في الشارع السوري أو في غرف السلطة السورية . فعلى مستوى الشارع كان يتم الهمس سرا بذلك، بلغة ساخرة أو متأففة عند البعض؛ وعلى مستوى السلطة السياسية تمثل رد الفعل بأمرين: الأول تعزيز مواقع القوة بالمؤيدين لها أو المتماهين مع قبضتها الأمنية بغض النظر عن انتمائهم المذهبي أو الديني، وكلما تعددت عناصر الارتباط معها كان ذلك أفضل لها، لتعزيز الثقة والشعور بالاطمئنان . الأمر الثاني التفات النظام إلى المكونات الطائفية في المجتمع السوري ، والعمل على تمثيلها في دوائر النظام بغض النظر عن فاعلية هذا الموقع أو ذاك ، إذ لم تكن الغاية المشاركة في السلطة وإنما دعمها .
غير أن ذلك الخطاب الطائفي التحريضي لإخوان المسلمين غاب من الواجهة المباشرة من وعي الشارع في العقود التالية، وبقيت صورة القبضة الأمنية والفساد الإداري والتوق للحرية والكرامة والعدل هي الصور المهيمنة على المشهد الاجتماعي برمته. وحين وجد الناشطون السلميون الفرصة مواتية للمطالبة بالتغيير الديمقراطي شكلوا خطابهم على أساس " الشعب واحد واحد " ولكن ذلك لم يستغرق طويلا إذ سرعان ما انسحبوا تحت وطأة بندقية النظام، وانتشار الكتائب المسلحة بخطاباتها التكفيرية والسلفية والطائفية، ثم علا صوتها على المشهد، وانحسر دور المثقف العضوي العلماني إلى حد الغياب . وبدا وكأن الحوار بين المكونات الاجتماعية يفرض على المواطن إما أن يكون مؤيداً أو معارضاً؛ مؤيداً ليس لما كان يجب أن يكون ثورة ضد الاستبداد والفساد، وإنما مؤيداً للكتائب المسلحة بخطابها العنفي، والتحريض الطائفي، أو مؤيداً للنظام بوصفه مناهضاً للتكفيريين والإرهابيين ، في حين أن المواطن السوري لم يكن يبحث عن الانخراط في العنف بين المتنازعين على السلطة ، وإنما في صفوف الباحثين عن العدل والحرية والعيش بكرامة في وطن آمن .


من هذه المفارقة في التحولات التي أصابت الأزمة السورية لم يكتشف البعض تموقعه الطبيعي في لجة الصراع فانحاز إلى خطاب العنف عند الموالين أو عند المعارضين ،وتماهى مع الخطابات التحريضية الطائفية او المذهبية او الدينية ، وعلى الرغم من ذلك مازال يتحدث باسم الشعب وباسم الحرية وباسم مقاومة الاستبداد !!!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بدر عريش الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي في تصر


.. عبد الحميد أمين ناشط سياسي و نقابي بنقابة الاتحاد المغربي لل




.. ما حقيقة فيديو صراخ روبرت دي نيرو في وجه متظاهرين داعمين للف


.. فيديو يظهر الشرطة الأمريكية تطلق الرصاص المطاطي على المتظاهر




.. لقاء الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي