الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أرض مشتركة بين المسودات الشعرية والكاليغراف

عبدالعاطي جميل

2016 / 2 / 9
الادب والفن


أرض مشتركة بين المسودات والكاليغرف
................................................
بقلم : الخطاط لحسن فرساوي
.......................................
إن الاشتغال الكاليغرافي على النصوص الشعرية هو بمثابة البحث عن تلك الأرض المشتركة بين الكتابي والبصري بالرغم من كون الصورة تتمتع بقوة الأصل بمزية الفورية ، وتتهيأ الرؤية المباشرة ، أما الكتابة فغامضة الأنساب ، أثرها مؤجل على الدوام ، وتمنحنا في خاتمة المطاف رؤيا غير مباشرة ، استعارة عن العالم ، وليس صورة موضوعية عنه . لذا وجب على الفنان التشكيلي والكاليغرافي البحث عن نصوص ذات رؤية جمالية استضمارية ، يتعالق ويتآزر فيها التصوير والقصيدة دون أن يمتثلا لمعيار حاجب ، كما لو أنهما " بحر واحد ، يعيش بقلبين ، اسمهما المد والجزر .. " ليغدو العمل المنجز سبيكة واحدة تتجاوز السطح الاعتباطي ومنطق الجوار إلى العمق البنيوي، ويصير العمل قراءة للمصير المشترك بين التشكيل الكاليغرافي والقصيدة ..
يقول جاك دريدا: " إن الأثر الذي لا ينمحي ليس بأثر .. " . وبالتساوق مع مغزى هذه المقولة وجب على الحرف أن يفقد أجروميته ، وهو ينطق شعرا ، ويتحرر ، ويتحلل من قواعده وضوابطه ، ليغدو مفردة تشكيلية حرة طليقة بمقدورها أن ترتقي إلى " مقامات " و " مواقف " أخرى ، ثم تندثر في ظلمة الباطن بفضل نفورها من سطوع الظاهر .. الظلمة ذاتها التي تصير معادلا مجازيا للصمت الرهيف الآسر الذي يمكن أن تلتقطه العين الثالثة للمناظر ، وتسمعه عينه الباطنة الاشتغال على مسودات الشاعر عبدالعاطي جميل ، في فترة كنت فيها مهووسا بالشذرات الشعرية لسهولة صهرها داخل الأثر التشكيلي ، ولعمق مضمونها الشعري الإيحائي والجمالي ..
فبعد قراءاتي لهذه المسودات الشعرية ، قلت في نفسي : هذا ما كنت أبحث عنه .. فجاءت التجربة مختلفة نوعا ما عن أعمالي السابقة ، بحيث إن نصوص الشاعر عبدالعاطي جميل تتغير حسب أحواله وأهوائه . ففي بعض النصوص ، نجده الشاعر المرهف الحس ، وفي البعض الآخر ، ذلك المناضل الثوري الذي يحمل هم هذا الوطن ، من الماء إلى الماء . وفي نصوص أخرى ، نجده الطليق الذي يتمتع بنوع من الحرية والصفاء والحركية والإشراق خاصة في النصوص الشذرية التي تتقاطع وشعر الزان الصيني وشعر الهايكو ..
هكذا حاولت أن أستحضر مجموعة من التجارب التي زاوجت ما بين الكاليغرافي والشعري كتجربة بنسالم حميش في ديوانيه : كناش إش تقول و ثورة الشتاء والصيف .. وتجربة الشاعر أحمد بلبداوي في دواوينه الشعرية : سبحانك يا بلدي و حدثنا مسلوخ الفقر وردي و هبوب الشمعدان .. وتجربة محمد بنيس في دواوينه : في اتجاه صوتك العمودي و مواسم الشرق و كتاب الحب .. وكذا تجربة عبدالله راجع في ديوانه سلاما وليشربوا البحار .. وعبدالله زريقة في ديوانه تفاحة المثلث .. هذه التجارب الرائدة التي حاولت أن أستفيد من رؤيتها للمزاوجة بين عمل الخطاط والشاعر واستثمار خصوصيات الخط المغربي وجمالياته ، إلا أني لا أعتبر الشكل الذي جاء به ديوان خطني أيها الحبر استنساخا لهذه التجربة أو تقليدا لها ، وإنما تجربة لرؤيتي المتواضعة الخاصة للاشتغال التشكيلي والكاليغرافي على النصوص الأدبية سواء كانت شعرا أو نثرا ..
أتمنى أن يجد القارئ في ديوان خطني أيها الحبر إلى جانب الشاعر الكبير تمثيلا بصريا ، ورؤية تشكيلية جديرة بالمتن الشعري داخل الكتاب ..
شكرا لصديقي وأستاذي الشاعر عبدالعاطي جميل الذي منحني هذا الشرف ... وشكرا .
مراكش / فبراير 2016 .
........................................................................................................
ــ نص الكلمة التي ألقاها الخطاط والتشكيلي لحسن فرساوي في الأمسية النقدية والشعرية التي نظمتها جمعية البديل الثقافي بمراكش ، ضمن الملتقى الثقافي المتحور حول " الحساسيات الشعرية الجديدة في الشعر المغربي .أيام 4 ، 5 ، 6 فبراير 2016 . بقاعة المحاضرات ، خزانة ابن يوسف ، دار الثقافة الداوديات / مراكش ..
ــ تم اللقاء بمشاركة : الناقد الدكتور محمد الدوهو ، والباحث الدكتور رشيد برقان .. والشعراء : عبدالعاطي جميل ، نعيمة فنو ، عبداللطيف السخيري ...
........................................................................................................................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان