الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى - تكتيكات النضال ( 2 )

سعيد العليمى

2016 / 2 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


تكتيكات النضال
1- إن النضال الثورى ينطوى ويشتمل على أشكال متنوعة ومستويات مختلفة ، سواء فى مجال النضال السياسي أو النضال الاقتصادى . ولم تكن تكتيكات نضالنا قبل سيادة الانحراف مقتصرة فقط على الاشكال الانتفاضية العليا ولاعلى أشكال التنظيم اللاشرعية وحدها ، ولاعلى النضال السياسي وحده ، وانما مارسنا أيضاً أبسط أشكال النضال وقمنا باستغلال مختلف ثغرات الشرعية التى توفرت فى ذلك الوقت ، كما أننا تصدينا لقيادة النضال الاقتصادى وعملنا على تطويره وعلى ربطة بالنضال السياسي .
2- إن النضال الثورى ليس مرادفاً للنضال العاصف ، ولا يقتصر على أشكال التنظيم اللاشرعية ولا النضال السياسي وحده ، ذلك أنه من الواجب العمل القانونى فى أبسط أشكال للنضال واستغلال مختلف ثغرات الشرعية ، وقيادة النضال الاقتصادى . إن الخطأ والانحراف ينجم فقط من التكيف مع هذه الاشكال ، حيث ينبغى تطويرها نحو أشكال أرقى ، ومن الخطأ والانحراف إستبعاد النضال والتحريض والدعاية حول القضايا السياسية الكبرى ، وتخفيضها إلى شعارات أدنى ، حيث ينبغى التمسك بشن الدعاية والتحريض وحول هذه القضايا بأشكال مناسبة لاتمس مضمونها ، ومن الخطأ الوقوف عند إستغلال منافذ الشرعية ، وإنما ينبغى أن يستخدم ذلك الاستغلال من أجل التعبئة لأشكال التنظيم اللاشرعية ، وفى إنهاض موجة ثورية جديدة ، وينبغى استغلال النضال فى أبسط أشكال النضال من أجل التعبئة والانتقال الى أرقاها . والخطأ هو التكيف مع النضال الاقتصادى ، أو حتى تطويره هو فحسب واستبعاد التحريض السياسي ، من أجل التعبئة والتحضير للنضال السياسي بمختلف أشكاله.
بعبارة موجزه إن النضال الثورى ينطوى على مضمون واحد، فقط تتغير الأساليب والأشكال والتكتيكات اليومية التى يشن هذا النضال فى إطارها .
3- والنضال الشرعى وشبه الشرعى أو القانونى وشبه القانونى من الخطأ خلطها ، باستغلال ثغرات الشرعية فى النضال الثورى وهى تسميات غير دقيقة صاحبت محاولة تصحيح تكتيكاتنا اليومية بعد التحولات التى أصابت الحركة الجماهيرية سواء بعد 6 أكتوبر 1973 او بعد يناير 1977 . ذلك أن النضال الشرعي أو القانونى ، هو نضال يتكيف من حيث الشكل مع أشكال التنظيم الشرعية ، ويتقيد من حيث المضمون بسياسة لا تتجاوز الأسس الشرعية للنظام ، وخاصة فى نظام إستبدادى يجرم أبسط الحقوق حتى حق الاضراب من أجل أبسط المطالب الاقتصادية ، ويجرم قانوناً كل مساس بسياسته الاستسلامية والخيانية .....الخ
فالنضال الثورى حينما يستغل ثغرات الشرعية ، ومن ثم ينشط فى أشكال التنظيم الشرعية ( النقابات العمالية والمهنية – الاتحادات الطلابية – البرلمان – وأخيراً نشاطات الاحزاب الشرعية ) لا تكون هذه سوى مجرد أشكال يستخدمها كمنابر للتحريض الثورى السياسي والاقتصادى . كما أن إستغلال ثغرات الشرعية فى مختلف أشكال المنظمات الثقافية والاجتماعية لا تكون سوى " واجهة " ومجال لعقد الصلات بأوسع جمهور ممكن وبشكل يومى من أجل القيام بالدعاية والتحريض بالأشكال المناسبة التى لا تمس مضمون خط الحزب الثورى . ونحن فى هذه الحالة نخرق الشرعية مرتين مرة بمخالفة الغرض الذى انشئت من أجله هذه المنظمات ، ومرة بمخالفة القوانين الإستبدادية التى تجرم مضامين تحريضنا ودعايتنا الثورية ، وتكمن المهارة بالطبع فى التوفيق بين إستغلال هذه الاشكال دون المساس بخط الحزب السياسي ، وبين اطالة أمد وجودنا فى هذه المنظمة أو تلك لأطول فترة ممكنة . وفى الممارسة سوف نجد محاولات لإطالة أمد وجودنا على حساب الخط السياسي ، والعكس سوف نجد محاولات قافزة تؤدى الى اهدار إمكانات وجودنا ، فهى معادلة صعبة لا تحل الا بالممارسة والخبرة والقيادة الحزبية اليقظة والجماعية وبتعميم الخبرات ، اى بوصفها جزءا من فن النضال العلنى .

بعبارة موجزة فإن الثوريين حينما يعملون فى منظمات أو مجالات شرعية فانها لا تعدو وأن تكون منابر للتحريض الثوري ، ومجالاً لعقد أوسع صلة ممكنة بالجماهير ، ومن هنا يتأتى تسميتها بمقولة إستغلال ثغرات (منافذ) الشرعية ، كونها تخضع تماماً لمضامين النضال الثورى ولخدمة أشكال النضال الثورى ولا يخضع لها . أما النضال الشرعى والقانونى فهو يخضع نفسه شكلا ومضمونا ويتكييف مع الشرعية والقانون المفروض من السلطة الاستبدادية .
4- إن النضال الثورى ، كما هو واضح يشمل أساليباً متنوعة تتناسب مع مستويات مختلفة من الحركة ، ومستويات مختلفة من أشكال التنظيم ، ومن ثم فهو طريق الزامى ، ومبدأ حاكما لنضال الثوريين سواء فى ظروف العواصف ، أو ظروف الهدوء ، فى ظروف الثورات ، أو فى ظروف هزيمتها ، فى ظروف المد ، وفى ظروف الجزر ، ولا يمكن أن يكون النضال الشرعي هو الشكل الرئيسي للنضال ، فهذا لا يستقيم الا مع احزاب لا تستهدف تغيير المجتمع ، وإنما تستهدف التعايش معه . ناهيك عن أنه يخضع لمختلف أشكال التضييق والمحاصرة ، حتى حينما يكون قائماً على نفس أسس النظام البرجوازى وخاصة وأننا نعيش فى ظل سلطة إستبدادية .
والنضال الشرعي غير جائز أيضا بوصفه طريقاً للتغيير بالنسبه لحزب ثورى يعمل فى ظل جمهورية بورجوازية ديمقراطية . ففيها يجوز أن يكون النضال البرلمانى شكلاً رئيسياً النضال ، ولكن الحزب الثورى يستخدم هنا النضال البرلمانى ، من أجل تغيير المجتمع البرجوازى وأسسه بالطريق الثورى( أى بالثورة ) وليس عن الطريق البرلمانى، والأخير فقط هو الذى يطلق عليه النضال االشرعى القانونى حيث أن الاستيلاء على السلطة يأتى بالطريق الشرعي القانونى .
5- إن تحليلنا للظروف المتغيره فى هذه اللحظة أو تلك من لحظات الأزمة ، يكون من أجل إستخدام هذا الشكل أو ذاك من أشكال النضال الثورى ، لا من أجل احلال تكتيك للنضال الشرعى وشبة الشرعى بعد حرب أكتوبر محل تكتيكات النضال الثورى التى شهدناها قبل حرب اكتوبر ، ولا من أجل الحديث عن طريق إستثنائى للنضال الثورى فى الحركة الطلابية قبل حرب أكتوبر ، اوطريق آخر للنضال مخالف فى الحركة العمالية قبل وبعد حرب أكتوبر ، فنحن ازاء طريق واحد ثورى فى النضال فى جميع الظروف وفى جميع المجالات العمالية والطلابية ، فقط تختلف أشكاله ومستوياته حسب هذه اللحظة أو تلك .
6- إن المنطق الهجومى الصدامي حينما تحول الى منطق ونزعة منحرفة طابق بين النضال الثورى ، وأشكال بعينها عاصفة وسياسية عالية ، وإستبعد أشكالا أخرى للنضال الثورى . ومن ثم فنحن حينما نصحح الانحراف لا نأتى بجديد لم يكن له وجود فى ظروف ما قبل حرب أكتوبر ، وإنما نعود الى أسس خطنا الثورى التى لا تستبعد أى من أشكال النضال الثورى .
ففى ظروف ما قبل حرب أكتوبر وجدت ظروف الهدوء وظروف العواصف ، ووجدت الأشكال الشرعية التى قمنا باستغلال الثغرات الشرعية فيها ، وفى ظروف ما بعد حرب أكتوبر وجدت ظروف العواصف حتى 1977 دون أن نستطيع الاستفادة منها ، كما ساد الهدوء النسبى فيما بعد 1977 وحتى الآن وينبغى العمل فيها بالأشكال المناسبة لا من أجل التكيف معها ولكن من أجل التحضير لنهوض ثورى جديد . كما أن هذه الظروف التى تلت حرب أكتوبر وما رافقها من استسلام ، ومن تقويض الاستقلال الاقتصادى ، وتشديد الاستغلال البورجوازى ، واستفحال التناقض بين العمل ورأس المال، يعنى أن طاقة ثورية عظيمة كامنة ، سوف تتفجر عن حركات ثورية عاصفة وبقدر ما نعمل فى ظروف الهدوء وبالاشكال المناسبة ، بقدر ما نوقظ هذا التفجير المقبل ، وبقدر ما نكون قادرين على التأثير الثورى فى العواصف المقبلة فلا تظل على أرض العفوية .
7- إننا حينما نهتم بتشخيص الظروف الموضوعية للنضال ، وبتشخيص أوضاع الحركة العفوية ، فذلك لكى نحدد الظروف المعطاه للأوضاع الفعلية للحركة العفوية من جهة ، ولكى نحدد آفاق النضال من جهة ثانية .
إن المعرفة الدقيقة للظروف المعطاه تحدد لنا التكتيك المناسب للتعامل مع المستوى المعطى فى الحركة العفوية ، كذلك فإن المعرفة الدقيقة لآفاق النضال والطاقة الثورية الكامنة فى الشروط الموضوعية القائمة تحدد لنا الطريق الذى ينبغى أن ندفع الحركة والنضال إليه .
أما الانتقال من شكل نضالى الى شكل نضالى آخر اكثر تقدماً ، وكذلك التراجع من شكل نضالى متقدم الى شكل نضالى أقل تقدماً ، لا يحله أبداً التقدير العام لظروف النضال ، وإنما يحله الرصد الدقيق للتبدل فى المزاج الجماهيري والتوتر العفوى ، والتحريض وحده هو الذى يمكننا من تقدير سليم للتحول من هذا الشكل النضالى أو ذاك ، الى شكل آخر أقل أو أكثر تقدماً وهو يمكننا من التنبؤ بأن هناك نهوضا ثورياً وشيكاً أم لا، وهو ما تعجز عنه أدق التحليلات الاقتصادية السياسية ، فهذه فقط تفيد فى تحديد الاطار العام لمرحلة تنطوى على امكانيات النهوض الثورى أم لا ، وبناءاً على تحليل وتشخيص طبيعة الأزمة القائمة فى الشروط الموضوعية وما تحمله من طاقة ثورية .
8- ان المستوى المعطى للحركة العفوية الراهنة ، وهو ماكان من الضرورى تدراكه منذ زمن طويل، يفرض علينا اعتماد الأشكال البسيطة للعمل العلنى والنضال الاضرابى والاشكال الاحتجاجية السياسية البسيطة واستغلال ثغرات الشرعية التى اتسعت بعد التحولات التى اصابت البناء السياسي للنظام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دروس الدور الأول للانتخابات التشريعية : ماكرون خسر الرهان


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات اقتحام قوات الاحتلال في مخيم ن




.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما


.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن




.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي