الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاصلاح الاقتصادي في سوريا - الجزء الثالث

أشواق عباس

2005 / 11 / 14
الادارة و الاقتصاد


رابعاً : العلاقة بين الإصلاح الاقتصادي و التنمية البشرية .
إن لسياسات الإصلاح الاقتصادي أثر هام و كبير على عملية التنمية البشرية . و قد تكون هذه السياسات أحد الشروط الأساسية لصنع التنمية البشرية ،و بخاصة عندما يتعرض التنظيم الاقتصادي و السياسية الاقتصادية في المجتمع إلى إختلالات وتشوهات في النشاط الاقتصادي. و في العلاقات بين الناس وفي تفاوت توزيع الدخل و القيم . و بذلك فإن نتائج التنمية البشرية تتوقف على سياسات الإصلاح الاقتصادي ،و على السياسات الاجتماعية في أي مجتمع من المجتمعات. و السبب في ذلك هو أن الهدف النهائي من التنمية البشرية يُمكّن المواطنين عامة و الفقراء خاصة من الحصول على مستوى معيشة لائق.
و لقياس العلاقة بين الإصلاح الاقتصادي و التنمية البشرية، فإنه لا يمكن ذلك إلا من خلال قياس العلاقة بين الإصلاح الاقتصادي و النمو من جهة ،و بين النمو الاقتصادي و التنمية البشرية من جهة أخرى. و ذلك يتم مع الأخذ بالاعتبار ما يلي :
- الجوانب الهيكلية: مثل حكومة مهتمة بالإصلاح، جهاز قانوني و قضائي فعال، نظام اقتصادي و مالي جيد.
- الجانب البشري : و يتمثل في السكان ، و قضايا الصحة و التعليم ، شبكة الأمان الاجتماعي ، الرعاية الاجتماعية ، و هذه الشبكة مهمة جدا . إذ أن مرحلة الإصلاح الاقتصادي تترافق عادة ببعض المشكلات مثل تسريح عدد من العمال ، و فقدان بعض المزايا و الخدمات الاجتماعية التي كانت تقدمها الدولة .
- الجوانب المادية : إمدادات المياه و الصرف الصحي ، الطاقة ، الطرق و المواصلات و الاتصالات ، التنمية المستدامة ، و يهم في هذه الجوانب مدى توفرها و نسبة المواطنين الذين يتمتعون بها .
- استراتيجيات ذات أهمية خاصة : مثل الاستراتيجيات الخاصة بالمناطق الريفية ، استراتيجيات تنظيم و توسيع المدن ، الاستراتيجيات الخاصة بالقطاع الخاص ، الاستراتيجيات الخاصة بالمؤسسات الحكومية .
يتم ترتيب الموضوعات السابقة على شكل مصفوفة و تدرج تحت كل عنوان جميع البرامج الخاصة به .

خامساً :العلاقة بين الإصلاح الاقتصادي و سياسة الدولة .
في جميع الأحوال هناك ارتباط كامل بين السياسة و الاقتصاد . و في دولة مثل سوريا ، جميع الاعتبارات تؤكد على على الارتباط بينهما . فمثلا نلاحظ أن كل تغير في طبيعة النظام السياسي ينعكس مباشرة على الوضع الاقتصادي ، وهذا ما يظهره العرض التالي:
- مرحلة 1946-1958 : نظام ليبرالي و اقتصاد حر .
- مرحلة 1958-1961 : نظام مركزي و اقتصاد موجه .
- مرحلة 1961-1963 : نظام ليبرالي و اقتصاد حر .
- مرحلة 1963-1970 : "الحركة التصحيحية" نظام اشتراكي و اقتصاد موجه .
- مرحلة 1970-1990 : نظام سياسي اشتراكي مع بعض المرونة ، و قبول تعددية اقتصادية أساسها القطاع العام .
- مرحلة 1990-2005 : فسح المجال أمام المزيد من الحرية الاقتصادية من خلال قوانين تشجع القطاع الخاص .
- 6/2005 - منذ المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث : اتخذ القرار بانتهاج مبدأ اقتصاد السوق الاجتماعي .
إن جميع التحولات الاقتصادية في سوريا تمت وفق إرادة سياسية ، حيث نلاحظ أن أعلى مؤسسة قيادية في الدولة و هي المؤتمر القطري ، كانت هي التي تشرع لأي تغيير في الاقتصادي السوري . ففي المؤتمر القطري التاسع (حزيران ، 2000) على سبيل المثال ، تم التأكيد على أهمية الإصلاح الاقتصادي و أطلقت مبادرة في هذا المجال . و في المؤتمر القطري العاشر (حزيران ، 2005 ) صدر القرار بانتهاج التحول إلى اقتصاد السوق الاجتماعي . و اعتبر ذلك امرأ ضروريا و جزء أساسي لضمان مواكبة التغيرات العالمية . و لكن لابد من الإشارة إلى أن القول أن السياسة في سوريا تؤثر بشكل مباشر في الاقتصاد ، فان هذا لا يعني أن الاقتصاد لا يؤثر في السياسة . فالعلاقة بينهما علاقة جدلية قائمة على التأثر و التأثير المتبادل. لذلك فإن التطورات الاقتصادية ستحمل دائما استجابة سياسية، و التوجهات السياسية ستنعكس على الصيرورة الاقتصادية.

سادساً : مقترحات الباحث .
في إطار الحديث عن الإصلاح الاقتصادي فإننا نضع المقترحات التالية:
- تطوير حرية المبادرة الفردية و الجماعية .
- التنمية المتوازنة و المستمرة و لكافة جوانبها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية .
- إعادة توزيع الثروة و الدخل و تحقيق العدالة الاجتماعية .
- وضع سياسة إصلاح اقتصادي و اجتماعي شاملة .
- وضع خطة إنمائية موحدة و شاملة .
- إنشاء مجلس اقتصادي و اجتماعي يمثل مختلف شرائح الدولة .
- زيادة الاستثمار في التعليم الصحة.
و هذا يعني أن الإصلاح الاقتصادي يجب أن يعالج الاختلالات في الاقتصاد الوطني ، و إتباع سياسات مالية و اقتصادية جديدة تولد فرص عمل أكثر ، و تهيئ قوة عمل أفضل تدريبيا و تعليميا ، و بأعلى إنتاجية و أكثر حيوية و اندفاعا نحو بناء الوطن و المجتمع . و القضية الهامة التي يمكن أن تكون من أخطر القضايا في الواقع ،هي تلك التي تتعلق بنوعية النمو المطلوب تحقيقه في ظل الإصلاح الاقتصادي، و ما يمكن أن يترتب عليه مستقبلا. أي لا يجب أن نسعى وراء نمو بلا تشغيل ، لأن هذا النمو سيؤدي إلى انتشار الفقر و ازدياد حدته ، و انخفاض مقدار الاختيارات و الفرص التي تسمح بمعيشة أفضل .
فالهدف في النهاية هو إعداد و بناء الإنسان المتكامل ، و تنمية طاقاته من خلال مجتمع يؤمن بقيمة الإنسان ، و يوفر له كل ما يحاجه ،و يفسح له مجال أوسع من حرية الفكر و الإبداع ،و توظيفا أكثر فعالية يلاءم إمكاناته و قدراته .

سابعاً : الخاتمــة .
لقد ارتبط مفهوم الإصلاح الاقتصادي عادة بالسياسة الاقتصادية الليبرالية و الخصخصة ، و تخلي الدولة عن بعض مسؤولياتها الاجتماعية ، و إتباع سياسات مالية صارمة للحد من الإنفاق الحكومي ،و خفض التضخم و العجز . و هذه وصفة صندوق النقد الدولي ، حيث تحولت إلى الطريق الوحيدة حسب ما ذهب إليه البعض للإنقاذ من التخلف و الأزمات الاقتصادية في دول العالم الثالث. وساد الزعم بأن المكاسب الاجتماعية لهذه الوصفة السياسية ستفوق خسائرها ، و أن ثمة إجراءات لزيادة فرص الوصول إلى قروض الائتمان للصناعات الصغيرة أو التدريب و إعادة التأهيل .
لقد ظل الاقتصاد السوري تحت الإشراف المباشر للقطاع العام الذي استمر لمدة أربعة عقود ، أساس القاعدة الإنتاجية و ملاذ اليد العاملة ،و مختلف شرائح الموظفين الذين يزيدون على المليون و ربع المليون . و الاقتصاد السوري يحتاج إلى الإصلاح في ظل السياسات الاقتصادية التي ترفض الدخول في آليات السوق بشكل سريع . و تتبع سياسة التعددية الاقتصادية و التعاون و المشاركة بين جميع القطاعات . و تجري اليوم محاولات للمضي في سياسات الإصلاح التي يمكن أن نصفها بأنها أكثر تكاملا من السابق. و دخول الاستثمار في سوريا بشكله العربي و الأجنبي، كل ذلك يزيد الأمل في نجاح خطوات الإصلاح في المستقبل.


هوامش البحث :
1- الاستعراض السنوي لمنطقة الاسكوا ، 2004 ، إصدار عام 2005 ، ص 34 .
2- صندوق النقد الدولي ، نشر منظمة الاسكوا ، ص 31، 2005 .
3- تحليل الاقتصاد الكلي السوري ، هيئة تخطيط الدولة ، ص 77 .
4- حٌسب الرقم من قبل الباحث بناء على أرقام الناتج المحلي للفترة المذكورة .
5- الاقتصاد الكلي : تحليل هيئة تخطيط الدولة ، ص 36 ، 2005 .
6- إحصائيات المكتب المركزي للإحصاء عن سوق العمل ، 2004 .
7- الفقر في سوريا ، هبة الليثي ، بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة ، 2002 ، ص 12 .
8- المرجع السابق ، ص 12 .
9- راجع في هذا الخصوص كتاب المالية العامة ، د. علي كنعان ، دار الرضا ، ط1 ، 2000 .
10- تقرير المفوضية الأوروبية ، نيسان ، 2002 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 3-5-2024 بالصاغة


.. بلومبرغ: تركيا تعلق التبادل التجاري مع إسرائيل




.. أبو راقية حقق الذهبية.. وحش مصر اللي حدد مصير المنتخب ?? قده


.. مين هو البطل الذهبي عبد الرحمن اللي شرفنا كلنا بالميدالية ال




.. العالم الليلة | -فض الاعتصامات- رفض للعنف واستمتاع بالتفريق.