الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مضايا والفوعة - توصيف في الحالة السورية -

يوسف أحمد إسماعيل

2016 / 2 / 9
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


صورتان من الجغرافية الوطنية السورية لم يعرفهما المواطن السوري إلا بدورهما المثمر في التنوع الجغرافي ؛ مضايا بتفاحها والفوعة بزيتونها . وحين نَظّم الحراك الثوري السلمي أولى احتجاجاته لم يشكل ساحتين متنافرتين فيهما ، وكل مؤشرات الإرهاصات السابقة لـ 2011 تشير إلى أن " الشعب السوري واحد " ولم تكن الفوعة تريد العبودية ومضايا تريد الحرية أو العكس ! حتى في أدبيات الجغرافية السورية ذات الخصوصية الطائفية أو الدينية وكذا في الوعي الاجتماعي الوطني بشكل عام ، لم تكن هناك عبادة للفرد إلا في غريزة البقاء عند المتماهي مع الدكتاتورية ، وهنا لا نستطيع التعميم ولا بد من التخصيص ، والتخصيص المرتبط بالأفراد وليس الجماعات .
وحين تم الانقضاض على الحراك السلمي المدني ، وهيمن السلاح على الجغرافية السورية فرضت البندقية منتجها اللاوطني واللاأخلاقي وخطابها الطائفي والتخويني، فبرزت في الإعلام مضايا السنية والفوعة الشيعية ؛ هذا يسلط الضوء على معاناة مضايا دون أن يذكر الفوعة، وذاك يسلط الضوء على معاناة الفوعة دون أن يذكر مضايا، على الرغم من أن المحاصر والجائع والمقتول في كلتيهما هو المواطن السوري .
ماذا أقول لصديقي من الفوعة ؟ وماذا أقول لصديقي من مضايا ؟ وانا الذي لم أنتبه ، معهما ، يوما لطائفتي أو طائفتهما ، هل أحوّل بوصلة العداء من إسرائيل إلى الفوعة أم إلى مضايا ؟ ! فكرت بكل ذلك بسرعة ، بل فكرت أيضا حين بدأت الكتائب الإسلامية ، وقد وضعت بعض أصابعها في حلب ، بالحديث عن الجزية ،فكرت بمكونات مكتبي في جامعة حلب ، فلم أجد غير الشعور بالرغبة في العدل والحرية !
هناك الكثير معي ممن اندهش واستغرب وضحك من عملية التفكيك الهمجية لإعادة الخطاب البدائي للحضارة الإنسانية ، حيث العودة إلى الجماعة الضيقة بوصفها كتلة تلغي وجود الفرد واستقلاليته .ولكن الدهشة تزول حين ندرك أن همجية التفكيك وتسويق خطابها نتاج الاستبداد والتطرف والعنف المهيمن الآن في الشرق برمته، ونتاج الديكتاتوريات العسكرية أيضا القائمة في المجتمعات الاثنية بشكل خاص ، فكل منها تعمل لأجندتها الخاصة . الأولى ، الجماعات السلفية ، تبحث عن تحقيق منظورها الأحادي والإقصائي للحياة واحتكار الحقيقة ،والثانية ، الدكتاتوريات العسكرية ، تعمل على الإفادة من كل ما يمكن أن يفعّل بالباطل لصالح هيمنتها وتثبيت وجودها السلطوي ، بغض النظر عن إيمانها بأهمية انتمائها الإثني ، لهذا المكون أو ذاك
ولذلك حين حوصرت مضايا من قبل النظام، تمّ التعامل معها على أساس أن كل من فيها هم من المسلحين الإرهابيين، واستغلت في المقابل الكتائب المسلحة في محافظة إدلب الفرصة لتحاصر الفوعة على أساس انها تجمّع للمقاتلين الطائفيين، ولم يكن فيها يوما مواطنا سوريا مدنيا ؛ وبين المسلحين والنظام دفعت كلٌ من مضايا والفوعة هويتها الوطنية ثمنا للارتزاق على السلطة، حين عمل كل طرف على تجيير المكونات الاجتماعية لصالح خطابه القمعي .
ولكن المفارقة التي تثيرها مواقف الأطراف المتصارعة ، هي في القدرة على تعميم خطابها الهمجي التفكيكي البدائي وفرضه على وعي الناس، فهل لذلك علاقة باللاوعي الجمعي الذي يشد الفرد إلى مكوناته الثقافية الخاصة كالجماعة والقبيلة والعائلة والطائفة ؟ أم أن هشاشة القدرة على امتلاك الوعي الموضوعي للواقع هو السبب ؟ أم يعود الأمر إلى استفزاز غريزة العداء للآخر في لحظة تحاصرك بالبحث عن انتماء نسيته ولا دور لك فيه ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر


.. عمر باعزيز عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي




.. ”شكرا للمتظاهرين في أمريكا“.. هكذا كانت رسائل أطفال غزة للجا


.. شعارات المتظاهرين الداعمين لغزة في جامعة كاليفورنيا




.. بدر عريش الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي في تصر