الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فشل السلطة في امتحان الانسحاب

علي أبو خطاب

2005 / 11 / 14
القضية الفلسطينية


فشلت السلطة الوطنية الفلسطينية في أول امتحان أمني لها بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، فمنذ الساعات الأولى للانسحاب ورغم تواجد جنود السلطة المكثف في محيط المستوطنات السابقة إلا أنها لم تستطع أن تمنع تدفق رجال الكتائب من الفصائل المختلفة والجمهور أيضاً، كما أنها لم تستطع أن تمنع تدفق جمهور قطاع غزة على الحدود المصرية تعطشاً نحو الانطلاق والحرية، فانكسرت الحدود تحت أقدامهم.
كانت السلطة قد جهزت نفسها قبل الانسحاب بأسابيع وكان ثمة شبه تنسيق مع الجانب الإسرائيلي لتأمين خروج المستوطنين والجنود الإسرائيليين وفي الوقت ذاته تأمين المواطنين الفلسطينيين من أي مخلفات قد يكون تركها الاحتلال خلفه عمداً أو من غير عمد. إلا أن الجمهور الفضولي الغزي اقتحم المكان بقوة ورغماً عن جنود السلطة وأول المقتحمين طبعاً كان رجال المقاومة الشعبية وكتائب شهداء الأقصى بمختلف أنواعها التابعة لحركة فتح وكتائب عز الدين القسام التابعة لحركة حماس وكتائب سرايا القدس التابعة للجهاد الإسلامي. وقد حالف الفلسطينيين الحظ فرغم عدم اكتمال تأمين المستوطنات لهم من قبل السلطة إلا أن الأيام مرت دون أن ينفجر لغماً في مستوطنة هنا أو جسم غريب في مستوطنة هناك. وحتى بعد مرور هذه الأيام لم تستطع السلطة فرض سلطتها الكاملة على المستوطنات السابقة، فما زال الفلسطينيون يمرون فيها كيفما شاءوا. كما أن سرقات كثيرة حدثت فمن المناظر المتكررة كانت السيارات والناقلات وحتى عربات الحمير والبغال التي حملت أسلاك وأخشاب وقرميد وبلاستيك وأنانيب معدنية وغيرها من بقايا الخراب الذي خلفه الاحتلال في المستوطنات.
وبعد الانسحاب المفاجئ عن المعبر الذي كرر الإسرائيليون أنهم لن يتركوه أو على الأقل لا بد من وجود طرف ثالث فيه – بعد كل هذا لم تستطع السلطة وفق تدفق سكان القطاع الذين انطلقوا إلى رفح المصرية ثم العريش خاصة فئة الشباب التي تعاني البطالة والفراغ والكبت، كم أن الاحتلال كان يمنع خروج الفلسطينيين الذين تقل أعمارهم عن 35سنة، مما جعلهم يعيشون حلم تخطي الحدود والسفر إلى أي أرض أخرى بعد سنوات من السجن الكبير. أضف إلى هذه الفئة العائلات المنقسمة بين غزة وسيناء أو بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية، وهناك الكثير من الحكايا التي يعجب لها الإنسان والتي جمعت بصدفة لا تصدق بين الزوج وزوجته وبين الشاب وأهله وبين الأب وابنه، خاصة أن الآلاف من الفلسطينيين في مصر جاءوا إلى غزة بتصاريح زيارة ولم يعودوا، فظلوا دون هوية لغزة ودون إقامة بمصر، فوقعوا بين المطرقة والسندان. كما أن هناك التجار الذين انتهزوا هذه الفرصة لشراء البضائع المصرية الرخيصة وبيعها بأضعاف الثمن في الأسواق الغزية. ولا ننسى تجار الممنوعات من حشيش وسلاح الذين استغلوا هذه الفرصة أيضاً وقد قبضت السلطة على بعضهم أثناء محاولة تهريب نصف طن من المخدرات. وقد وجهت السلطة نداءً لجمهورها الفلسطيني بالحذر من تجار المخدرات والسلاح الذين هربوا الكثير منه في الأيام السابقة. وللآن لم تستطع السلطة فرض سيطرتها الكاملة على معبر رفح حتى أنها تطالب بإعادة ترسيم الحدود بين مصر وفلسطين وإعادة ضم رفح المصرية لقطاع غزة كما كانت قبل الـ67 وذلك لحل هذه القضية الشائكة.

ما هي أسباب فشل السلطة؟
لن نبرر هنا للسلطة فشلها الذريع في هذه القضايا، فهي لم تكن مستعدة بشكل كافٍ لأسباب تخص تنظيمها العسكري والأمني، فالهيبة التي فقدتها أثناء انتفاضة الأقصى لم تعد لها حتى الآن كما أن الانسحاب الإسرائيلي المفاجئ كان له دور في عدم استعداد السلطة، فقد سبقها الأهالي في كثير من الأماكن، ولا ننسى أن عدد الجنود المصريين المنتشرين على الحدود غير كافٍ لمنع الآلاف التي تدفقت على الأراضي المصرية، وطبعاً من غير المسموح زيادة عدد هذه القوات حسب اتفاقية كامب ديفيد، فحتى هذا العدد الضئيل الذي تم جلبه تم باتفاق مصري إسرائيلي.

وأخيراً ليس لنا إلا أن نسأل إلى متى سيستمر مسلسل فشل السلطة في امتحاناتها الأمنية؟ ليس في المعبر والمستوطنات فقط بل وفي قضايا القتل التي تقيد ضد مجهول وفي قضايا خطف الصحافيين الأجانب وغيرها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : أي دور للمثقفين والنجوم؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مذيعة CNN تواجه بايدن: صور الأطفال في غزة مروعة وتكسر القلب.




.. تغيير العقيدة النووية الإيرانية.. هل تمهد إيران للإعلان الكب


.. المستشفى الإماراتي ينفذ عشرات العمليات الجراحية المعقدة رغم




.. الصين تتغلغل في أوروبا.. هل دقت ساعة استبدال أميركا؟| #التاس