الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموقف السوفيتي تجاه قيام اسرائيل، البراجماتية على حساب الأيديولوجيا

محمد خالد الدلكي

2016 / 2 / 11
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


كثيرا ما يتحامل البعض على الماركسيين معتمدين على حدث تاريخي عفا عنه الزمن الا و هو تصويت الاتحاد السوفيتي بتأييد قرار تقسيم فلسطين في حدود ال48، مشيرين إلى اتهام تافه مفاده تلاقي كل من الشيوعية و الصهيونية من حيث المصدر، و هذا الادعاء لا ينم الا عن جهل منقطع النظير بالماركسية، فقد اوضح لينين في مطلع القرن العشرين موقف الثورة العالمية من الحركة الصهيونية بوصفها مشروعا برجوازيا قوميا متصلا اتصالاً حيوياً باللوبي الصهيوني المتنفذ و المتحكم بالدرجة الأولى في صميم المنظومة الرأسمالية العالمية، و يستمر لينين بقوله حيث يشير إلى ان مشروعاً مماثلاً لن يؤدي الا لمزيد من الانقسام بين ابناء البروليتاريا العالمية. و هذا الشرح التام يؤكد على البعد الكلي بين كلا التيارين اي الشيوعية (الأممية)، و الصهيونية (القومية). و تستمر الإتهامات المبتذلة بقول المتحاملين على الماركسية بان الحركة الصهيونية تمتعت بطابع اشتراكي، و هنا نرد بان الحزب النازي بقيادة ادولف هتلر تميز بذات الطابع و لكن باطار قومي تماماً كالحركة الصهيونية، فنجد ان كلا التيارين الاشد عداءً للشيوعية يتشاركان ذات السمات التي انتجت مأساة الامم الاوروبية في حالة النازية، و الشعب الفلسطيني في حالة الصهيونية.

على العموم فبعد الحرب العالمية الثانية بدأت الامم المتحدة في النظر في الملف الصهيوني و اتخذت لاحقاً بعد جلاء الانجليز قرارا بتقسيم فلسطين، و المثير في الموضوع هو انه و بعد اقرار التقسيم و بموافقة الاتحاد السوفيتي فقد اعترفت الخارجية السوفيتية بالدولة الجديدة (اسرائيل) بعد ثلاثة أيام من قيامها، ناهيك عن تزويد السلاح لمنظمات الهاجاناه و الارجون و البالماخ و الشتيرن من تشيكوسلوفاكيا ضمن عملية (بالاك). ولكن مالذي قد يجعل دولا كالاتحاد السوفيتي و تشيكوسلوفاكيا و التي من المفترض ان تكون معادية للصهيونية و رافضة لمثل هذا القرار تدعم العصابات التي اغتصبت ارض فلسطين و هجرت اغلب شعبها و استوطنت مكانه؟؟
يجاوب احد ضباط المخابرات السوفيتية ال(كي جي بي) ليونيد ميدفيدكو ضمن مقابلة اجراها مع المذيع خالد الرشد ضمن برنامج رحلة في الذاكرة التي تقدمه قناة روسيا اليوم، بأن الاتحاد السوفيتي قد انتهج سياسة (اممية) و (مناهضة للاستعمار) تجاه دعمه لقرار تقسيم فلسطين، مشيراً إلى ان جميع البلدان التي شاركت في الحرب ضد اليهود هي دول تابعة هي و جيوشها بشكل مباشر لبريطانيا، بدليل قيادة الجنرالات الانجليز لجيوش الدول العربية المشاركة في حرب فلسطين، و عليه فقد املت القيادة السوفيتية بان تتشكل دولة اشتراكية في فلسطين تكون بؤرة للنضال ضد القوى الاستعمارية. و هنا اشير لان هذا الموقف هو موقف اولويته الدبلوماسية و ليس الدعم الجدي لقوى التحرر الوطني في البلدان العربية. و بالفعل و كما نوه لينين فقد اتخذت اسرائيل جانب الغرب الرأسمالي، بحكم سيطرة اللوبي الصهيوني على القرار السياسي و الاقتصادي فيها، و هنا اذ يحاول الاتحاد السوفيتي تدارك ما فعل، فقد قام نظام جديد في مصر بقيادة عبد الناصر و قد كان مناوئاً للغرب و ذو نزعة تقدمية كما قام نظام مماثل في سورية تكلل بالوحدة بين البلدين. و بناء على هذا التحالف الجديد بين القوى الاشتراكية و القومية، اتخذ السوفيت جانب القضية الفلسطينية و باشروا بتقديم الدعم الفني و الحربي لفصائل المقاومة. بل و انتشرت في الاتحاد السوفيتي موجة عارمة من معاداة الصهيونية لدرجة اتخاذ الحكومة السوفيتية الحيطة والحذر تجاه اليهود في الاتحاد السوفيتي
حيث تم ابعادهم عن المناصب الحساسة و منعهم من الهجرة إلى فلسطين. و ضمن موجة العداء السوفيتي للصهيونية برز الكاتب السوفيتي (يوري ايفانوف)، و الذي اوضح و بمنتهى الدقة اساليب الصهيونية و المؤسسات و الدول التي تدعمها، واصفاً اسرائيل بكلب حراسة الاطماع الامبريالية في الشرق الأوسط الى جانب كل من ايران و تركيا.

ان وصف الماركسية بانها الوجه الاخر للصهيونية قياساً على موقف تاريخي محدد لهو قمة الفقر المعرفي و عاطفية الطرح، فلا احد ينكر دور المقاتلين الشيوعيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي حتى اللحظة، بالاضافة للاختلاف الصارخ من ناحية الاساس النظري فلا اجد ما هو اسطع من الفرق بين الشوفينية الدينية الصهيونية، و الأممية الاشتراكية الشيوعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليسوا بلهاء ليأملوا بدوله اشتراكيه
عبد المطلب العلمي ( 2016 / 2 / 12 - 09:36 )
كان هم السوفييت هوالحؤول دون دخول الامبرياليه إلى الصراع واستخدامه أداة لقطع طربق التحرر والتطور أمام شعوب المنطقة. لذلك اقترح قبل مشروع التقسيم إقامة دولة ثنائية القومية عربية يهودية في كل فلسطين حينكان العرب اغلبيه عدديه؛ ثم إقترح جمهورية فدرالية تضم إدارتين تتمتعان بالحكم الذاتي إلا أن رؤساء الوفود العربية في الجمعية العامة كانوا لا يرفضون هذه المشاريع فقط بل ويرفضون الإجتماع بالمندوب السوفييتي ؛ وفي الوقت الذي كانوايهرولون إلى الإجتماع بممثلي الدول الغربية الإستعمارية، والتي تجهز إسرائيل كقاعدة لهاتمنع العرب من تحقيق طموحاتهم القومية والوطنية. عندها لم يجد الإتحاد السوفياتي مفرًا من الموافقة على قرار التقسيم والإعتراف بإسرائيل التي سارع الصهاينة إلى إعلانهاوبالدولة الفلسطينية التي إمتنع قادة العرب عن إعلانها املين بضم اراضي فلسطين الى دولهم التابعه عمليا لبريطانيا.العنصرية القومية الدينية لدى العرب هي التي إضطرت السوفييت إلى القبول بقرار التقسيم والإعتراف بإسرائيل مؤملا حل النزاع الإثني حلا نهائيًا دون أن يترك ثغرة تمتد من خلالها يد الإمبريالية لتعبث بالمنطقة وتتحكم بتطورها.

اخر الافلام

.. تونس: الرئيس يجري تعديلا وزاريا مفاجئا ويقيل وزيري الداخلية


.. ما إجمالي حجم خسائر إسرائيل منذ بداية الحرب على قطاع غزة؟




.. بعد فشله بتحرير المحتجزين.. هل يصر نتيناهو على استمرار الحرب


.. وائل الدحدوح من منتدى الجزيرة: إسرائيل ليست واحة للديمقراطية




.. وول ستريت جورنال: أسبوع مليء بالضربات تلقتها مكانة إسرائيل ا