الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق بين -القواسم المشتركة- والأحزاب الإسلامية

عزيز الحاج

2005 / 11 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


إن الأخبار السارة الأولى من العراق هي استمرار ضربات القوات العراقية والحليفة لبؤر الإرهاب الزرقاوي ـ الصدامي. فمن الحدود السورية وإلى ديالي تجري عمليات ضرب وتطهير وتمشيط نأمل أن تكون ناجعة برغم أن الإرهاب لن يتوقف كليا ولأمد آخر.
هذا الجانب السار من الوضع العراقي هو الذي لا يعجب مبعوث الجامعة العربية للعراق حين يطالب بوقف تلك العمليات، ويسمي المجرمين القتلة ب"الإخوان"! السيدان عمرو موسى ومبعوثه يعلنان أن هذا سيساعد على جو "المصالحة" وشرط لنجاح المؤتمر الذي تريد الجامعة تنظيمه باسم المصالحة في العراق. إنهما يدعوان " الإخوان العراقيين" لإيجاد "قواسم مشتركة" بينهم". لكن أية "قواسم " يا ترى مع حملة السلاح المجرمين؟!!
لا أحد كما اعتقد يرفض جر كل العناصر الوطنية للعملية السياسية، وحتى معارضين لديهم اجتهاداتهم السياسية الخاصة. أما أن يكون المسلحون القتلة وحتى الزرقاويون منهم جزءا من مؤتمر المصالحة فذلك في رأيي خطيئة كبرى بحق ضحايا الإرهاب وبحق العمل السياسي الديمقراطي.
لا شك عندي في أن سوء أداء حكومة الجعفري وفشلها يلعبان دورا كبيرا في التشجيع على فكرة مصالحات خطرة من النوع الذي يريده السيد أمين الجامعة العام. إن الاتجاه الطائفي للسيد الجعفري ولحلفائه في "الإتلاف"، وتساهلهم الفاضح مع التغلغل الإيراني واسع النطاق في الجنوب وفي سائر الشؤون السياسية العراقية، يخلقان لا محالة مخاوف مشروعة لدى قوى وطنية أخرى حريصة على هدف الديمقراطية وحقوق المرأة وفصل الدين عن الدولة. إن الانتهاكات الكبرى التي تمارسها المليشيات والتنظيمات في البصرة والجنوب تذكرنا مع الأسف بممارسات النظام الفاشي المنهار. إن سوء الأداء والتصرف هذا قد أعطى مزيدا من الحجج ،[رغم أن حججهم لا تنتهي!!]، لأعداء الديمقراطية في العراق. وليس مستبعدا أن هذه السياسات ستثير الولايات المتحدة والدول الغربية التي تضع اليوم في رأس أهدافها مكافحة التطرف والإرهاب الإسلاميين، وتعارض بشدة المشروع النووي العسكري الإيراني. فلنتذكر ما جرى لانتفاضة مارس 1991 عندما تخلت أمريكا عن مناصرتها بعد أن كان بوش الأب هو الذي دعا شعبنا للثورة على صدام. كان سبب التبدل في الموقف الخوف المشروع من امتداد النفوذ الإيراني ليشمل العراق حيث تدخل الحرس الثوري وحيث رفعت شعارات طائفية صارخة وجرت ممارسات دموية مدانة وارتفعت لافتات بتمجيد الخميني والدعوة لولاية الفقيه. وإنه لمن أكبر الخطايا بحق العراق وشيعته خاصة هذه الميول المستشرية لاعتبار كل نقد وإدانة لإيران عدوانا على شيعة العراق. لقد كان خاطئا في رأينا ان يسكت السيد الجعفري عندما طلب خامنئي في المقابلة بين الاثنين بأن يكون الدستور العراقي إسلاميا. وإذا صحت التقارير عن وضع إيران خطوطا حمراء على الدكتور علاوي، وأنها تزكي الدكتور الجلبي لمنصب رئيس الوزراء المقبل، فذلكم هو منتهى التدخل الفظ في الشأن العراقي. وكم كنا نتمنى من الأخ الدكتور الجلبي أن يعلن عن تكذيب الخبر المذكور حول دعمهم لترشيحه، بل وتمنينا مخلصين لو لم يبدأ جولته الأخيرة بزيارة إيران. في رأينا أن الخبر الذي نشر ولم يجر تكذيبه إساءة للدور الوطني المهم الذي لعبه الدكتور الجلبي في التسعينات في لَمْ شمل المعارضة وفي العمل ضد النظام البعثي المنهار ورفع شعارات الديمقراطية والعلمانية.
إن الآلاف من البعثيين السابقين يشغلون الوظائف في مختلف الدوائر وفي العشرات من المراكز الدبلوماسية، وهو من حقهم ماداموا لم يشاركوا في الانتهاكات الصدامية وإن كانوا أكفاء. التحفظ الوحيد عندنا هو توظيف بعض ضباط المخابرات الصدامية في الأجهزة الامنية العراقية زمن حكومة الدكتور علاوي. إن ضباطا سبق لهم العمل في تلك المخابرات وتأصلت عندهم تقاليدها لا يمكن أن يجري تأهيل العناصر البريئة منهم إلا بعد عملية طويلة من إعادة التكوين الفكري والسياسي والمدني، وإلا بعد الاعتراف عن قناعة وإيمان بأن عهد صدام كان موجها ضد الشعب العراقي ومصالح العراق.
أجل، إن مشاركة عناصر بعثية سابقة في أي مؤتمر عراقي وطني أمر مقبول وطبيعي حرصا على توسيع دائرة المنخرطين في العملية السياسية. أما الدعوة لمشاركة القتلة المسلحين الذين نشروا الموت والرعب خلال أكثر من عامين ونصف والذين يذهب ضحاياهم حتى أطفال في عمر الأربعة شهور، فإنها دعوة مشبوهة ويجب على المسؤولين العراقيين وقادة القوى الوطنية رفضها بكل حزم. والغريب أن السيدة رايس وزيرة خارجية الولايات التحدة قالت بمثل هذا الرأي في بغداد خلال المقابلة الصحفية مع السيد رئيس الوزراء. فقد قالت إن مؤتمر المصالحة لن يشمل حملة السلاح ضد الدولة والشعب. إذن فما بال موفد الجامعة وأمينها يريدان إشراك القتلة الفاشيست في مؤتمرهم العتيد؟ ثم لماذا مطالبتهما بوقف العمليات العسكرية ضد الإرهابيين وبينهم مجرمون غير عراقيين. فمنذ متى تكون القاعدة الإرهابية جزءا من القوى الوطنية العراقية؟!!
إن الوضع العراقي لا يزال دقيقا وفي أزمة بسبب الإرهاب الدموي من جهة وبسبب سوء أداء التنظيمات السياسية الطائفية والحكومة. ولا أرى بصيصا من الأمل إلا في اتفاق كل القوى العلمانية الوطنية من ديمقراطية ولبرالية في جبهة انتخابات منذ اليوم وليس بعد الانتخابات كما يقول السيد رئيس إقليم كردستان الأخ الكريم مسعود برزاني. وفي الوقت نفسه نحيي تأكيده على ان الجبهة الكردستانية تجعل من هدف الديمقراطية شرطا لن تتنازل عنه. فنأمل أن تبادر الجبهة قبل الانتخابات لتجميع كل الديمقراطيين واللبراليين المؤمنين حقا بهدف عراق ديمقراطي فيدرالي مدني، ممن ليست لديهم في العمل السياسي من مرجعية غير مرجعية المواطنة ودولة القانون والديمقراطية، مع كل الاحترام للأديان ومراجعها ولحرية الدين والضمير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالفيديو - فيضانات عارمة تضرب بلدة نواسكا الإيطالية


.. الانتخابات التشريعية بفرنسا.. ما مصير التحالف الرئاسي؟




.. بسبب عنف العصابات في بلادهم.. الهايتيون في ميامي الأمريكية ف


.. إدمان المخدرات.. لماذا تنتشر هذه الظاهرة بين الشباب، وكيف ال




.. أسباب غير متوقعة لفقدان الذاكرة والخرف والشيخوخة| #برنامج_ال