الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خِلو الساحة السياسية العراقية من التيارات الثورية

اسماعيل جاسم

2016 / 2 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


خِلو الساحة السياسية من التيارات الثورية / اسماعيل جاسم

قبل سقوط الدكتاتور " صدام حسين " في 9نيسان 2003 كان المهيمن الوحيد والمطلق على الساحة السياسية في العراق تنظيم " حزب البعث " ، ولكن بعد سقوط هذا النظام بقيت هذه الساحة خالية حتى جاء المد الديني المذهبي الطائفي " السني ، الشيعي ، الكردي " الذي ملأ الساحة واستحوذ على قلوب الشباب والنساء وبدأ معه الشحن الطائفي مستوحياً افكاره من تاريخ الفكر الاسلامي المتطرف ، فأشبعت الأجواء بكثير من التأويلات والتفسيرات كل يفتي ويفسر الايات حسب ما تقتضيه مصلحته في التعبئة والتخندق والتجييش ، فأصبحت جميع الأطراف لن يجمعها قاسم مشترك في العيش الكريم وهو العراق ، فضلوا المذهب والطائفة والقومية على العراق وكيانه من التمزق والتشرذم ، فأندلعت مجاميع الذبح والخطف وقطع الطرق في بدايات 2004 بعد أن فقدت كثير من قيادات هذه التنظيمات وهي بالاساس تنظيمات بعثية فقدت الامتيازات والنياشين والانواط والرتب فشكلوا تنظيماتهم الاجرامية في المناطق " السنية " فكان في العراق يطلق على اليوسفية والاسكندرية واللطيفية بـ ( مثلث الموت ) لكثرة القتل والحرق والتفخيخ والخطف فمنعوا الشيعة من الوصول الى كربلاء والنجف ، من هنا انبثق تنظيم جيش المهدي بقيادة الزعيم الديني مقتدى الصدر ردا على هذه التنظيمات ،بدأت تصفيات جسدية وقتل لأهل السنة ورميهم ما يعرف " خلف السدة " حتى انتشرت الجثث المجهولة الهوية في الشوارع والازقة والساحات وبدأ الخطف والسطو وتم تصفية الشباب من كلا الجانبين خاصة بعد حادثة تفجير مرقد الاماميين العسكريين في سامراء 2006، هُجرت عوائل من منازلها وسيطر جيش المهدي على المناطق الشيعية للحفاظ على الشيعة من هجمات التنظيمات المتطرفة ما تسمى " القاعدة " بقيادة ابو مصعب الزرقاوي ، صار التجاذب والتناحر والتخندق واستخدم تنظيم القاعدة السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة والهاونات وغيرها من الاسلحة والحكومة لا تستطيع كبح جماح من تسول له نفسه والتلاعب بارواح المواطنين ، هنا سيطر على الساحة السياسية الموت والمقابر الجماعية ، ولا من وجود حزب ثوري ذو قاعدة جماهيرية لمسك زمام الامور ما عدا الحزب الشيوعي العراقي " اللجنة المركزية " الذي اشترك في مجلس الحكم وكان هذا الحزب لن يترك له وقتا للنهوض والوقوف وتنظيم صفوفه سواءا في زمن النظام الدكتاتوري ولا في زمن التغيير 2003 وللان مازال تشن عليه الهجمات والاتهامات الباطلة مثل الفتوى السيئة الصيت في 8 شباط الانقلاب الدموي العام 1963 " الشيوعية كفر والحاد " كان جميع العراقيين منقسمين طائفيا واثنيا وبموجب هذا التقسيم جاءت الطائفية والقومية " الكورد " ثم برز في هذه الفترة الحزب الشيوعي العمالي الذي لم يقدم اي موقف سوى انه ضد الاحتلال وضد هذه الحكومات التي كان يعتبرها نتاج الاحتلال الامريكي ، كما ظهرت تنظيمات واحزاب اسلامية وتيارات دينية بغياب الاحزاب العلمانية ، بقيت الساحة تعاني من التشرذم والفراغ من هذه الاحزاب وكانت ضحية تشويه الاحزاب الدينية التي تبغضها ولا تسمح لها العمل بحرية مثلما كانوا هم يعملون ، سارعوا الى انشاء فضائيات واذاعات وصحف ومجلات وشكلوا لجانا اقتصادية واستحوذوا على كراسي واصوات البرلمان ، اذن يمكننا القول بأن الاجواء لم توفر بروز احزاب يسارية ولا بروز منظمات مجتمع مدني تعمل بشفافية ، قطعوا عنها التمويل الحكومي وجعلوا هذه المنظمات تعتاش على التمويل الاجنبي الذي لم يلبي طموح هذه المنظمات وبرامجها الثقافية والانسانية في الطفولة والمرأة ، بقيت عبارة عن هياكل خاوية بلا عمل ، اغلب هذه المنظمات اعتزلت العمل المدني لأن العراقيين لم يتثقفواولم يسمعوا ماهو العمل التطوعي وكذلك لم تهيء الحكومة ولا لجان المجتمع المدني في البرلمان اماكن عمل بل اعتمدت منظمات المجتمع المدني على نفسها وهي تدفع اموال الايجارات من جيوب منتسبيها حتى اخيرا عجزت فأغلقت ابوابها ، اما ما تشتكي اليه الساحة السياسية العراقية هو فقدانها من احزاب وتنظيمات قوية وشجاعة لمواجهة التحديات والوقوف ضد مشاريع التقسيم والهيمنة الدينية والهيمنة الامريكية والتدخلات الاقليمية ، بقي العراق ساحة مفتوحة ابوابه وحدوده مشرعة لكل من هب ودب لهذه الدول ولتلك الجماعات المسلحة ، لا اظن ان العراقيين سيدركون خطورة خلو العراق من قوى سياسية فاعلة واللوم على المثقفين والاكاديميين والادباء والشعراء والقوى المدنية ان وجدت ، ولكن الان يشكو العراق من صراعات عشائرية وقتال مع داعش وفساد استشرى في المؤسسات الحكومية وسيطرة الاحزاب الدينية على المشهد السياسي ، شعب لن يجني من التغيير سوى التهجير والنزوح والاغتصاب لبناتنا الازيديات بعد اسرهن حتى اقاموا لهن اسواقا في الرقة السورية والموصل والفلوجة وغيرها من المدن العراقية المغتصبة من قبل تنظيم داعش الارهابي لا يخفى علينا ان قيادات هذه التنظيمات الارهابية في العراق هم قيادات عسكرية بعثية لها جذور فاشية ولذلك اعمالهم الدموية لا تقل اجراما ما حدث في شباط 1963 و1968 وحتى سقوط هذا النظام في 2003.
الساحة السياسية فارغة ليس فيها ما يشغلها من الاحزاب والتيارات والتنظيمات التي تدافع عن العراقيين وتبني مجتمعا عراقيا خال من العسكرة والطائفية والفساد ، ففي الأعوام الأخيرة اخذ الوضع السياسي بالتدهور والانزلاق نحو مجهول لا يعلمه الا الله ، بسبب المحاصصة الطائفية وسيطرت الاحزاب الدينية على مقاليد الامور وعلى جميع مفاصل الدولة السياسية والاقتصادية والعسكرية والامنية ، وهذه الاحزاب امتلكت من الميليشيات والاسلحة لمواجهة اي تغيير يطالبه العراقيون ، فلو تجولت في شوارع وساحات ومقاهي تجد تجمعات شبابية ومجاميع لا تملك هدفا او مستقبلا يضمن لها العمل والعيش والدراسة ، أغلب هؤلاء الشباب قد انصرفوا عن الدراسة لعدم استطاعة عوائلهم على تمويلهم ولا الدولة لديها المشاريع لأستيعاب هذه الفئة التي اصبحت خاملة تسكن المقاهي والطرقات وربما قد يصيبها الانحراف او الانجرار لتشكيل مجاميع سرقة وسطو واعتداء ، اضاف فساد الطبقة السياسية عبئا ثقيلا آخر على معاناة المواطن العراقي نرى كثيرا من الشباب يبيع علب المناديل الورقية وقطع قماش بازة لمسح السيارات واخرين يبيعون كارات الموبايل والعلكة والكيك والشاي وهم يتجولون بين السيارات عدا الاعداد المتزايدة من المتسولين والمتسولات جاءت بعد تخفيض رواتب الموظفين والمتقاعدين وتسريح اصحاب العقود ، تردى الوضع المالي للفرد بسبب سرقات المسؤولين وهيمنتهم على الموارد المالية ، كان المفروض على الدولة تهيئة برامج عمل وتثقيف ونواد رياضية وثقافية لبناء الانسان من الداخل وليس تركه تتقاذه موجات اللهو والتسكع او تجنيده في الميليشيات والشرطة والجيش .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق: السجن 15 عاما للمثليين والمتحولين جنسيا بموجب قانون


.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. هل تنهي مفاوضات تل أبيب ما عجزت




.. رئيس إقليم كردستان يصل بغداد لبحث ملفات عدة شائكة مع الحكومة


.. ما أبرز المشكلات التي يعاني منها المواطنون في شمال قطاع غزة؟




.. كيف تحولت الضربات في البحر الأحمر لأزمة وضغط على التجارة بال